إلاّ قديمك ما يفيدك …!

في ظلّ خطر صحي عالمي النطاق وشديد الوطأة على المنطقة العربية ، تحوّل ما يُفترض أنّه عقدٌ من العمل الدؤوب من أجل التنمية المستدامة إلى عقدٍ من العمل العاجل من أجل إنقاذ
الأرواح وإصلاح سُبل العيش ومحاولة إنقاذ ما يمكن انقاذه من من تداعيات عداد وفيات وباء فيروس كورونا .
فإلى أي مدى سيغير هذا الوباء اللامرئي من عاداتنا وتقاليدنا خصوصاً نحن أبناء الشرق ، بعد أن فرض قيوده الصارمة وبقوة على أدق تفاصيل الحياة اليومية والإجتماعية والدينية والتعليمية والمهنية وغيرها الكثير..
لم يخيّل اليك يوماً أن تهرب من طريق لمجرد رؤية من يمر به سواك حتى ولو كان هذا جارك أو صديقك المقرب أو أخاك
ولم يحدث أن تقف من البعيد لترمي السلام على من إشتقت ولمن اشتقت
يكفي أن ترى الجنائز التي باتت تدفن دون وداع ولا مواساة والتي باتت تقتصر على تعليقات على سائل التواصل الإجتماعي وما أدراك ، قد تصير عادة من العادات التي يستسيغها كثيرون لاحقاً .
كثرت المتغيرات وتعددت ولا سبيل هنا لحصرها لكن ثمة مشاهدات لم تعد مألوفة أو قد تشتاق لحدوثها كأن تقول لطفلك صباحاً هيا استيقظ سيصل “الأوتوكار” بين لحظة وأخرى ” لم نتخيل يوماً رؤية تلميذ في فراشه يتابع حصص التدريس
ناهيك عن عدم اللمس والإحساس بالحنين سواء لإبنك واحتضانه أم لوالدتك ووالدك أو لأخيك أو حتى لإمرأتك والعكس صحيح
وسط كل هذه المتغيرات والتي لم نذكر منها الا القليل هنا ، هل ستنصهر عادتنا وتقاليدنا الشرق أوسطية في السنوات اللاحقة والى المدى البعيد بالتقاليد الغربية ؟
سيغادرنا لا محال بإذن الله هذا الوباء ، وستعود الإبتسامة الى الثغور المكممة بالكمامات المزعجة والتي تقطع الأنفاس ، وتعود الفرحة للعيون التي تلتقي الأحبة لتعانقهم .. ستعود إذا قررنا نحن ذلك ، فيما لو بقينا نحافظ على الود ، وعلى الجيرة والجيران ” لو جار سابع جار” وستبقى صبحيات النسوة على الشرفات وعلى طاولات المقاهي ، وستفتح قاعات المواساة بكل فقيد رحل ، وستزف النسوة بزغاريدها كل عروس أو عريس بوجود الأهل والأقرباء والأصدقاء .
يوماً ما سيرحل هذا الوباء وستتأكد أن مقولة “إلاّ قديمك ما يفيدك” لم تكن مجرد هراء ..!
[email protected]
إكرام صعب مقالات للكاتبة

لمشاركة الرابط: