سواتر ترابية !!
أن تنام على رائحة اشتعال الإطارات ” دولاب الدولار ” وأخبار قطع الطرق يقاطعه هجوم شرس لذاكرة مخزنة للكثير من مشاهد الرعب والقتل في طفولة عاشت ما عاشته من ألام القتل والحرب الضروس وتستفيق على عبارة “سواتر ترابية” تقطع الطرق فهذا بلا شك أكثر من كابوس “يا ساتر يا رب” .
يعيش اللبناني اليوم بكل طوائفه وفئاته وشيبه وشبابه أياماً وساعات مقلقة ليس من الوباء الذي يغزو العالم فحسب ، إنما من ويلات ظروف إقتصادية صعبة يخشى ما يخشاه أن تتحول في لحظة من اللحظات الى ظروف أمنية وسط أخبار تدس من هنا ومن هناك عبر المحللين والمخبرين من أن مظاهر الفلتان الأمني قد تطل برأسها !
واليوم وبعد تداول عبارة ” السواتر الترابية” ، لم يبق للبنانية مثلي عاشت ويلات الحرب الأهلية لعشرات السنين ومثلها كثير من اللبنانيين الا الخشية من تكرار المشاهد نفسها التي لم تفارقها في الأصل ، تلك المشاهد الأليمة التي حولها الزمن الى “تروما” اختبأت في النفس حتى أنهكتها وتركت فيها ما تركت من أوجاع !
ماذا يعني لجيل عاصر حرب لبنان أن يستمع لأخبار عودة الفلتان الأمني الى الطرق ؟ وكيف بمقدور هذا الجيل أن يتحمل أزيز أصوات الرصاص ولا قدر الله أوعودتها الى الشارع ؟
ومن يقف خلف نشر هذه الأخبار ؟
هل يدرك من يدير دفة الشارع اليوم والحاكم بأمره من تيارات وأحزاب ورؤساء أن جيلاً عايش حرب لبنان ونجا من الموت وكتب له أن يعيش بعدها ، لم ينج من تداعياتها ولا يمكنه مقاومة “الآتي الأعظم” الذي تتحدث عنه الصحف ونشرات الأخبار والمولجين بإذاعتها وتسريبها على شاشات التلفزة بنشر تحليلات تثير البلبلة وتبث الرعب في النفوس ، إن مثل هذا الجيل يشكل شريحة كبيرة من الآباء والأمهات في لبنان؟
نعم هناك من عايش الحرب ولا يريدها أن تتكرر، يستذكر أوجاعها بحسرة يرويها للأصغر منه سناَ كيلا تتكرر ، وهناك أيضاً من سمع بأخبارها وبيده السلاح ، وربما يرغب بخوض تجربتها على أرض الواقع !
الا أن الشريحة الأكبر في لبنان لا تريد الحرب ولا عودة عباراتها ومصطلحاتها عبر نشرات الأخبار ولا مقولة “الآتي أعظم”
جل ما نريده إسقاط عهد شوّه رسالة السلام التي أرساها اتفاق الطائف في لبنان عام 1992 مختتماً معه بصمات الدمار الشامل معلناً الإستقرار فلما الهروب منه اليوم؟
سنوات خلت بحلوها ومرها ولم تستطع أن تمحو من الذاكرة نحيب الأمهات ولا أزيز رصاصات القناص ولا رائحة البارود في غرف النوم ..سنوات دمغت برائحة الموت على الطرق .
لا لعودتها !
بأعلى صوت نصرخ نحن جيل الحرب لا لعودتها … لا للفلتان الأمني بلبنان ، نعم لرحيل عهد الموت والقتل وإسقاط رموزه ، نعم لإحياء اتفاق أرسى صيغة العيش المشترك في وطن النجوم
لا للإطارات المشتعلة ولا وألف لا للسواتر الترابية بين اللبنانيين ،نعم لفتح الجامعات ولنشر الشهادات عالياً في الفضاء وحول العالم ، لا للجوع لا للبهدلة ولا لتفشي الوباء فليرحل هذا المحتل .
نحن جيل الحرب والسلام في جعبتنا أخبار مرّة ومرّها علقم لا لعودتها الى شوارع لبنان ولتجرعها مرة ثانية مع أولادنا
نحن جيل الحرب لا توقظوا في ذاكرتنا ألمها وأحزانها .
[email protected]
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More