لمناسبة الذكرى ال 58 للعيد الوطني الكويتي والـ 28 لتحرير الكويت أقامت السفارة الكويتية في لبنان حفل استقبال حاشد في واجهة بيروت البحرية سي سايد إيرينا حضرها ممثلو الرؤساء الثلاثة ووزراء ونواب حاليون وسابقون ، وسفراء الدول العربية والأجنبية في لبنان ، كما حضر الرئيس فؤاد السنيورة ، ونواب وشخصيات سياسية وإقتصادية وفنانون ورجال الصحافة والإعلام ، ولفيف من العلماء والمفتين ورجال الدين .
وللمناسبة القى السفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي كلمة نوه فيها بعمق العلاقات بين الكويت ولبنان وجاء فيها :
ببالغ الترحاب وبوافر الامتنان نُثمن حضوركم الزاهي الكريم، وبمزيدٍ من الاعتزاز نُكبر مشاركتكم إيَانا احتفالات دولة الكويت بأعيادها الوطنية، استقلالاً وتحريراً. وما بين بذور الأولى وأهازيج الثانية والنهضات المتتالية منذ ذاك ما يستحق التوقّف والتبصُّر، عظَةً وعِبرَة، ومن ثم الوثوب قدماً لما تتسع له الآفاق من أحلامٍ ومُنى ومآلاتٍ طيبة مباركة. أُجدّد الترحيب، لذا أهلاً وسهلاً بكم جميعاً، فبوجودكم نَفْخَر وبحضوركم نَزْدان ونزداد ألقاً.
بُعيد الاستقلال في عام 1961 وعلى بعد أمتار قليلة من هنا، وانطلاقاً من مكتب صغير بحاجياته، كبير بعظيم مقتضياته، وتحديداً في إحدى فنادق العاصمة اللبنانية، كانت غُرّة انطلاق العمل على صعيد التمثيل الدبلوماسي الكويتي في بيروت. جاء ذلك تأسيساً على ما تمّ الاتفاق عليه بين بلدينا ممثّلة برئيس وزراء كل منها في مصيف شتورة. من هناك، توالت الانتقالات إلى شارع فردان، فالرملة البيضاء، وصولاً لبئر حسن، لتُعرف إحداثيات المنطقة وتقاطعها ودوارها بإسم السفارة الكويتية، فترتبط تأسيساً على ذلك بذاكرة ساكنيها وعابريها وقاصديها، ولتكون بذلك امتداداً طبيعياً لجغرافية المكان وملازمةً لطبوغرافيته ومتلائمةً مع محيطه. هي كذلك العلاقة الإستثنائية بِفَرادَتها ما بين الكويت ولبنان والكويت وبيروت، توافقاً وتناغماً وانسجاماً.
نتوافق، لأن المترادفات كثيرة والمتشابهات وفيرة والمقاربات نكاد نجدها في كل حدبٍ وصوب وعلى مُختلف الصُّعُد الشعبية منها والرسمية، الإنسانية منها والفكرية، التنموية الجانب والعلمية المقصد والهدف. نلتقي حين يتفرّق الجميع، لأننا نؤمن بأن لا فُرقة تجدي في زمنٍ لا نملك فيه رفاهية الاختلاف. نلتقي، لأننا نُقِر بأن في التلاقي لُحمةٌ وقوة ومنعة، ونتقي حوادث الأيام ومنغصاتها عبر السمو عليها، لأن الوطن بأهله الأعزاء هو المُراد والمُبتغى.
نتناغم، لإيماننا بأن الفكر يهفو ويدنو لما ينسجم معه، فيستقر ويزهو. لذا نجد بأن دوافع ومسببات التقارب ما بين الكويت ولبنان تزدحم بشواهدِها وملامِحِها. ننسجم، لإيمانِنا بأن زهو الأوطان يكون بالحريّات التي ترتقي بها وتعلو. ننسجم، لقناعتنا بأن صلابة الأوطان تستقر بالثوابت الوطنية والركائز الأخلاقية والمفاهيم الإنسانية والروحية الجامعة. ننسجم، لإجلالنا للعلم لكونه ضمانة الوطن ضد ظلامية الجهل وظلم النفس للنفس ودعوات الاستقطاب والتخندق والتشرذم. ننسجم، لتقديرنا بأنه بالحكمة يتم تطويع معادلات الجغرافيا، فيكون الوطن أكثر اتساعاً وامتداداً من اجحاف التاريخ وتعقيداته وحكم التقاطعات وتشعباته.
وأضاف : اننا اليوم، وإذ نحتفل بالذكرى الثامنة والخمسين للعيد الوطني والثامنة والعشرين لعيد التحرير، فإننا وبموازاة استحضار عطاءات مسيرة وإنجازات قديرة ولمحات وفاء أهل الوطن له، نحتفل أيضاً في بيروت بوصفها عاصمة لبلد عربي شقيق، بمقدوري القول عنه بأنه وعلى امتداد علاقته بوطني كان وفياً للعلاقة المتجذرة المتأصلة بينهما، صافياً في تعاطيه ومودّته، مخلصاً في صون المنجزات، وكريماً في سُبُل تعزيزها، عبر مناخات أقل ما يُقال عنها انها دوماً ذات طابع يفوق ويتجاوز المتعارف عليه دبلوماسياً.
إمتداداً لتلك العلاقة ذات التوصيف المُغاير الخاص، نؤكد بأن الجمهورية اللبنانية الشقيقة ستجد دولة الكويت بذات الموقع المدافع عن سيادة لبنان واستقلاله وعروبته، وكل مساعيه الخيّرة الرامية لحفظ تعدده المتآلف وتنوعه المتناسق ووجهه الحضاري الوضاء. كما ستجدون دولة الكويت معكم في كل مسعى للارتقاء بالعلاقة الثنائية الجامعة، على أسس متماثلة من الجدية السياسية ووحدة الهدف، فالفرص تتعاظم بكل فعل وتوجه نحو الاستقرار والنماء ورُقي المقصد.
وختم :أستسمحكم هنا خاتماً كلمتي هذه، مُباركاً اياكم ولكم ولكل محب للبنان، الانطلاقة المأمولة لهذا البلد الشقيق بُعيد تأليف حكومته برئاسة الأخ دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الدين رفيق الحريري الموقّر.
إن المنشود للبنان وأهله الأوفياء مقرون بتوحيد الوجهة، وتوصيف الخطوة، وديمومة المسير نحو ما تصبون إليه جميعاً، ككيان واحد مستقل، بعيداً عمّا تذهب إليه دعوات التشظي والتمدّد اللامحمود. إن المُنتظر هو يقينكم بدوركم المحوري في النهضة العربية الشاملة، ايماناً وقناعة وتفاعلاً ومبادرة، لتُقابلها وفقاً لتلك المعطيات الاستجابات المأمولة، فتتضاءل أمامها نتيجة لذلك كل التحديات المعلومة منها والمجهولة ، وبذلك يُرتقى بلبنان إلى الآفاق التي يستحق من الحلم المشروع والأثر الريادي، وهو أهل لذلك بأهله الأكارم.
أُجدد تثميني الكبير لمشاركتكم إياناً احتفالات دولة الكويت بأعيادها الوطنية، مبتهلاً إلى العزيز القدير، جل في عُلاه، ان يديم علينا وعليكم أمنه وأمانه، وان يجعل الديار عامرة بالافراح والمسرّات، ويُسدد على الخير الخُطى لكل ما من شأنه رفعة وسؤدد دولة الكويت والجمهورية اللبنانية الشقيقة ووطننا العربي الكبير.
[email protected]