شو بخبرك عن بيت من لبنان !

يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو”
من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟
يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب إنما من كرم وحسن ضيافة أصحابه وأريحيتهم .
في كل بيت من لبنان رفوف لا تتسع لصور الآباء والأحفاد ، ولساكنيه ومغتربيه وصور للبنان بكل مناطقه .
لا فرق بين بيوت لبنان في أي منطقة شيدت بين ساكنيها وضيوفهم ، فهي المشغولة دائماً بالعاطفة والحنان والحب ، والمشرعة أبوابها أمام الأصحاب .. لم تغلق مرة في وجه ضيف أو حتى في وجه عابر سبيل.
في كل بيت لبناني ذكرى لكباره ولكبار البلدة التي شيد فيها ، وكل من قصد بيتاً في لبنان ولو لمرة واحدة أعاد زيارته مرة بعد مرة !
تعرف البيوت اللبنانية على أنها ملتقى الأحرار وعنوان الوفاء ، ويشار اليها بإنسانية أصحابها ، كلما دخلت بلدة تقول أين بيت فلان وتكمل مستشهداً بصفاته وبسيرته الحسنة وبخصاله الحميدة .
كثيرة هي البيوت التي سويت بالأرض بفعل الغارات الاسرائيلية المجرمة التي ما كلت ولا ملت عن تدمير القرى الجنوبية والبقاعية ونسفها دون رحمة منذ أكثر من 30 يوماً.
ومع كل حجر ينهار من حجارة بيوت لبنان تتوقف نبضات قلوب اللبنانيين أينما كانوا في بقاع الأرض وفي أصقاع المعمورة.
المسالة لا تكمن في خسارة البناء والحجر على أهميتها ، بل يبكي الإنسان المفجوع ببيته على ذكريات غالية حملتها هذه البيوت ، وعلى تراث رسمه الأهل والأجداد وجبلوه مع ترابها وحجارتها بعرقهم وكدهم …وبدموع مآقيهم .

في داخل كل بيت ما يسمى ب”الليوان” وهو مصطلح لبناني يشير الى موزع الغرف ، وفي صدر كل “ليوان” أو خلفه ” يوك” يحمل الكثير من الفرش والأغطية الإضافية تحسباً لإستقبال الضيوف فجأة ومن دون موعد ، وفي صدر الليوان غالباً ما ترفع أرزة خضراء ، في إشارة الى هوية البيت ، وحول الأرزة صور علقت لأناس زاروا البيت ورفوف مثبتة عليها لكتب ورسائل الغياب والمهجر ، وخرائط تذكر بتاريخ بناء البيت
كم بيت من لبنان فقد ذكرياته اليوم ؟
اليوم تهدم بيوت لبنان بيتاً تلو الآخر ، وعلى مرأى ومسمع من العالم المتحضر الذي يصم آذانه عن الإجرام !
اليوم نعيش موت ذكرياتنا وعاداتنا ومحواً مبرمجاً لتراثنا
بيت من لبنان و”شو بخبرك عن بيت من لبنان”

إكرام صعب
[email protected]

لمشاركة الرابط: