“أزمة الصحافة وواقع الصحافيين” ندوة في نقابة المحررين بحضور المكاري وكلاس

نظمت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، ظهر اليوم في مقرها في الحازمية، ندوة بعنوان “أزمة الصحافة وواقع الصحافيين”، لمناسبة ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، شارك فيها الوزيران في حكومة تصريف الاعمال الاعلام زياد المكاري والشباب والرياضة الدكتور جورج كلاس متحدثا عن “دور كليات الاعلام في مواكبة تطور وسائل الاعلام ومستقبل الخريجين”.
أدار الندوة نائب نقيب المحررين صلاح تقي الدين، وحضرها حشد من الزملاء الإعلاميين تقدمهم المستشار الرئاسي مدير مكتب الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا.
تقي الدين
استهلت الندوة بالوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء الصحافة وبالنشيد الوطني، ثم ألقى مدير الندوة تقي الدين كلمة جاء فيها: “أرحب بكم في داركم، دار نقابة المحررين، التي تتسع لكم على ضيقها، للحديث عن التحديات التي تواجه الصحافة والصحافيين. ”
وقال: “أزمة الصحافة اللبنانية وواقع الصحافيين، أصبح يشكل هاجسا لدى مزاولي هذه المهنة، وهي أزمة تتصل بالتطور الكبير والخطير الذي طرأ منذ بروز التحولات الكبرى في هذا القطاع، حين بات للتلفزيون قدرة على التسلل إلى المنازل وأصبحت الاذاعات رفيقا دائما في السيارة والمنزل. لكن الاعلام المرئي والمسموع أصبح في مواجهة واقع جديد مع الحضارة الرقمية، وغزو المواقع الالكترونية للفضاء الاعلامي”.
المكاري
وألقى الوزير المكاري كلمة قال فيها: “أزمة الصحافة وواقع الصحافيين، عنوان واسع وفضفاض يصعب علينا أن نفيه حقه في جلسة أو كلمة أو ندوة. فالأزمة عميقة وحادة ووجودية، وهذا ليس خافيا على أحد، أقله في السنوات الأخيرة حيث لا تموت أزمة إلا بولادة أختها. أما واقع الصحافيين فهو انعكاس لأزمة مهنتهم في بلد مأزوم أصلا على كل الصعد وبكل المقاييس. فكيف إذا كانت الصحافة أساسا تأريخا للحظة وبحثا عن المتاعب، وما أكثرها؟”.
وأكد أن “وزارة الاعلام لم تقصر في مناصرة الصحافيين ومتابعة حقوقهم والانتصار لهم، ولن توفر جهدا في سبيل الذود عن مهنتهم النبيلة، سواء بمواكبة التشريعات الضامنة لحقوقهم وشؤونهم، أو بمتابعة حثيثة لكل ما من شأنه مساعدتهم على تخطي أوضاع صعبة قد تفرضها ظروف مالية أو سياسية أو إدارية”.
وقال: “إذا كانت الصحافة في أزمة وجودية لأسباب عددنا بعضها، فعلى الصحافيين أن يحصنوا أنفسهم ويحسنوا أداءهم من أجل البقاء والصمود ومغالبة الأزمة، ووزارة الاعلام ستكون خير نصير لهم وخير داعم”.
وأضاف: “في ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، دعونا نتأمل في الصورة المشرقة والبهية تاريخيا لصحافتنا وصحافيينا، فنستمد منها المثل والمثال، من حيث الاداء المهني والأخلاقيات الإعلامية والثقافة الواسعة والفكر الحر النير. وإذا كان بعض أهل الصحافة الجدد يميل أحيانا إلى تسرع أو يجنح إلى خفة، فنحن هنا لنقول له تمهل، وراءك تاريخ ناصع خطه صحافيون أوائل، يجدر بنا أن نبني عليه ونعلي البنيان”.
وقال: “ولا بد لي ونحن في نقابة محرري الصحافة اللبنانية الاعلان عن أننا نعمل على قانون إعلام جديد ووضعنا ملاحظات وزارة الإعلام عليه بالتنسيق مع خبير من اليونسكو، لأن يكون لدينا قانون إعلام عصري وقريب من المعايير الدولية.
ولكن الحرية في لبنان مصانة على الرغم من أن هناك من يقول أنها ليست مصونة. وهذه الفوضى هي بسبب الوضع المأزوم في لبنان”.
كلاس
من جهته، قال الوزير كلاس: “وجدانيا والتزاما بشرف القضية، تحيةٌ إلى كل إعلامية وإعلامي إستشهدوا، ليشهدوا ويحولوا المجهولات إلى معلومات … أرفع المقامات عزا، أن تنتدي مع ماسك القلم والضابط الحلق، وتتشرف بالتشارك مع وزير صديق عتيق أحفظ فضل ثقته بالقلب “.
أضاف: “الكثرة الكاثرة من بيارق الصحافة وقامات الإعلام، ومالكي الصحف ومسؤولي الوسائل ومديريها، ليسوا من الاختصاصيين بالإعلام، وإن كانوا متحمسين له إستثمارا اقتصاديا وسياسيا، أو أنهم متخصصون به، شغفا وتثقفا ومتابعة وتعلما على أنفسهم .الاختصاص هو التحصيل الجامعي، والتخصص هو التعلم والتدرب وإنماء القدرات. فالإعلام كإختصاص قد يكون لازما، لكنه لا يكفي حامله عن التزود بإختصاصات أخرى ترفده بمعارف أشمل وثقافة أعمق، ما يمكنه من الإضطلاع بمسؤولية ترصد الوقائع، وتقصي الحقائق، وموازنة الأمور بعقلانية واقعية، لا ينتجها إلا الاختصاصيون المتابعون، الحريصون على رصيدهم وسمعتهم ومكانة المؤسسة التي يعملون فيها ولها”.
وقال ” وإذ أجرؤ على إعلان بيان الخوف ، على نفعية الإختصاص الأكاديمي ونوعيته في مجتمع كثير التحديات، مع طفرة كليات ومعاهد الإعلام والتنظيمات النقابية، وشيوع تصدير الديبلومات وتنظيم مهرجانات التكريم والنجومية، أطرح من عين الحرص :
هل الاختصاص الإجازي بالإعلام هو محمي نقابيا؟ جوابي لا لأن طبيعة العمل لا تستوجب اختصاصا حصريا، بل خبرة ومتابعة وتعلما وتثقفا دائمين! فالإجازة بالإعلام من دون التضلع من علوم وثقافات ولغات، لا تكفي وحدها لتكوين إعلامي يرجع إليه .!ولا حتى يقرأ أو يسمع!”
وتابع ” وأي دور استشاري، وتدخل خبرة واجب لنقابتي الصحافة والمحررين في تقويم برامج المعاهد والكليات؟ وهل النقابتان على رضى على مضمون المقررات والمناهج المدرجة في برامج التدريس والتدريب؟ ”
وأعلن انه “وحماية لمفهوم الصحافة والإعلام، وتحصينا لدور العاملين في المؤسسات النظامية، وتأكيدا لقيمة الحصانة المهنية التي يجب أن يتحصن بها الصحافيون والإعلاميون النظاميون، وحفاظا على الكيانية النقابية والمهنية للإعلامي، فإنني أدعو إلى التمييز قانونا ولفظا ومعنى، بين تسميات الصحافي، والإعلامي، والتفريق بينهما وبين المدون، والمغرد، وكتاب المواقع، ورواد وسائل التواصل الاجتماعي والفصل بين التوصيفات التي تحكم عملهم، مع إحترام كامل لحرية ورأي كل شخص”.
وقال “إن تحصين دور الإعلامي في مجتمع إنمزج فيه الحق بالحرية بديمقراطية الفوضى، يكون بالتركيز على أن حرية التعبير، ترتبط بنيويا بتوفير حرية التفكيرمن دون إسقاطات وتوزيع ألقاب وصفات، لتوفير حمايات والإغراق بحصانات إفتراضية. والحريتان تتلازمان وتنسلان جذريا من الحرية التي توفرها المؤسسة للإعلامي”.
وتابع : “سؤال مهني أكاديمي واقعي: ماذا يعني أن يتم ترخيص معاهد للإعلام في المؤسسات المرخصة، ولا أقول الجامعات العريقة ؟ هل من دراسة حاجة؟ أي فرص عمل واقعية في مجالات الإعلام وتوابعه من علاقات عامة وإدارة المعلومات والتوثيق والإعلان؟
وختم كلاس: “ما أراه واجبا لترتيب علاقة نقابة المحررين، كحامية لكرامة المهنة وللإعلاميين، مع المؤسسات الإعلامية ومعاهد الإعلام، هو تنظيم التواصل الاستشاري مع المؤسسات والأكاديميات ومراكز البحوث المتخصصة بدراسة إسترايجيات التواصل، لدراسة مستقبل العلاقة بين مثلث: النقابة والمؤسسات والجامعات العريقة ذات السمعة، مع لحظ التداخل الجيد والمفيد”.
القصيفي
وفي ختام الندوة قدم النقيب القصيفي مداخلة جاء فيها: “أزمة الصحافة اللبنانية وواقع الصحافيين، موضوع يطرح نفسه بقوة في المجتمع الاعلامي. وهي أزمة تتصل بالتطور الكبير والخطير الذي طرأ على المهنة مع بروز التحولات الكبرى في هذا القطاع منذ أن بدأت المحطات التلفزيونية والاذاعية تشق طريقها بثبات، محدثة تغييرا نوعيا في المشهد بعدما حول البث الفضائي العالم إلى قرية كونية مقربا المسافات، حيث بات للتلفزيون قدرة على التسلل إلى المنازل والمخادع قبل أن يدخل إليها من الباب العريض. لكن الاعلام المرئي والمسموع أصبح في مواجهة واقع جديد مع الحضارة الرقمية، وغزو المواقع الالكترونية الفضاء الاعلامي”.
أضاف: “على أن هذه الوسائل تقف اليوم على مشارف تحد صارخ يتمثل بوسائط التواصل الاجتماعي التي حاصرت مهنة الصحافة، بعدما أصبح المواطن بحكم هذا التطور الهائل صحافيا، ولو انه يحترف مهنة اخرى، ويمتلك اختصاصا مغايرا.”
وتابع “إنه واقع جديد، مخيف، لأن استخدام هذه الوسائط في إشاعة اخبار غير حقيقية، وبث معلومات كاذبة، وعدم التدقيق في ما يصلها من مواد، يؤدي إلى دمار المجتمع، وضرب القيم، وانتهاك الخصوصيات، لاسيما وأن محاولات ضبطه في قواعد قانونية، تعتمد معايير سلوكية واخلاقية ، باءت حتى الساعة بالفشل، على الرغم من المحاولات الجادة التي تبذلها الدول والهيئات الاممية لبلورة هذه القواعد وتثبيتها”.
وقال: “لا شك أن الذكاء الاصطناعي وجه ضربة موجعة إلى الصحافة وسائر وسائل ألاعلام، ولكن يبقى للانسان دور محوري في استنقاذ المهنة، وفتح آفاق جديدة أمامها لكي تستمر.”
وواوضح بالقول ” سبق لنقابة محرري الصحافة اللبنانية التي استشعرت منذ عام 2010 الخطر الداهم الذي ينتظر الصحافة، أن قدمت حزمة من الاقتراحات لتخفيف الاعباء والمصروفات عن المؤسسات الصحافية والاعلامية بنسبة 45 في المائة، وهي تتعلق باعفاء الورق والحبر، وآلات الطباعة وقطع الغيار من الرسوم الجمركية. كما اعفاؤها من رسوم الشحن والنقل والهاتف والماء والكهرباء، والضمان والضرائب المختلفة، واستحداث طابع أميري باسم الصحافة تجبى عائداته لصالح المؤسسات الصحافية والاعلامية والصحافيين وتودع في صندوق مشترك، على أن تحدد آليات صرف المبالغ وفق نظام خاص بالصندوق”.
واعلن “ان واقع الصحافيين اليوم في ظل توقف العديد من المؤسسات الكبرى، والمقتدرة، هو واقع مغرق في بؤسه في ظل الرواتب الهزيلة نسبيا التي يتقاضونها، وانحسار الضمانات والقديمات الاجتماعية والصحية إلى الحدود الدنيا، وعدم وجود عقد عمل جماعي بين أصحاب المؤسسات والعاملين فيها، ما يضطر هؤلاء إلى ممارسة مهن أخرى إلى جانب مهنتهم الأساسية. والأهم من ذلك أن الضغط والاغراء يحاصران هؤلاء ويمنعانهم من القيام بمهماتهم وممارسة قناعاتهم دون عوائق”.
وقال: “على مشروع قانون الاعلام الجديد الذي يجري بحثه في لجنة الإدارة والعدل وتشارك نقابة محرري الصحافة اللبنانية في الاجتماعات الخاصة به، ألا ينحصر هدفه ببت الجانب التقني منه كإطلاق التراخيص ومنحها، وتحصين الحرية الصحافية والاعلامية، وإلغاء محكمة المطبوعات، وإنشاء مرجعية جديدة للاعلام، ووضع مدونة سلوك، وإلغاء عقوبة الحبس كليا -على أهمية هذه الأمور- بل يتعين عليه ان يفتح الباب أمام مقاربة نوعية مختلفة، باعتماد توصيف مهني يحمي العاملين في المهنة، ويعدل في مناهج كليات الاعلام لجهة تنويع الاختصاصات، وينقل القطاع من حالة العالة والتسول إلى حالة إنتاجية تكون جزءا من دورة الاقتصاد الوطني.
وتابع “كذلك ينبغي أن يشهد الاعلام الرسمي تغييرا جذريا ليصبح إعلاما عموميا لا تعوزه النوعية ، من خلال تحديث وتطوير الوكالة الوطنية، وتلفزيون لبنان، واذاعة لبنان، ومديرية الدراسات، فتتحول إلى مؤسسات تبيع خدماتها، وتحقق الربح، بما يتيح لها استيعاب أعداد من خريجي كليات الإعلام وتوفير فرص عمل جديدة. ”
وختم “إن أزمة الصحافة وواقع الصحافيين هو العنوان المشترك بين اهل القطاع في أنحاء العالم، وأن العقل الانساني الذي أوجد وسائل الإعلام بدءا من الصحافة الورقية، وطورها وحدثها، واوجد الذكاء الاصطناعي، لن يكون عاجزا عن ابتكار حلول لتجاوز هذين الازمة والواقع، واستنقاذ المهنة، وابتكار فضاءات جديدة لها”.
حوار
ثم جرت مداخلات بين الحضور والمنتدين، ورد الوزير مكاري على سؤال حول تطبيق “تيك توك” وقال:
“لقد فصلنا في قانون الإعلام الجديد وسائل التواصل عن الإعلام، كي لا يكون كل لبنان إعلاما. ونحن نتابع ما أشار إليه نقيب المحررين حول تنظيم المهنة والقانون الجديد للإعلام، وفي ظل وسائل تواصل اجتماعي تدخل الى كل منزل وتخرب الكثير من العائلات، كما رأينا أخيرا في موضوع الـ “تيك توك” والذي نتجت عنه جرائم كبيرة في لبنان.
وختم ” قمنا باتصالات ب”تيك توك” ميدل إيست وستصدر الوزارة بيانا حول هذا الموضوع. وسيأتي إلى لبنان فريق متخصص من دبي لمتابعة الموضوع. وقمنا بتدريبات لإعلاميين وطلاب حول هذا الموضوع، وسنواجهه بكل مهنية وحرفية وبطرق علمية”.

المصدر : وطنية

لمشاركة الرابط: