مع وصول المرأة الى مرحلة انقطاع الدورة الشهرية، تصبح أكثر عرضة للإصابة بترقق العظام نتيجة غياب هرمون الاستروجين الذي يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على بنية العظام. لكن الوقاية من الإصابة أمر ممكن إذا بدأنا ببناء عظام قوية في الثلاثينيات لتحمينا من ترقق العظام في مراحل العمر المتقدمة من خلال طرق وأساليب مختلفة.الأخصائية في الطب النسائي في مركز كليمنصو الطبي الدكتورة نادين مليح عليوان * تحدّثنا عن العلاقة بين ترقق العظام وانقطاع الدورة الشهرية. وفي ما يلي نص الحوار :
كيف يؤثر غياب هرمون الأستروجين على العظام؟
يقوم الجسم بإستمرار بتكسير العظام القديمة وبناء عظام جديدة لتحل محلها، ومن الضروري أن نفهم أن العظام تمر بمرحلة مستمرة من البناء والخسارة. يتم تنظيم هذه العملية بعناية من خلال علاقة دينامية بين خلايا مختلفة في العظام تحت تأثير هرمونات مختلفة منها هرمون الأستروجين.
يلعب الأستروجين دوراً مهماً في الحفاظ على بنية العظام حيث يعزّز نشاط الخلايا المسؤولة عن عملية البناء (Osteoblasts) وكذلك الخلايا التي تبني شبكة صحيحة للعظام (Osteocytes). انخفاض مستويات هرمون الاستروجين ينتج عنه عظام هشّة وضعيفة.
هل يساعد العلاج بالهرمونات البديلة بالحد من ترقق العظام؟
يتضمن علاج (estrogen replacement therapy- ERT) تناول الاستروجين لزيادة مستويات هذا الهرمون في الجسم قبيل انقطاع الدورة الشهرية أو بعدها. ويستخدم هذا العلاج بدائل الاستروجين للوقاية من هشاشة العظام أو تخفيف تقدم هذه الحالة المرضية. يمكن ان يكون علاج الـERT على شكل تناول أقراص يومياً أو لصقة جلدية مرتين أسبوعياً. يمكن أن يشمل العلاج أيضاً تناول هرمون البروجيسترون لحماية بطانة الرحم من تأثيرات الاستروجين.
ما هي الحالات التي تستدعي تناول العلاج الهرموني البديل بعد انقطاع الدورة الشهرية؟
مثلا قد يكون هذا العلاج هو الحل الأمثل لسيدة في بداية أشهر انقطاع الدورة الشهرية وتعاني من الهبّات الساخنة والأرق أو من انخفاض الرغبة الجنسية وهشاشة العظام، وليس لديها سبب طبي يحول دون استخدامه.
لكن من الضروري تفصيل كل حالة لإعطائها العلاج المناسب بعد انقطاع الدورة الشهرية إذ لا يوجد علاج موحد لكل الحالات بل نقوم بدراسة كل حالة على حدة مع الأخذ بعين الاعتبار العوارض الناتجة عن انقطاع الطمث والتاريخ الشخصي والصحي ضمن العائلة فنقوم بعدها بمناقشة الحلول المناسبة مع السيدة لاختيار العلاج المناسب بعد شرح الإيجابيات والسلبيات لعلاج ERT والطرق المختلفة لاستخدامه، مع الإشارة هنا الى ضرورة تحديد مدة العلاج.
ما هي إيجابيات وسلبيات العلاج بالهرمونات البديلة على صحة المرأة بشكل عام؟
في الواقع، إن الفائدة الرئيسية من تناول العلاج التعويضي بالهرمونات (ERT) تكمن في المساعدة على تخفيف معظم أعراض انقطاع الدورة الشهرية بما في ذلك الهبّات الساخنة، التعرق الليلي، تقلب المزاج، جفاف المهبل، وانخفاض الرغبة الجنسية. وكما شرحنا سابًقا، يمكن أن يساعد العلاج التعويضي بالهرمونات أيضاً في منع ترقق العظام والحماية من الكسور. في السابق، كان العلاج التعويضي بالهرمونات هو الوحيد المعتمد لهشاشة العظام، لكن لم يعد الأطباء يستخدمونه على نطاق واسع لهذا الغرض بعد الآن لأن العلماء قد ربطوا استعمال الاستروجين المصحوب بالبروجيسترون بزيادة مخاطر سرطان الثدي حيث يمكن أن يترافق العلاج التعويضي بالهرمونات مع زيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان الثدي. ولكن هذا الخطر المتزايد يرتبط بمدة تناول العلاج وينخفض بعد التوقف عن تناوله. لذلك، علينا دائما تحديد مدة العلاج.
بالنسبة لخطر جلطات الدم، تُبين الأدلة أن تناول أقراص العلاج التعويضي بالهرمونات يمكن أن يرفع من خطر الإصابة بجلطات الدم ولكن هذا الخطر لا يزال ضئيلاً ويمكن تجنّبه من خلال اعتماد الجل الهرموني أو الرقع بدلاً من الأقراص.
أما أمراض القلب والسكتات الدماغية، فإن العلاج التعويضي بالهرمونات لا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في حال بدأت السيدة بتناوله قبل عمر الـ 60 عاماً، وقد يقلل من مخاطر الإصابة. يرتبط تناول أقراص العلاج التعويضي بالهرمونات بزيادة طفيفة في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، ولكن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بالنسبة للنساء دون عمر الـ 60 عاماً هو بالمطلق منخفض جداً بشكل عام، وبالتالي فإن الخطر الإجمالي لا يزال ضئيلاً.
هل هناك عوامل تؤثر في زيادة نسبة ترقق العظام كتناول بعض العلاجات ؟
هناك العديد من العوامل الأخرى المسببة لترقق العظام؛ أولاً هناك مشاكل الغدد كالغدة الدرقية حيث أن الإفراز الزائد لهرمون الغدة الدرقية قد يؤدي الى فقدان العظام، ويمكن أن يحدث ذلك في حال فرط نشاط الغدة الدرقية أو في حال تناول الكثير من الأدوية الهرمونية لعلاج خمول الغدة الدرقية. كما يرتبط ترقق العظام أيضاً بفرط نشاط الغدد الملاصقة للغدة الدرقية والغدد الكظرية.
ثانياً، تؤثر العوامل الغذائية على العظام وتزيد من هشاشتها لدى الأشخاص الذين يعانون من انخفاض تناول الكالسيوم نتيجة اضطرابات الطعام.
كما أن التقيد في تناول الطعام بشدة لإنقاص الوزن يؤدي الى إضعاف العظام لدى كل من الرجال والنساء. هذا الإنخفاض يمكن أن يكون نتيجة جراحة الجهاز الهضمي لتصغير حجم المعدة أو إزالة جزء من الأمعاء فيتم بذلك الحد من مساحة السطح المتاحة لامتصاص العناصر الغذائية، بما في ذلك الكالسيوم. كما يمكن أن تسبب أمراض الجهاز الهضمي هذا الانخفاض.
أخيراً، هناك بعض العلاجات التي قد تسبب ترقق العظام مثل علاج الكورتيكوستيرويد. فعلياً، الاستخدام طويل الأمد لأدوية الكورتيكوستيرويد عن طريق الفم أو عن طريق الحقن، مثل بريدنيزون والكورتيزون، يتعارض مع عملية إعادة بناء العظام.
ويرتبط مرض هشاشة العظام أيضاً بالأدوية المستخدمة لمكافحة: نوبات الصرع، ارتجاع المعدة، السرطان، ورفض زرع الأعضاء.
كيف يمكننا بناء عظام قوية في الثلاثينات لتحمينا من ترقق العظام في الخمسينات والستينات؟
هناك طرق مختلفة للوقاية من فقدان العظام، بما في ذلك:
تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين (د).
تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين (د).
ممارسة تمارين معينة بانتظام مثل المشي والركض ونط الحبل.
ممارسة تمارين المقاومة مثل تمارين رفع الأثقال أو تمارين الضغط.
تجنب التدخين والاستهلاك المفرط للكحول.
امتصاص فيتامين (د) بكميات قليلة من خلال التعرض لأشعة الشمس.
الدكتورة نادين مليح عليوان الأخصائية في الطب النسائي في مركز كليمنصو الطبي .
المصدر : the Arab hospital Magazine