إستوقفتني طويلاً هذه الصورة ، صورة وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحفار الحسن بتعابير وجهها وهي تمسك بيديها بمسدس حربي معطية شارة الإنطلاق لماراتون قوى الأمن الداخلي ، فهذه الصورة التي أعادتني بالذاكرة الى ربع قرن أغرقتني في ضحك عميق على طالبة كلية الإعلام والصحافة في الجامعة اللبنانية يوم تحمستُ للمشاركة في سباق ماراتون أقامته الجامعة بمختلف فروعها في المنطقة الممتدة من الجهة المقابلة لمدينة كميل شمعون الرياضية التي كانت بصمات العدوان الإسرائيلي ما تزال واضحة عليها في بئر حسن ، حيث كانت نقطة الإنطلاق مروراً بمستديرة السفارة الكويتية رجوعاً نحو منطقة الكولا ، ليس هنا بيت القصيد إنما في جو الرعب الذي كان يعيش في داخلي من هول أحداث الحرب الأهلية اللبنانية التي جعلت مني إنسانة لا تطيق سماع أزيز الرصاص لدرجة “الفوبيا” يومها كنت إحدى الطالبات المشاركات في الماراتون ، وبقيت لأسابيع أستعد للحدث نفسياً وجسدياً لكن ، ما لم يكن بالحسبان أن يقف الى جانبي وعلى بعد بضع خطوات مني رجل أمن كان يجهز نفسه لإعطاء إشارة الإنطلاق والتي لم أكن أعرف أنها تتم بإطلاق رصاصة كانت عندي سبباً لموت إنسان في الحرب الأهلية .
..هذه الطلقة التي جعلتني أتراجع مذعورة بسرعة نحو الخلف صائحة بأعلى صوتي من يريد أن يقتلنا هنا ولما الرصاص “ومعقول كون انصبت” ؟ وأنهمرت الدموع من عيني بينما ركضت زميلاتي من خط الإنطلاق الى الأمام وركضت أنا الى الوراء !! مسببة الإحراج لرجل الأمن الذي أطلق النار من جهة ، ومن جهة ثانية لرجال الصحافة والإعلام الذين كانوا ينقلون وقائع الحدث الرياضي على الهواء إضافة الى موقفي المضحك – المبكي أمام أعضاء اللجنة وباقي الزملاء والهيئة الرياضية في كلية الإعلام … واليوم وبعد مرور هذا الزمن تعود صورة إشارة الإنطلاق لتوقظ بي خوفي وكرهي لكل أنواع السلاح ، رغم أن من تطلقه اليوم إمرأة ووزيرة وأكن لها كل الإحترام ، يبقى السؤال الذي عاش معي طوال هذه المدة وجعلني أبتعد عن المشاركة في “الماراتونات” ، لماذا استخدام السلاح الحربي في المناسبات الرياضية ؟؟ فلنستبدلها بإطلاق صرخة “لا للسلاح ولا لأزيز الرصاص ونعم لنثر ورود الإنطلاق نحو حياة بلا صوت الرصاص كي لا يعيدنا هذا الصوت في الإتجاه المعاكس .
إكرام صعب
[email protected]