
أقسم المنتسبون الجدد الى نقابة المحامين في بيروت (دورة 2024) اليمين بدعوة من نقيب المحامين في بيروت فادي المصري وأعضاء مجلس النقابة، في قاعة “الخطى الضائعة” في قصر العدل- بيروت، في حضور النواب غسان سكاف، الياس حنكش وميشال المر، الوزراء السابقين عباس الحلبي، الياس المر وهنري خوري، رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، المدير العام لوزارة العدل القاضي محمد المصري، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، النقيبين السابقين انطوان اقليموس وناضر كسبار اضافة الى أعضاء مجلس النقابة وقضاة محامين وأهالي المحامين المتدرجين.
بداية النشيد الوطني، فنشيد نقابة المحامين، فتلاوة أسماء المتدرجين الجدد الذين بلغ عددهم نحو 300 محام، ومن بعدها قسم اليمين.
رزق الله
والقى الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله كلمة تحدث فيها عن “الدور المحوري للمحامي”، ورأى انه “من الضروري أن يتعايش القضاة والمحامون بانسجام مع بعضهم البعض ليساهموا بشكل فعال في بناء بيئة قانونية أفضل في لبنان وتفعيل إدارة سلسة ومرضية للعدالة”.
وقال: “يجب على المحامي أن يحافظ على الدستور وسيادة القانون وتعزيز العدالة وان يساعد في تطبيق الحقوق القانونية للشعب. وهذه المهنة تتطلب السلوك الرفيع، والسمعة الطيبة التي هي بوصلة المحامي. فواجب المحامي أن يلتزم باخلاق المهنة، وأن يكون مخلصا ومجتهدا للدفاع عن مصالح موكله من دون أن يتخلى عن استقلاليته. ومن المهم الا يقلل المحامي ثقة الجمهور بسير العدالة، ونصيحتي الأولى لكم ايها المحامون هي أن تلتزموا بالمهنة وان تسعوا للارتقاء بها”.

السمرا
وألقت طليعة الدورة المحامية المتدرجة تمارا فادي السمرا كلمة المنتسبين الجدد، وقالت: “أيها المحامون ان فَخْر وطنِكم كبيرٌ بِكُم، فأنتم اليوم لستُم بمحامينَ وحَسِب، أنتم محامو بيروت، أُمُّ الشرائع، بيروت التاريخ العريق، بيروت الثقافة والحريات والحق وحب الحياة. فأنتم أَوسِمة على صدرِ لبنان الذي يفتخرُ ويعتزُّ بكلِّ واحدٍ منكُم”.
وشكرت نقيب وأعضاء مجلس النقابة “الذين آمَنوا بلبنان وبكفاءة شبابِه”، واعلنت: “ها نحن مُجتمعونَ اليوم بفضلِ جهودِكم التي نُحيّيها، للإحتفال بشباب لبنان. ونَعِدُكم اليوم، من قصرِ العدلِ في بيروت، بأن نُحافظَ على الأمانة الثمينة التي تُسلّمونَها لنا، وهي رسالةُ كلِّ محامٍ في النضال من أجل إحقاق العدالة والدفاع عن الحقوق ونَعِدُكم بأن نسيرَ دائماً على خُطاكم للمحافظة على عظمة هذه المهنة التي هي أساسُ كلِّ مجتمع”.
وشكرت السمرا المُحامين المُدرِّجين والأساتذة الجامعيين وإدارات كُلّيّات الحقوق كافة، كما شكرت الأهل الذين “رسّخوا في أذهان أبنائهم المبادئ السامية والنبيلة التي سمحت لهم بالإنتساب إلى أعرق النقابات”.
يونس
وألقت مقررة التدرج ميسم يونس كلمة اعتبرت فيها أن “نقابة المحامين في بيروت تشهد اليوم على ولادةِ كتيبةٍ من جنود الحق والعدالة في مدينةِ الشرائع”. وقالت: “لقد اجتزتم ايتها الزميلات والزملاء الجدد بنجاحٍ امتحاناتٍ أكاديميةٍ جامعية واختباراتٍ أكاديميةٍ وقانونية وواقعية نقابية، وهذا ليس كلُ شيء، إنما هي بدايةُ طريقٍ، لن يكون معبّدًا ما لم تجتهدوا وتثابروا وتكافحوا لاحقاقِ الحق، وممارسة دورِكم في تعميم منطق العدالة. اعلموا أن سعيَكم لتحقيقِ العدالة، تكتملُ معانيه عندما يترافقُ مع تحلّيكم بالأخلاقِ والأصول التي نصَّ عليها قانون تنظيم مهنة المحاماة، ونظام آداب المهنة ومناقب المحامين. لا تهملوا هذا الجانب أثناء ممارستِكم لمهنتِكم واحرصوا على الالتزام بما سبق لكي تُصنفوا في خانة الشرفاء.مبروكٌ نجاحكم وتخرجِكم، وليكن يمينُكم حاسمًا في خدمة العدالة والحق والإنسان”.
حرفوش
وتحدث مقرر التدرج لبيب حرفوش وتوجه للمحامين المتدرجين قائلا:”ها أنتم اليومَ تُقسِمون “يميناً قانونياً”، وقد خرجتُم من الميدانِ الأكاديميّ وبدأتم رحلةَ مشاركةِ القضاءِ في تحقيقِ العدالة، حيث يُناط بكم قولُ الحقيقةِ التي يقومُ على أساسِها القضاةُ بالنطق بالحقّ. اليومَ، وضعتم يدَكم على المحراث، فلا تلتفتوا إلى الوراء، بل ضعوا نصبَ أعينِكم هدفَ تحقيقِ مبادئِ دولةِ القانون عبر السعي إلى العدالةِ لموكليكم ضمن إطار القوانين المرعيةِ الإجراء ومقتضيات أحكام قانون تنظيم المهنة، مهنةِ المحاماة وهي أمُّ المهن، وتبعًا لآداب المهنة وأصولها، وهذا ما يفترضُ منكم أن تكونوا على درجةٍ عاليةٍ من العلمِ والمعرفةِ والثقافةِ والأخلاقِ والمناقبية”.

نقيب المحامين
وقال المصري في كلمته: “يشرفني ان أقف اليوم أمام هذا الحفل الكريم المؤلف من المحامين الجدد وزملائهم الأقدم عهداً وأهلهم ومدرجيهم والمرجعيات الرسمية والوزارية والنيابية والقضائية والدبلوماسية والنقابية والأكاديمية، وقد تكون هذه المرة الأولى في تاريخ نقابة المحامين التي تحمل فيها هذه المناسبة هالة وطنية وطابعاً جامعاً. وإنني انتهز المناسبة لأعرب، أولاً، لأعضاءِ لجنة الإمتحانات والمصححين عن إمتنان النقابة لتفانيهم في أَداء المهمة الموكلة إليهم ومقدِراً في الوقت عينه إشراف أمينة سر مجلس النقابة الزميلة الأستاذة مايا شهاب والمتابعة الحثيثة لمقرّريْ التدرّج الزميلين ميسم يونس ولبيب حرفوش ورئيس الديوان السيد جوزف شاوول وموظفي النقابة، علماً أن هذا العمل المشترك قد نتجت عنه، كما يعلم الجميع، إختبارات شفافة ونتائج تعكس من جهة أولى الطابع الأكاديمي لأي امتحان ومن جهة ثانية الوجهة المهنية العملية التي تتطلبها معايير التأهيل الموضوعة من النقابة للإنتساب إليها ومن جهة ثالثة مهابة الإنتماء الى المؤّسسة العريقة. وفي هذا اليوم المبارك، أحرص على توجيه كلمة من القلب ولكن أيضاً من العقل- الذي يبقى هو الأساس إلى الزملاء الجدد أشدد فيها على ركائز جوهرية اطلب منهم أن يضعوها نصب أعينهم على عتبة مسيرتهم المهنية:
أولاً: على الصعيد الشخصي
السيرة التي توحي الثقة والإحترام التي ينص عليها القسم يجب ان تنعكس على حياتكم اليومية وعلى تصرفاتكم كافة، فهي ليست شأناً مهنياً فقط بل نهج حياة وإنني أتمنى ان يعرف الناس أنكم محامون من خلال أَدائِكم اليومي في المجتمع وحياتكم الشخصية.
ثانياً: على الصعيد المهني والنقابي على المنتسبين الجدد واجب استكمال دراستهم أثناء فترة تدرّجهم – وهذه ايضاً مسؤولية مدرّجيهم ومسؤولية النقابة- من خلال الإنكباب على دراسة الملفات وملاحقة المعاملات وصياغة اللوائح وتنظيم العقود والمحاضر ولكن ايضاً عبر الإطلاع على التقنيات الجديدة والإنفتاح على العالم واكتساب المعرفة بكامل أوجهها وتثقيف الذات من خلال القراءة اولاً واخيراً.
أما في النقابة، فلا بدّ لكم ان تعوا ان كل واحد منكم حلقة في سلسلة عمرُها 106 أعوام لا يجب ان تنكسر وكل واحد منكم مسؤول عن ديمومتها وعصرنتها- ولا سيما من خلال إنجاح المشاريع التي نعمل على تحقيقها- ونقل الأمانة إلى الأجيال القادمة.
تشربوا تاريخ نقابتنا وأحبوه وكونوا فخورين بتاريخنا وتقاليدنا وتراثنا، حافظوا على هذا التاريخ وعلى هذه التقاليد في مئوية النقابة الثانية بالتزامن مع الإنفتاح على العالم وتحضير المهنة لمواجهة المستقبل، وهذا هو التحدي الكبير.
ثالثاً: على الصعيد الوطني نحن أبناء حضارة إنسانية عمرها 6000 سنة وهذه الحضارة لم يكن قوامُها التجارة كما روّج لذلك البعض بل كانت غنية، لا بل رائدة، بمقومات عديدة دينية وثقافية وفلسفية وفنية وأدبية وأخيراً وليس آخراً حقوقية، إذ اننا اليوم الورثة الطبيعيون لمدرسة الحقوق الرومانية في بيروت أم الشرائع – أعظم كلية حقوق في العالم القديم- قبل ان يُدَمِرَها الزلزال الكبير مع سائر مدن الساحل الفينيقي سنة 551 ميلادية.
وبهذه الصفة، علينا واجب كحقوقيين مؤتمنين على تراث حقوقي وإنساني عريق ان نحافظ على لبنان منارةَ علمٍ وانفتاحٍ ومساحةَ لقاءٍ وحوارٍ لكي يحقّق رسالَته الإنسانية في هذا العالم ويصبحَ بحق كما أراده الآباء المؤسسون وطناً للحرية والإنسان”.
أضاف: “وليس من باب الصدفة أن تتزامن إنطلاقة مسيرَتِكم المهنية والنقابية مع بزوع فجر لبناني جديد بدأ بإنتخاب رئيس للجمهورية بعد نفق التعطيل والشغور واستُكمِل بتشكيل سريع للحكومة خلافاً لما درجت عليه العادة في العهود الأخيرة. وإن دور نقابة المحامين في بداية مسيرة الإصلاح والإنقاذ يلخص كما يلي:
– احترام الدستور نصاً وروحاً ولاسيما الإستحقاقات الدستورية في مواعيدها.
– وضع الحريات العامة والفردية فوق كل اعتبار.
– فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها وحماية حدودها وانسحاب الجيش الإسرائيلي المحتل بشكل كامل وتام وتصدي القوى الشرعية لأي اعتداء على السيادة اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
– تحقيق الإستقلالية الحقيقية للسلطة القضائية من خلال تأمين الظروف المادية لتمكينها من ممارسة دورِها وإصدار القانون الخاص بإستقلالية القضاء علماً ان مناعة القاضي وقراره الذاتي المحكوم بالعلم والضمير يبقيان الضمانة الأولى لقضاء حرّ وفاعل.
– إجراء التشكيلات القضائية وملء المراكز الشاغرة وإعادة هيكلة الإدارة العامة وتنقيتها وعصرنتها.
– اعادة الإنتظام المالي العام وضمان حماية الودائع المصرفية ورفع اليد عنها لبدء مسيرة إعادة الثقة بلبنان وتفعيل الدورة الإقتصادية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي من أجل إستعادة دور لبنان الريادي كمركز إقتصادي ومالي إقليمي.
– الدفع بإتجاه كسر الجمود المتصل بملف تفجير مرفأ بيروت لإعادته إلى مساره القضائي الطبيعي واستكمال التحقيقات حتى جلاء الحقيقة ومعاقبة المرتكبين بما يقضي نهائياً على ثقافة عدم المحاسبة والإفلات من العقاب.
– إتخاذ قرار سيادي بعودة النازحين السوريين إلى ديارهم وتثبيت الحدود البرّية بين البلدين وإعادة تنظيم العلاقات اللبنانية- السورية على أسس ثابتة تتسم بالندية وتحفظ سيادة كل من البلدين واستقلالهما.
– كشف مصير المواطنين اللبنانيين المخفيين قسراً والمعتقلين في السجون السورية.
– التصدي الجدي والعميق للقضايا الوطنية المصيرية الكيانية والإقتصادية والإنمائية”.
واعتبر ان “معالجة المشاكل العضوية والبنيوية المزمنة التي يعاني منها لبنان تتطلب وعياً وحكمةً ونزاهةً معنويةً وتجرداً وتخلياً عن روح التفرقة والتمييز والطائفية والمذهبية والمحاصصة والمحسوبية والزبائنية. وهذه مسؤولية مشتركة فردية وجماعية، نقابية ووطنية. ومن أجدر من رجال القانون، والمحامين تحديداً، للعب دور قادة فكر ورأي لتولي نهضة لبنانية تقود وطنَنا الفريد من نوعه في العالم إلى مصاف الأوطان العظيمة بحيث نفتخر به مجدداً بين الأمم وطناً رائداً صاحب رسالة إنسانية جامعة، وطناً حديثاً متطوراً جذوره عميقة في التاريخ وطموحه خارق لتحديات المستقبل. هذا هو إلتزامنا تجاه نقابتنا، هذا هو معنى القسم الذي تؤدونه اليوم، كونوا أوفياء له ومن خلاله لمهنة المحاماة السامية ولنقابتكم العريقة وأمينين على تحقيق رسالة العدالة، وفوق كل شيء اعرفوا الحق والحق يحرركم على الدوام”.
المصدر : وطنية