من بيروت إلى “العُلا” ..رحلة في عمق التاريخ

لأول مرة أدخل أراضي المملكة العربية السعودية ، وتطأ قدمي أرضها فأنا لطالما دخلتها بالفكر حيناً كلما تمنيت أن أزور الديار المقدسة ، وأحياناً كثيرة من خلال أجوائها الفضائية بواسطة الطائرة ذهاباً وإياباً من بيروت وإليها .
قد يكون ذلك تقصيراً مني أو قد يكون بسبب ظروف العمل ، واليوم وربما لحسن الصدف أني دخلتها وكانت محطتي الأولى فيها زيارة الأماكن التراثية فكانت زيارة مميزة الى مدائن صالح التي مر عليها رسول الله ﷺ مذكرا أصحابه بما جرى لسكانها قوم ثمود لما عصوا أمر الله فأهلكهم وصاروا درسا للبشر .
المكان الذي بات بإمكان الجميع القيام بزيارته والإطلاع على معالمه عن قرب ، بعدما أخذ القيمون على المحافظة العهد على أنفسهم بإعادة الإهتمام بالمكان وتسهيل الوصول اليه .
عن زيارتنا الى المملكة سمعنا الكثير وقرأنا العديد من التعليقات منها من انتقد الوفد وآخر من انتقد التوقيت ، وهناك من قال أن الحفل الغنائي أقيم في المدافن المذكورة .
في الواقع لا نية لدي للرد على أي من هؤلاء الكتاب والمعلقين و”الفسابكة” و”المغردين ” فلكل خياراته وبدوري لي خياراتي في احترام ما يقال من قيل وقال .
لعل ما أردت قوله قد لا يعجب هؤلاء ، فبعد ساعات من الزيارة التي لا تزال ترسخ لحظاتها في البال ، نظرا لما لمسناه في الوفد من حفاوة الإستقبال من الجهة الداعية يعجز القلم عن تقديرنا لها ، فتلك الحفاوة أضاءت عتمة الليل الذي نعيشه في لبنان وأعطت شعورا بالإحترام للشعب اللبناني برمته الذي يعيش ظروفا صعبة ومأساوية .
كنا أول وفد رسمي يدخل محافظة “العلا” الجميلة ومن كل الأطياف والطوائف والمذاهب والمراكز : رؤساء ، وزراء ، نواب ، نقباء ، فنانون ، مثقفون وصحافيون .
تنقلنا بحريّة جميعنا خصوصا نحن النساء حيث عوملنا بنفس المعاملة أسوة بزملائنا الرجال ، المعاملة واحدة والإحترام واحد ، لا بل أكثر من ذلك لقد تميزنا بكل الإهتمام وهذا إن دل فإنما يدل على تقدير المملكة للمرأة في شتى الميادين ، وعلى احترامها للشعب اللبناني بكل فئاته وأطيافه ، وعلى فتح باب الزيارات لمدائن صالح ولكل مكان أثري فيها كان مجهولا ، وعلى إقامة النشاطات الثقافية وبث الفرح .
وبمعزل عن حفل الفنانة ماجدة الرومي أو غيره ، فالمهرجان الذي يقام خلال هذه الأيام لم يقم في مدائن صالح كما يذكر على صفحات التواصل هنا وهناك ، بل على مسافة تبعد ما يقارب ساعة من الزمن عنها ، وعلى مسرح أقيم خصيصا للمناسبة بين جبال صخرية تحمل بصمات الهواء الربانية .
هنيئاَ للمملكة على هذا المكان ، محافظة العلا الأثرية ، وهنيئا لنا كلبنانيين أننا كنا بين الضيوف الأوائل الذين زرناها ، وهنيئاَ لنا على ما قوبلنا به من إحترام وحفاوة في الإستقبال ، وهنيئا للأقلام الحرة التي نقلت حقيقة ما رأت ، لم أتخيل يوما بأني سأعود أو عدت يوماً من بلاد وتمنيت العودة لزيارتها كما حصل معي فور عودتي من أرض المملكة آملة زيارتها مجدداً وهذه المرة لزيارة بيت الله الحرام .
شكراً لوزارة الثقافة السعودية ، شكرا لسفارة المملكة العربية السعودية ولشخص سفيرها وليد بخاري ، ويبقى سحر الجبال وأسرارها الغامضة صورة تجول في البال .
إكرام صعب
[email protected]

لمشاركة الرابط: