نظم معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت مؤتمراً بعنوان “مسؤولية حماية المدنيين: الآفاق الدولية والإقليمية” نهار الخميس الواقع فيه 2017/01/26 في معهد عصام فارس، تحدث فيه كل من البروفيسور في معهد الجامعة الأوروبية د. جنيفر ولش، والبروفيسور في الجامعة الأميركية في بيروت د. بشار حيدر، ومدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية د. طارق متري، والأستاذة المساعدة في الجامعة الأميركية في بيروت د. كورالي هنداوي.
استهلت الجلسة د. جنيفر ولش، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة الحالية المعنية بـ”مسؤولية الحماية”، التي حددت ما يندرج ضمن إطار “مسؤولية حماية المدنيين” وبينت تأثيراتها على كل من ليبيا وسوريا. بالنسبة لولش، إنَّ “مسؤولية حماية المدنيين” وسيلة سياسية وليست عسكرية. انطلقت ولش من السياق التاريخي لتناقش مجموعة من المفاهيم المتعلقة بـمبدأ “مسؤولية حماية المدنيين”، كمفهوم تطور سيادة الدول، ووجهات النظر حول منع استعمال القوة، وإرادة الدول السياسية لتطبيق هذا المبدأ.
ثم تناولت الفارق بين التدخل الإنساني ومبدأ “مسؤولية حماية المدنيين”، مشيرةً إلى أنَّه يجب النظر إلى هذين المفهومين على أنهما مكملان لبعضهما البعض. وذكرت الصعوبات المتعلقة بـتطبيق مبدأ “مسؤولية حماية المدنيين” وبتحديد الجهات التي يتوجب عليها تطبيقه. وتطرقت إلى مثال ليبيا من باب تحليل مقارن للوضع الراهن في سوريا، حيث انه في حالة ليبيا، فقد الكثيرون ثقتهم في اللجوء إلى “مسؤولية حماية المدنيين”. وأشارت إلى أنَّ مفهوم “مسؤولية حماية المدنيين” في تطور مستمر، لكن تنقصه المعايير اللازمة والإجماع في الرأي لتطبيقه بالشكل المناسب، وأنَّ اللجوء إلى التدخل العسكري في تطبيق “مسؤولية حماية المدنيين” لا يتم إلا بعد استنفاذ كافة الخيارات الأخرى.
تحدث بعد ذلك د. بشار حيدر عن ثلاثة فوارق في “مسؤولية حماية المدنيين”، مبنية على الإخفاقات والنجاحات الملحوظة في حالات التدخل وحالات عدم التدخل، معتبراً أن الشعوب تميل إلى تذكر إخفاقات “مسؤولية حماية المدنيين” عوضاً عن نجاحاتها، وأنَّ الوضع في ليبيا بعد عملية الناتو بات أفضل من الوضع في سوريا.
ولفت الى انه في حين ان فرض منطقة حظر جوي فوق المنطقة الكردية شمال العراق عام 1991 ادت الى حماية المدنيين بينما عدم التدخل لفرض منطقة حظر طيران فوق جنوب العراق ادى الى السماح لصدام حسين بقمع الشيعة الذين يشكلون الغالبية في تلك المنطقة.
وحدد د. متري من جهته، الدوافع التي أجبرت المجتمع الدولي التزام تطبيق “مسؤولية حماية المدنيين” في ليبيا حيث التقت الدوافع الأخلاقية مع المصالح الوطنية للدول المتدخلة، والأسباب التي لا تسمح بمقارنة الوضع في سوريا بالوضع في ليبيا من ناحية مصالح الدول المتدخلة في الصراع، وحلفاء النظام، والجغرافيا، والديموغرافيا، والقدرات العسكرية، والتعقيدات.
وقال إنَّه بعد الجرائم والانتهاكات في كل من ليبيا وسوريا، فقد اتضح ان حجم الجرائم المرتكبة ليس هو المعيار لاتخاذ قرار بتطبيق مبدأ التدخل لحماة المدنيين من عدمه.
وشدد على انه يجب شرح لماذا تطبيق “مسؤولية حماية المدنيين” كان ممكنا في ليبيا، بينما هو غير قابل للتطبيق في سوريا، لافتا الى ان القوى الغربية اعتمدت استراتيجيات وحسابات معقدة تجاه التدخل في سوريا وذلك على العكس مما جرى في ليبيا.
وفي النهاية، حاججت د. هنداوي أنَّه وعلى الرغم من أنَّ المسؤولية في حماية المدنيين تقع على عاتق الدول بشكل أساسي، فإنَّ الأفراد يستطيعون أن يؤدوا دوراً فيها كونها غير قائمة على وسائل عسكرية. وذكَّرت بالتالي بأن المدنيين يمكنهم القيام بجهود شخصية عند فشل الحكومات، وبقدرتهم كذلك على وضع حد لما يجري من فظائع جماعية.