أقف أمام عتبة الوطن فلا أرى وطناً. إنّي لا أرى لبنان ، لأنّ لصوصاً كُثراً إتفقوا على إباحته وسرقته ونهبه ومصادرته والعبث بكلّ قطاعاته والقضاء على إنتاجيته.
أبحث عن لبنان فلا أراه ، لأنّ أولياء الوطن ، تقاسموا بقعة الأرض هذه، وعلى جسدها اقترعوا. ففي حين باع البعض لبنان بثلاثين من الفضّة ، تاجر البعض الآخر من أركان العصب السياسيّ ، بدمه ولحمه، تاركاً ما تبقى من أشلائه المهزومة هناك، في قعر جهنّم، حيث النفق مظلمٌ وحالك ومقفل، وما من طريق . عجباً لطبقة سياسيّة فاسدة ، لا يتحرّك فيها ضمير أمام موت يوميّ مهين وبطيء لوطن بكافة مؤساساته ، ولا تخجل أمام أكثريّة شعبيّة تطالبها بالرحيل . وكرهاً لفئة غبيّة خانعة محكومة تخون الوطن بغريزة الطائفة وآداة الزعيم . وبئساً لحكومةٍ ليست منّا ولا نحن منها. الحقّ أقول لكم دعوا “شرّ” الثورة يفسد “خير” السلطة.
قبل أيّام قليلة من حصول هذه الحكومة الموقّرة على ثقة مجلس النواب، أكتب ما يلي الى الشرفاء الأحرار كتحذير علنيّ صريح ونهائي، لأنّه بعد ذلك لن يكون هناك لبنان ، ولن ينفع الندم.
أيّها الأحرار، إلعنوا الكاذبين الخائنين بينكم ، وفكِّكوا الألغام التي تحيط بخاصرة الوطن، وأزيلوا – رجاءً – الأفخاخ التي تحول دون الهدم والهدم والهدم.
الحقّ أقول لكم ، ليس على الشعب أن يُهاجر، بل على السارقين أن يعيدوا أمواله المنهوبة والمُهرّبة ، وليس على الشعب أن يموت ، بل على من استولى على السُلطة أن يعيدها ، وليس على الشعب أن يجوع ، بل على السلطة أن تطلق ودائعنا المصادرة وتوقف تدوير الصفقات وترف السرقات. الحقّ الحقّ أقول لكم بماذا ينفع الترميم إذا كان الأساس باطلاً ومهترئاً.
أيّها الأحرار، تطرّفوا بإيمانكم بلبنان وآمنوا بحقوقكم ، آمنوا بصرخاتكم. آمنوا بأحلامكم ، آمنوا بمستقبل أولادكم ، فعلى هذه الأرض ما يستحق الثورة.
أيّها الأحرار آمنوا أوّلاً وأخيراً بلبنان ، وآمنوا خصوصاً بأنّ الثورات خُلقت لتجهض الجوع والفقر واليأس والظلم والقهر والعنف والإستبداد.
أيّها الأحرار، آمنوا بقدرتكم على تحقيق المستحيل ، وإيّاكم إيّاكم أنّ تتركوا منفذاً لليد المسمومة للتحكم بمصيركم . أتعرفون لماذا؟ كي لا تصبح أحلامنا مجرد رغيف خبز !
الحقّ الحقّ أقول لكم، أن علينا أن نستخدم الوقت بحكمة، وأن ندرك أن الوقت حان لفعل ما هو حقّ ، والثورة حقّ ، فإيّاكم أن تستسلموا أو ترضوا بنصف حقّ ، لأنّ النصف هو ما يجعلكم غرباء في وطنكم، وهو ما يجعل وطنكم غريباً عنكم ، لبنان الغد لكم والإحباط ليس قدراً فإستعيدوا لبنان الحلم على طريقة جايمس بوند ليس إلاّ .
*سيندي أبو طايع
إعلامية لبنانية
الآراء الواردة في النص تعبر عن رأي كاتبها .