احتضنت جامعة القديس يوسف مناسبة ثقافية مميزة بالامس تمثلت بإصدار كتاب «هُتاف الرّوح ــ شعراء الأرمن» (دار المراد) للصحافية اللبنانية جولي مراد في امسية تراثية -ثقافية اقيمت برعاية رئيس جامعة القديس يوسف الأب والبروفسور سليم دكّاش اليسوعي، وبمشاركة المؤلف الموسيقي غي مانوكيان وفرقته وحضور الوزير السابق إيلي الفرزلي والإعلامي إيلي أحوش، وحشد من المثقفين والشعراء ورجال الصحافة والاعلام
سبق الامسية حفل توقيع للمؤلَّف الجديد اقيم في قاعة بيار أبو خاطر وتخللها كلمات نوهت بالجهود الجبارة وبالاحساس الراقي وبالعمل الثقافي المميز الذي قدمته الكاتبة
قدمت الأمسية الإعلامية رنا بيطار، وحضرها راعي الاحتفال رئيس الجامعة البروفسور الأب سليم دكاش، المطران كيغام خاتشيريان ممثلا كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس أرام الأول كيشيشيان، الرئيس إيلي الفرزلي، الوزير السابق كريم بقرادوني، المطران كيرللس بسترس راعي أبرشية بيروت للروم الملكيين الكاثوليك، وحشد من رجال الفكر والثقافة والمجتمع.
دكاش
استهل البروفسور الأب سليم دكاش الاحتفال بكلمة أكد فيها “أن التراث الأرمني غير بعيد عن عهدة الآباء اليسوعيين، وأن مكتبتهم حافلة بالمخطوطات والكتب النادرة، وتمتاز دار نشر الجامعة بإصدارات شتى عن التراث الأرمني ومراحل الإبادة التي اجتازها هذا الشعب الأبي الذي توزع في اصقاع الأرض، يزرع، ويطعم وينتج رجالا أناروا بفكرهم وعلمهم ظلمات الجهالة، رجال حافظوا على لغتهم وتقاليدهم وأخلصوا لكل وطن احتضن مأساتهم”.
أضاف: “إن الشعر الأرمني عابر للزمان والمكان، فعمره من عمر الأساطير إلى هذه اللحظة، وأن الترجمة فن راق يتيح لنا التعرف إلى سائر الحضارات والثقافات”.
وقال: “صحيح أن لكل لغة عبقريتها، وخصوصا في الشعر، وأن النقل إلى لغة أخرى يفقدها بعضا من جماليتها، لكنني لم أشعر في كتاب جولي مراد “هتاف الروح” بأن هذه الباقة من القصائد هي أشعار مترجمة عن الأرمنية، فهل يعود هذا الأمر إلى مواهب جولي اللغوية أم إلى معهدنا الذي تخرجت فيه جولي وكانت من المتفوقين؟”.
خاتشيريان
ثم صعد المطران كيغام خاتشيريان إلى المسرح ودعا كل من ساهم في كتاب “هتاف الروح” من شعراء وأدباء كانت لهم كلمات فيه ومساهمين ورعاة وعمد برفقتهم الكتاب، ثم ألقى كلمة شكر فيها المؤلفة جولي مراد والناشر الدكتور ميشال مراد الذي اخذ على عاتقه نشر التراث الأرمني إلى العربية، وكانت للأخير كلمة شكر دعا فيها إلى الوقوف دقيقة صمت عن روح الشاعر بيبو سيمونيان والرسام التشكيلي زوهراب.
الفرزلي
والقى الفرزلي كلمة مما جاء فيها: “إن هذا الكتاب الفريد ما كان ليجترح لولا ثلاث:
– قيمة الإرث الشعري الفني الأرمني، وقد خطه جهابذة من أهل الدين والدنيا بدم القلوب، لا بمداد المحابر.
– موهبة مترجمة اسمها جولي مراد، وعشقها تراثا له هوية خاصة وبصمات وشمت على صدر الزمان والخلود أجمل القصائد واللوحات، وقد نقلتها عن الأرمنية بدقة متناهية، ولم تفقدها عذريتها وتأثيرها البالغ.
– إن الشعب الأرمني، وبالأحرى الأمة الأرمنية النابضة بالحيوية والدينامية وركوب المخاطر والأهوال، خرجت أبطالا قهروا الموت بموتهم، كما الذي سمر بالمسامير على الصليب، ودحرجوا الحجر ليتركوا صوتا صارخا في براري الأرض وبحارها وجبالها، لينتصر صاحب حق ويعود إليه ما سلبه، إذ “لن يضيع حق وراءه مطالب”. والشعراء والفنانون الكبار، في أكثرهم، قضوا في ريعان الصبا، فكتبوا باستشهادهم ملاحم خالدة، يوم كان الضمير في إجازة غائبا. ألم يكن على صواب بول فاليري لما قال: “الضمير يملك ولا يحكم”، هذا، إنما يعني أن حكام الجامعة البشرية ماتت ضمائرهم وهي نائمة على فرش وثيرة نومة أهل الكهف”.
أضاف: “نحن والأرمن، بين أرارات السليب وصنين والمكمل حيث الأرز يعانق الغمام والنجوم، وشائج صلات عشنا ونعيش على شفا المذابح والمجازر عبر التاريخ وإلى اليوم، وسنكمل ويكملون المسيرة صوب الحرية والظفر الموعود. لبنان وأرمينيا وطنا الرسالة الإنسانية، في أرارات رست سفينة نوح ليكتمل الوعد بالخلاص، وفي قانا الجليل بداية العهد الجديد وإيذان بفجر جديد للبشر. قال البطريرك يوحنا كسباريان لأحد سياسيينا: “… لقد اخترنا لبنان لأننا هنا في ربوعه نحافظ على أرمنيتنا مع لبنانيتنا الصافية”.
مانوكيان
واختتم الاحتفال المؤلف الموسيقي غي مانوكيان الذي عزف وفرقته موسيقى من التراث الأرمني واللبناني والمصري، في إشارة منه إلى أن الشعب الأرمني يتجذر في الأرض التي يحل فيها، وختم بموسيقى أغنية “حلوة يا بلدي”، فتكاملت موسيقاه مع رسالة كتاب “هتاف الروح”.
“هتاف الروح” كتاب استطاع ان ينقل بدقة متناهية الشعر الأرمني الرائع بأسلوب الكاتبة الأكثر من رائع…
المناسبة توجت الكاتبة والصحافية جولي، الارمنية- اللبنانية، التي تحمل القوميتين بعروقها ونبضها في حفل التوقيع بنظرِ الحاضرين، كل الحاضرين، سفيرة فوق العادة لقدرتها الفائقة المستوى على ترجمة ما أبدع به كبار الشعراء الأرمن بحرفية هائلة، من دون المساس بالإحساس والعمق والجوهر والمعنى والمبنى، فاستحقت تصفيقا تكرر بحماسة شديدة مرات ومرات.
جولي مراد كانت أمس كتلة من أحاسيس، في أمسية طافت فيها الحضارة الأرمنية الراقية بلغةٍ عربية صرف.
و الكاتبة جولي مراد لها تجربة عميقة في ترجمة عيون الشعر الأرمني عبر مراحله المتعددة وشعرائه الذين ينتمون إلى أجيال متتالية. وهي تنقله عن الأرمنية مباشرة.
[email protected]