أطلقت من مقر الأمم المتحدة في نيويورك جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة بعد نجاح تطبيقها على المستوى الوطني خلال عشر سنوات.
وكان وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، قد ألقى كلمة مملكة البحرين نيابة عن الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك البحرين رئيسة المجلس الأعلى للمرأة نقل فيها تحيات سموها وتهنئتها لمعالي السيد “أنطونيو غوتيريس” بمناسبة توليه مهام منصب أمين عام الأمم المتحدة، وتمنياتها له بمسيرة عمل مثمرة كي تواصل هذه المؤسسة الدولية العريقة مساعيها من أجل المزيد من العمل لخدمة الإنسانية، وتحقيق تطلعات الجميع نحو السلام والرخاء ونيل الحقوق دون تمييزِ أو إقصاء.
وجاء في نص الكلمة تأكيد مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، و الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء دعمها المستمر لجهود الأمم المتحدة في حفظ الأمنِ والسلام الدوليين، ومساندة الجهود الوطنية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لدولها، وبما يمكّن الجميع من الإيفاء بالالتزامات الدولية، وتنفيذ أجندات العمل الإنمائية، من أجل عالم أكثر استقراراً وأمناً ورفاه. مع التطلع إلى مساندة أعمال لجنة وضع المرأة على صعيد تحقيق التوازن بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، وذلك في سياق عضوية مملكة البحرين في اللجنة للسنوات الأربع القادمة، وكذلك عضويتها في المكتب التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للسنتين القادمتين.
وأكدت الكلمة إلى أن هذا الاجتماع الموقر بموضوعاته الهامة وبتبنيه لسياسات تؤكد على مشاركة المرأة في الحياة العامة، وعلى وجه التحديد في مجال العمل والتنمية الاقتصادية، ليأتي اليوم ليجدد الالتزام باستمرار جهود البناء في وجهِ التحدياتِ التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم. كما إننا على قناعة أكيدة بأن استمرار النوايا المخلصة والعمل الجاد لهو خير وسيلة لمكافحة قوى التطرف والإرهاب، التي تحارب ما تنادي به الفطرة الإنسانية السليمة من تسامح وتعايش مشترك، وما تطالب به من صونٍ للحريات وحفظٍ للحقوق من أجل إرساء قواعد العدالة وتكافؤ الفرص أمام الجميع. وهذا ما تنتهجه مملكة البحرين بكل جدية، الأمر الذي أتاح الأرضية الصلبة لتنمو مشاركة غير قابلة للتوقف للمرأة البحرينية في جميع المجالات.
وأعربت الاميرة سبيكة في الكلمة عن الاعتزاز بمساهمات تبلغ من العمر ما يقارب المئة عام للمرأة البحرينية، وخصوصاً في مجالات التعليم، والطب والتمريض، والتجارة، والمشاركة السياسية التي بدأت تتشكل ملامحها مع تأسيس أول مجلس بلدي في العشرينياتِ من القرن الماضي. وقد جاء المجلس الأعلى للمرأة، كآلية وطنية مختصة في شؤون المرأة ليستند على هذا الإرث والثراء الحضاري، ولنصل اليوم وبكل فخر بعد خمسة عشر عام من تأسيسه، إلى مرحلة متقدمة من العطاء والمشاركة، وإن كنا نتطلع للمزيد.
وشاركت الحضور الغفير ببعض المرئيات والانطباعات التي رصدها الواقع العملي في البحرين ضمن نظام مؤسسي لمتابعة تقدم المرأة، وفي سياق مجتمعي يضمن لها فرص مشاركتها العادلة والمتكافئة، أبرزها: إن العدالة الاجتماعية تُمثّل بين المرأة والرجل المرتكز الأساسي لتحقيق التنمية الشاملة بمختلف جوانبها. ولا يتم ذلك إلا من خلال دمج حقيقي لمكوّن المرأة بناءً على مبادئ تكافؤ الفرص المراعية لاحتياجات المرأة والرجل على حد سواء، وذلك من خلال وضع سياسات تنموية يقظة وواعية لأيةٍ فجوات تُؤدي إلى هدر نصف الموارد والطاقات البشرية في أي مجتمع، إلى جانب وجود إرادة سياسية مُؤمنة بإمكانيات المرأة، وبضرورة الاستثمار في قدراتها هو عامل نجاح جوهري في مسيرة تقدم النساء، وسبباً لتذليل أهم التحديات المحيطة باستدامة تقدمهن، كما لا يمكن تجاهل أو التقليل من دور الإرادة المجتمعية في احتضانِ ودعمِ المزيد من المبادرات المكملة للدور الذي يتولاه القرار السياسي، بمعنى أن يكون هناكْ توافق وتلاقي بين الإرادتين لتعظيم إنجازات المرأة، كما أنه لا يمكن فصل مسألة تمكين المرأة عن تمكين المجتمع ككل، وقد أثبتت التجربة بأن تبني المجتمع لقضايا المرأة بشكل جمعي بهدف إتاحة الفرص العادلة، وتنويع الخيارات أمامها، سيتيح أمام المرأة فرصة تمكين ذاتها، والتحكم بزمام حياتها، لضمان عائد الاستثمار في قدرات المرأة، للوصول في نهاية المطاف إلى وجود “نساء قادرات ومتمكّنات من النهوض بذاتهن”، كما أنه من الضروري أن تعمل الآليات الوطنية المعنية بمتابعة تقدم المرأة على إعادة النظر في طبيعة دورها وعلاقاتها مع شركائها باستمرار، وذلك لتحقيق الاتزان المطلوب بين دورها في الرعاية، وتوفير الحماية، وحل المشكلات التي تواجه المرأة في حياتها اليومية، وبين دورها كمكون أساسي في مسيرة البناء ونهضة الدول لتتمكن تلك الدول ومجتمعاتها من القيام بواجباتها على أكمل وجه.
كما تم خلال الكلمة الإعلان رسمياً عن انطلاق أعمال جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة والتي سيتم فتح باب الاشتراك في دورتها الأولى خلال هذا العام، تقديراً لإنجازات المؤسسات العاملة سواء في القطاع العام أو الخاص أو الأفراد في دعم ومساندة دور المرأة التنموي، وبما يحقق لها أقصى درجات المشاركة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي.
هذا وقدم معالي وزير الخارجية خلال الكلمة الشكر لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، التي تفضلت مشكورةً بتبني هذه المبادرة النوعية التي بدأت وطنياً قبل عشر سنوات، لتشجيع مؤسسات الدولة على وضع سياسات عمل قائمة على إيجاد التوازن بين العاملين فيها من الجنسين، وتقليص أية فجوات تعطل مشاركة المرأة وتعيق من سرعة تقدمها، مع التأكيد على أهمية توفير البيئة المساندة للمرأة للحفاظ على مكتسباتها في سوق العمل، ولتكون عاملاً مساهماً في زيادة تنافسيته ورفع انتاجيته.
وبين معالي الوزير في الكلمة ما توليه البحرين من اهتمام كبير لمشاركة المرأة في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال وضع السياسات والخطط المناسبة، وإتاحة مصادر التمويل، وتوفير الاستشارات، ومجالات التدريب النوعية، وتأسيس حاضنات الأعمال، وتشكيل لجان تكافؤ الفرص وتطبيق الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة والرجل، مؤكداً أن المرأة البحرينية استطاعت أن تشكل ما نسبته خمسة وخمسين بالمئة في المواقع الإشرافية، وبحضور إجمالي يبلغ ثلاثة وخمسين بالمئة في القطاع الحكومي، وأن تبلغ نسبة حضور المرأة في القطاع الخاص حوالي ثلاثة وثلاثين بالمئة، وأن تصل نسبة سيدات الأعمال في البحرين إلى ما يقارب الأربعين بالمئة.
وفي ختام الكلمة، نقل معالي الوزير تأكيد مملكة البحرين واعتزازها بجهود الأمم المتحدة ممثلة في لجنة وضع المرأة على متابعة تقدم المرأة في كل مكان وليكون عالمنا أكثر أماناً، وطمأنينة، واستقرار، وإنصاف. كما قدم الشكر لللجنة على إتاحة هذه الفرصة السنوية لتبادل الرؤى، والتجارب، والخبرات لصنع حاضر قادر على أن يستديم نجاحاته، ويحدد ملامح المستقبل المشرق الذي نتطلع له، بإذن من الله، لأبنائنا وبناتنا على حد سواء.
إطلاق الجائزة العالمية لتمكين المرأة
وخلال نشاطات إطلاق جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة ومراسم توقيع مذكرة التفاهم بين المجلس الأعلى للمرأة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة التي أقيمت على هامش أعمال لجنة وضع المرأة ال61 ألقت هالة الأنصاري الامين العام للمجلس الأعلى للمرأة كلمة للتعريف بالجائزة، والتمهيد لفتح باب الاشتراك في دورتها الأولى حيث قدمت شكرها الجزيل إلى هيئة الامم المتحدة للمرأة على تبنيها لهذه المبادرة واعتمادها كأحد الممارسات الناجحة والمساهمة في تعزيز مركز المرأة على المستوى العالمي وتحقيق الأهداف الانمائية ذات العلاقة بتحقيق العدالة بين الجنسين، وأشارت الأنصاري إلى أن مملكة البحرين تفخر بإتاحة خبرتها في هذا المجال بعد تجربتها على المستوى الوطني على مدى عشر أعوام وبنجاح طيب استطاعت أن ترصد أثره الإيجابي المنسجم مع أهداف وتوجهات الجائزة الوطنية، ولتكون اليوم مؤهلة لاعتمادها على المستوى الدولي من أجل تشجيع الجهود الوطنية في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، الرامية إلى تمكين المرأة وتفعيل دورها كشريك متكافئ في دفع عجلة التنمية الشاملة المستدامة، واتاحة الفرصة للتقدير الدولي العلني لإنجازات المؤسسات والأفراد في مجال تمكين المرأة، وتعظيم أثر منهجيات إدماج احتياجات المرأة في مسارات التنمية وتحقيق تكافؤ الفرص على واقع تقدم المرأة، ولنشر رسالة للعالم، تنطلق من البحرين، التي تم اختيارها “عاصمة المرأة العربية” لهذا العام، حول ما يمثله دور المرأة في التنمية من أهمية كبرى، وتأثير ذلك على تحقيق الاستقرار المجتمعي الشامل.
وأوضحت الأنصاري إلى أن هذه الجائزة جاءت لتحفيز وتشجيع المؤسسات الرسمية والخاصة والمجتمع المدني، وكذلك الأفراد لتحقيق مقومات التميز والريادة في الجهود المؤثرة والمستدامة بما يحقق للمرأة الاستقرار والتمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والمشاركة في صنع واتخاذ القرار لنهضة مجتمعها.
وتهدف الجائزة التي تم تخصيص ثلاث أفرع لها توزع على الجهات الفائزة وتبلغ 100 ألف دولار لكل فئة إلى بيان أهمية وتأثير التزام الدول والهيئات والمنظمات من خلال أجهزتها التشريعية والتنفيذية العامة والخاصة والمجتمع المدني بسياسة عدم التمييز ضد المرأة، وتحقيق تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل على مختلف الاصعدة، وابراز وتقدير الجهود والمبادرات والمشاريع المؤسسية والفردية الموجهة لإدماج احتياجات المرأة بما يسهم في احداث التغيير الايجابي في واقعها نحو حياة أكثر استقراراً وإنتاجية، بالإضافة إلى التشجيع على تبني منهجية تحقيق الأثر المستدام في تطوير واقع المرأة لتكون قيمة مضافة ضمن إطارها الأسري والمجتمعي، وتحفيز المجتمعات على التفكير والعمل الإبداعي في مجال تمكين المرأة بما يحقق لها ولأسرتها ومجتمعها مزيداً من الأمن الأسري والاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
كما ألقت فومزيلي ملامبو نكوكا مساعد الامين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لهيئة الامم المتحدة للمرأة كلمة أوضحت فيها مدى التعاون بين مملكة البحرين والهيئة في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين على صعيد تعزيز مشاركة وتقدم المرأة، كما ألقى رئيس لجنة وضع المراة بالأمم المتحدة في دورتها ال 61 كلمة أعرب فيها عن الشكر لمملكة البحرين وهيئة الامم المتحدة للمرأة لإطلاق هذة المبادرة التي تستهدف المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والافراد مشيداً بجهود مملكة البحرين في إطلاق هذه المبادره العالمية بالتزامن مع بدء اعمال الدورة 61 للجنة وضع المراة بالأمم المتحده . والذي يسجل في إطار جهود مملكة البحرين وتعاونها مع هيئة الامم المتحدة.
من جانبه، بيّن محمد الناصري المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية في كلمته آليات التقدم للجائزة وشروط ومعايير التأهل للفوز بالجائزة، وتضمنت الفعالية التعريف بالجائزة من خلال عرض فيلم قصير يرصد مسيرة تقدم وضع المرأة في مملكة البحرين، وما تحقق لها من مكتسبات في ظل المشروع الاصلاحي الديمقراطي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ويستعرض بإيجاز المبادرات الوطنية التي كان لها أكبر الأثر في تمكين المرأة وتقدم حضورها، ونجاح الجائزة لتمكين المرأة في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والذي كان الانطلاقة للجائزة على المستوى العالمي، كما تم في هذه المناسبة تدشين الموقع الإلكتروني الخاص بالجائزة وسط حضور عالمي متميز.
كلمة المجموعة العربية
وكانت هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة رئيسة الدورة 36 للجنة المرأة بجامعة الدول العربية قد ألقت كلمة المجموعة العربية “إعلان المنامة” في الجلسة الافتتاحية لأعمال لجنة وضع المرأة في نيويورك بالأمم المتحدة بهدف تنسيق الموقف العربي وتحديد أولويات المنطقة حول القضايا الخاصة بالمرأة في سابقة هي الأولى من نوعها على المستوى العربي.
المصدر_ وكالة أخبار المرأة