تحت عنوان(الساعة الخامسة والعشرون)حذر الكاتب والأديب الروماني”كونستانتان جيورجيو”صاحب نوبل للآداب العام 1948م من تداعيات التفوق العددي للآلات بالنسبة الى البشر التي يستخدمونها،وتنبأ بعصر يصبحون فيه مجرد عبيد لبروليتاريا الآلات.وعلى لسان(كروغا) مصلح أجتماع روايته:لقد أشرف العالم على دخول ساعته الخامسة والعشرون؛وهي التي لن تشرق الشمس من بعدها ابداً؛والتي لن يحل بعدها يوم جديد؛إنها الساعة التي سيتحول فيها البشر الى اقلية بروليتارية؛عديمة القدرة على التفكير لا وظيفة لها غير إدارة جحافل الآلات وصيانتها وتنظيفها،تسخر فيه الأحاسيس البشرية بمزيد من عناصر الأنحراف الفكري والأخلاقي،يتهم الناس بالتخلف والسذاجة لمجرد رفضهم العبودية للآلات،يذهب المتنبئين بمستقبل ثورة المعلومات والآلات الذكية:أن عصر انشغال الخبراء في اعمال فكرهم لأبتكار الآلات الزكية مهدد بجحافل آلية أكثر قدرة على انجاز المهام الأنتاجية،ثورة يقودها الألكترون.
مضت سنوات طويلة على آخر حديث دار بيننا مع اصدقاء اكاديمين مرموقين في اساسيات التصنيع الفرنسي،عن الثورة التكنولوجية الرابعة بعد ثورات الكتابة وآلات الطباعة والكمبيوتر الشخصي،بتناقضها السريع بالطول الزمني للدورات الأبتكارية، والتقاطع بين المستقبل والواقع في عالم تكنولوجيا المعلومات،والأيام القادمة الحبلى بالإبتكارات والإختراعات،كان ذلك قبل قرار الأمانة العامة للدفاع الوطني بفرنسا بحظر استخدام(بلاك بيري)في قصر الأليزيه ومكاتب رئاسة مجلس الوزراء بعد تمكن الأستخبارات الفرنسية بداية العام 2007 من التعرف على أوجه خطر جهاز(بلاك بيري)بوزنه 150غراماً عندما يبحر بصفحات الويب ويرسل ويستقبل البريد الألكترونيأ أيضاً كموبايل فائق الزكاء وكوسيلة لنسخ أخبار المؤسسات والشركات وأسرارها وارسالها من قبل متواطئين تمر عبر خوادم إلكترونية(سيرفرز)تشرف عليها امريكا وبريطانيا.كانت الأرقام والخطوط البيانية الصادرة عن مراكز متابعة استخدام الأنترنت تصيب المتابع بالغثيان مع ازدياد الصفحات المضافة للشبكة العالمية حتى بلغ التدفق المعرفي اليومي يساوي مجموع ما يطبع في العالم بعام.بالتوازي شقت الثورة الرقمية طريقها بتحويل نمط العمل التقليدي الى مجرد رمز لطريقة الحياة السالفة،حررت العمل من الموقع والمكان.عندما جمع الموبايل وظائف الكمبيوتر الشخصي والهاتف والتلفاز وأحتوى انظمة الملاحة والتوجيه وتطبيقات ووظائف لا متناهية.تسارع إقاع التطور مع بناء (غوغل)برنامجها التطبيقي(سوفت وير)قلبت موازين القوى في اسواق الأنترنت”أندرويد”مبني على اساس(لاينوكس)الخاص بالأجهزة اليدوية بخصائص قابلية تطوير لا حدود لها:فتح الملفات؛تشغيل نظامعبر الأقمار الأصطناعية؛الأفادة من بروتوكول تناقل الرسائل الصوتية عبر الأنترنت.
اليوم يتم التراسل الفوري في القطاعات المختلفة بمزيج الصوت والصورة والنص المكتوب عن طريق الموبايل والكمبيوتر في عالم افتراضي مفتوح على كل الأحتمالات،تاسيس(غوغل)مفعم بالأثارة،لطرائق أبتداع الحلول الرقمية لمشكلات العمل ميداناً لتحقيق الطموحات.ملايين المتصفحين اليوميين بكل لغات العالم،مليارات البحوث والصور والبيانات إنه(محرك البحث الذي يعرف كل شيء عن أي شيء)من اختراع (سيرجي براين و لاري بيغ).تحت عنوان(قصة غوغل)كتب الأميريكي”دافيد فايس”الى ان محرك البحث(غوغل)بقوة تأثيره في زمن العولمة يشبه اختراع المطبعة في القرن السادس عشر وأبتكارها العام 1456م على يد الألماني”جوتنبرغ”يؤكد(فايس)أن المتصفحين للأنترنت يعتبرون(غوغل)امتداداً طبيعياً لأدمغتهم ويستغربون كيف كانت الحياة قبل(غوغل).يقول عميد جامعة ستانفورد وكبير علماء الكمبيوتر فيها(جون هينيسي):”شركة غوغل الأولى عالمياً بتأليف كل من”السوفت وير والهاردوير واستخدامهما”مع نوكيا يمكن صنع موبايل من مواد عالية المرونة كالمطاط الطبيعي قابل للطي وأعادة التشكل.تبعاً لمبدأ النسبية طالما هناك رابحون فهناك خاسرون ايضاً!؟
هناك من تنبا بعصر أنتهاء الحريات الشخصية بسبب سرعة تطور كاميرات الفيديو وحلفائها،زيادة الأمكانات؛تصغير الأحجام لحدود التخفي عن الأعين المجردة؛عندما تخترق أصغر الأمكنة وأخصها من الزوايا المختلفة,اضافة الى تقنيات التنصت على المواد والمعلومات،مع باقة”موبيلات متعددة الوظائف وأجهزة(إم بي3-آي بود-آي فون-اللاب توب)وبالعودة لتفاصيل مقالتنا السابقة تحت عنوان (العالم البديل:ما بعد الحداثة)نستكمل مشهدية زمن السينوغرافيا وسيلان الحروف وتهتك المعاني والكلمات،وصولاً لبلوغ اجيال من الموبايلات المدعمة يتكنولوجيا التمييز البصري المتصلة بقاعدة بيانات زكية يمكن لها التعرف على الشخصية الإعتبارية الإنشائية الموجهة عليها الكاميرا عندما تعمد بطريقة آلية لإستحضار بطاقتها التعريفية من قاعدة البيانات وكتابتها على الصورة بالشكل المناسب في المكان المناسب.ينطبق ذلك على الأفراد والأشخاص عندما تكون صورهم وبياناتهم الشخصية قد أدخلت مسبقاً الى قاعدة البيانات إياها.الثورة الرابعة تعيش صيفها الهندي ولما كان كل ما كان ثورة اصبح قديماً هل يحيلها التاريخ قبل ان تبلغ ساعتها الخامسة والعشرون؟.
(كاتب واعلامي)