خاص – nextlb – عاطف البعلبكي
مشهد 1
سارق أغطية المجاري الصحية قرب محلة الرحاب ، على حدود الضاحية الجنوبية لبيروت يحمل على ظهره غطاءً للمجاري الصحية ” ريغار” يدلل عليه للبيع لبؤر الخردة المنتشرة في المكان ، وعليه وشم إحدى المؤسسات الرسمية كي يصار الى بيعه وصَهره ، وقبله عصابة تسرق أسلاك التوتر العالي النحاسية في عاليه والشوف وتقطع الكهرباء عن بلدات شوفية بكاملها ، إنه التفسخ والتحلل في هيبة الدولة . صحيح أن القوى الأمنية تلقي القبض مشكورة على بعض هذه العصابات الا أن الصحيح أيضاً أن عمليات السرقة مستمرة وبثبات وهدوء عجيبين.
مشهد 2
سرقة ال”ريغارات” والأسلاك الكهربائية النحاسية تتم على مستوى منخفض على يد عصابات صغيرة ، أما السرقات “الدسمة” والتي قد تعجز القوى الأمنية عن ضبطها فهي سرقات “استراتيجية” منها بالدرجة الأولى – وعلى سبيل المثال لا الحصر- سرقة أموال المودعين من البنوك وتهريبها للخارج ، وثانيها ما نعيشه اليوم من تهديد صحي بيئي بعد تفاقم كارثة تلوث نهر الليطاني ونفوق الأسماك في بحيرة القرعون ، وللتذكير فقط أن خطة تنظيف مجرى الليطاني كان رصد لها منذ عام 2016 حوالي 800 مليون دولار ، منها 55 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وقد صرف من المبلغ حوالي 200 مليون دولار على الدراسات والشركات سعيدة الحظ ، الا أن ما نفذ من المشروع منذ عام 2016 لم يتعد العُشر ، مع العلم أنه كان يجب أن يسلم جاهزاً في عام 2023، فلم تُمنع المصانع في البقاع الأوسط من رمي مخلفاتها في النهر لأن أصحابها يبدو أنهم يحظون بتغطية سياسية تستقوي على الدولة ، ولم تنفذ محطات تكرير مياه الصرف الصحي ، فصار ما نفذ من الشبكات يرمي بمخلفات البلدات في مجرى النهر التي تتجمع في بحيرة القرعون دون معالجة ، ومع ارتفاع درجة التحرارة والتفاعل البيولوجي نفقت أطنان من الأسماك في البحيرة ، والأشد والأدهى أن بعض ضعاف النفوس وعديمي الضمير كانوا يقومون منذ عدة أسابيع بجمع الأسماك النافقة عن ضفة البحيرة “على اللس ” وبيعها في سوق السمك لتعُم الكارثة البيئية على المجتمع اللبناني بأسره .
السرقة شغالة على كل المستويات ، من ال “ريغار” الى البنوك الى التلزيمات والصفقات والسمسرات ، وهذه إشارات قوية جداً على ذوبان هيبة الدولة وتفسخ مؤسساتها .
من أَمن العقوبة أساء الأدب … وسرق ونهب !!
[email protected]
عدسة : حسام شبارو