أن تدخل محالاً للورود وتجد سيدة بعمر الورد تدير المكان ، فهذا يعني أنك دخلت عالماً مبدعاً مزينا بذوق أنثوي ومنسقاً بأسلوب فنّي فتحار أي الورود هي الأجمل ، وتغوص في عالمها وعالم رسائلها ومصطلحاتها وكأنك تغوص في الف باء الأبجدية مع اختلاف بسيط مفاده “أنت هنا في عالم الأحياء “.بين الورود تستقبلك وردة تشبه ورودها الى حد كبير، فتختلط عليك الأفكارأي الورود أجمل ؟ هي أم عالمها المرتب بشكل هندسي متدرج بحسب الألوان تارة ، وبحسب أهمية الإهتمام بالنور والضوء ودرجة الحرارة تارة أخرى .
بالترحيب تتنعم وبأريج الورود وعطورها تتعطر ، وبلحظات تترك ضجيج الشارع لتنتقل الى عالم من نوع اّخر ، من عالم يعج بالألوان السياسية الى اّخر مفعم بألوان الحب والحياة ورسائل العشاق والمحبين ” رسول العشاق سمير المشتاق الورد..الورد”
وأول ما يخطر ببالك عندما تدخل محلا لبيع الزهور، كلام أغنية لها علاقة بالورد فتدندن معها ” الورد جميل ..جميل الورد” تلقي همومك خارجاً وتقول هيا بنا نتعرف الى مهندسة المكان صاحبة الذوق الرفيع والتي سمعت بذوقها قبل ولوجك محترفها المتربع بجماله في قلب بيروت ، هي المهندسة الزراعية إكرام فتح الله التي عرفت عن اسمها على أنه اسم تركي ومحبب لدى الأتراك يطلقون عليه تحببا اسم أكوAKO ونسبة الى ذلك ، تقول فتح الله ، أسميت عالمي هذا .”تستغرق في البحث عن هذه السيدة التي أمضت ربيع عمرها بين ورودها الجميلة ، فتصدم للوهلة الأولى حين تعرف بأنها تركت دراسة الطب في الجامعة الاميركية في بيروت بعد أن أنهت سنوات علوم الأحياء الثلاث ، وحصلت على قبول من كلية الطب فيها ، لتكتشف لاحقاً وقبل فوات الأوان أنها تعشق عالم الألوان ، وتحب كل ما ينبض بالحياة “منذ نعومة اظافري وأنا مغرمة بالألوان ولدي رغبة دائمة بتجميع درجات الألوان وتنسيقها ، من هنا بدأت الحكاية التي أخذتني من عالم علوم الأحياء إلى عالم ينبض بالحياة وكائناتها الحية .” ما جعلني أترك كلية الطب لأنتقل مباشرة الى كلية الهندسة الزراعية في الجامعة عينها ، تقول فتح الله ، وتضيف “أعطيت عمري للورد فأنا أكسب منه الجمال ويجعلني أكثر مرونة وتعلقاً بالألوان ويشعرني بأنني أعيش مع عالم شبابي يحب التجدد ويطلب الإهتمام ، أمضيت أكثر من عشرين عاما مع هذا العالم حتى صرت أفهم حال الزهور، متى تمرض ومتى تعطش ومتى تفرح “.
وعن مصادر استيراد عالمها الجميل والمحبب هذا توضح” غالبية ورودي مستوردة من هولندا ومنها المحلي الذي يزرع في لبنان ، بت أفهم كل أنواع الورد وجديد العالم هذا ، متغيرات الطقس التي بدأ يتأثر بها لبنان “.
وبالنسبة للجمال تقول “هو أمر نسبي ، فالذوق يتكون مع الوقت ومع الخبرة والنقد الذاتي هو أساس مهنتي . أرسم في مخيلتي الشكل المطلوب ومن ثم أنفذه بدءا بإختيار الوعاء واختيار تربته ومن ثم ترتيب الورود والألوان ، وتردف “في عالم الزهور لا وجود للبروتوكولات فلولا مناسبة فالانتين وما اعتاده الجمهور من عشق للون الأحمر ، كنت اخترته باللون ال”فوشيا “أو الأصفر على سبيل المثال فقد اعتدت أن أوفق بين الألوان وفق قواعد الجمال “.
تتحدث إكرام عن حبها لسماع رأي شريحة الشباب والشابات فتقول ” علينا ان نستفيد من هذا الجيل ، فهو جيل الورد ويشبهه كلما فهمناه عرفنا كيف نتعامل معه ، وتشير بيدها نحو نبتتها المفضلة ، وتختم اللقاء الذي قطعه العديد من عشاق الورد فتقول “أنظري كم هي جميلة وناعمة رغم أنها مليئة بالأشواك هي “كاكتوس”المشتقة من أنواع الصبير ، وموجودة في معظم البيوت في لبنان عنها تقول “أتفاءل بوجودها وأعتني بها دون كلل ” .
في عالم الورود الملون بألوان الحياة هذا تتنقل بين الجوري والقرنفل متجة نحو الزنبق بكافة ألوانه تحمل رسالة وأنت خارج من المكان مفادها ، ماذا فعلنا بالألوان؟ علنا نعيد خلطها من جديد في عالم يشبه عالم مهندسة الزراعة اللبنانية إكرام فتح الله .
إكرام صعب