تعد “راحة الحلقوم” في صيدا حلوى المولد بلا منازع، وهي وان وجدت زبائن لها على مدار العام الا انها تزدهر حصرا وتحتل واجهات محال بيع الحلويات مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، فاستحقت لقب حلوى “المولد” عن جدارة خصوصا وانها شرطا متمما للاحتفال به كتقليد متوارث درج عليه أبناء المدينة “أبا عن جد”.
مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف تنهمك محال بيع الحلويات في صيدا بإعداد طبخة “راحة الحلقوم” وتوضيبها، الا ان هذا العام والذي بدأ استثنائيا على كل الصعد خصوصا في ظل الازمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد، مضافا اليها جائحة كورونا انعكست على نسبة الاقبال على شراء الراحة من دون ان يفقدها رهجتها. فارتفاع وتفلت سعر الدولار رفع من سعر كيلو الراحة فأصبح يباع بـ 35 الف ليرة، خصوصا وان المكسرات من البندق والجوز والفستق الحلبي والتي تعد مكونا اساسيا فيها ارتفع سعرها بشكل كبير، حيث وصل كيلو الجوز الى سبعين الف ليرة بعدما كان يباع قبل الازمة بعشرة الاف ليرة. اما ظروف جائحة كورونا ومع تزايد عدد الاصابات دفعت بالمؤسسات التي تقوم بتصنيع راحة الحلقوم الى الاستغناء عن اليد العاملة والاستعاضة عنها بالالات والمكننة ولا سيما في عملية تقطيع وتغليف الراحة.
حجازي
ويقول مدير مؤسسة امين حجازي للتجارة والصناعة العامة امين حجازي، والتي تعد من اشهر واعرق المؤسسات في تصنيع راحة الحلقوم منذ سنة 1952 في المدينة، ان الازمة المعيشية التي تعيشها البلاد أثرت بشكل كبير على المواطن، فالناس اليوم باتت تلجأ لشراء الاساسيات واستغنت عن الكماليات، فارتفاع سعر الدولار اثر كثيرا على المواطن وقدرته الشرائية وقد لاحظنا هذا الامر. فاليوم، الزبون الذي كان يشتري عشرة كيلوغرامات من راحة الحلقوم اصبح يشتري كيلوغرامين. واغلب الزبائن تقتصد بالكميات بسبب غلاء الاسعار بشكل عام.
وتابع: “طبعا، الراحة مثلها مثل باقي السلع تأثرت بالغلاء الحاصل فجميع مكوناتها الرئيسية ارتفع سعرها مثل البندق والجوز والمستكة، فمثلا كيلو المستكة كنا نشتريه بـ 330 الف ليرة اليوم اصبح سعره ب مليون و550 الف ليرة، يعني زاد اربعة اضعاف. البعض يلجأ للنكهات، ولكن نحن يهمنا ان نحافظ على النوعية في انتاجنا لذلك لا نستخدم النكهات”.
واضاف: “هناك أصناف كثيرة من الراحة، السادة والمحشو والمختلف النكهات، وسعر الكيلو اجمالا كان في السابق 15 الف ليرة، اما مع ارتفاع الاسعار فاصبح بـ 35 الف ليرة. ونحن وشعورا منا مع الناس في ظل هذه الظروف الصعبة قمنا بتخفيض سعر الكيلو في هذه الفترة الى 25 الف ليرة، رغم ان كلفة الانتاج زادت علينا خمسة اضعاف، حتى اننا لا نجني ربحا لا بل هناك خسارة”.
وردا على سؤال عما تتميز به راحة الحلقوم في صيدا، قال: “طبعا، يقال اصل الراحة من تركيا وفلسطين، ولكن الراحة الصيداوية مختلفة تماما وقد ميزت نفسها، فلها اسرار خلطتها، اما تحضيرها فهو ليس بالامر السهل فهي تحتاج الى ساعتين تحريك باليد على النار، وكذلك ساعتين تحضير في حال تم التحريك من خلال المكننة. واليوم وفي ظل ظروف كورونا وفي اطار اتباعنا لاجراءات الوقاية اضطررنا للاستغناء عن اليد العاملة لا سيما في عملية تقطيعها وتغليفها، وذلك لضمان اعلى درجات الوقاية حيث اصبحنا من خلال الماكينات نقوم بذلك اوتوماتيكيا”.
النقوزي
ولا ينفي عامر النقوزي، صاحب معمل زهير عبد الرزاق النقوزي الذي يعد من اقدم المعامل في صيدا واول من ادخل صناعة راحة الحلقوم الى لبنان منذ العام 1890، تراجع نسبة البيع بشكل كبير هذا العام. وقال: “في العادة، نبدأ بالتحضير لذكرى المولد قبل نحو عشرين يوما، اما هذه السنة فقد بدأنا بالتحضير قبل أسبوع. فغلاء الاسعار وازمة كورونا اثرت علينا بشكل كبير حيث تراجعت الطلبيات وخصوصا في ما يتعلق بالمدارس التي كانت تحجز الطلبيات من الراحة لتوزيعها على الطلاب. اما هذه السنة فجميع المدارس مقفلة”.
وتابع: “الطلبيات هذا العام هي ما يكفي السوق، اي بمعنى كل عائلة و”على قد طلبها”. فالاشخاص الذين اعتادوا شراء الراحة بكميات كبيرة، فقد قرروا اليوم أن يقتصدوا.
اضاف: “رغم تراجع نسبة البيع، الا ان الناس لم تحرم نفسها، وان اشترت الراحة بكميات اقل، فتبقى للراحة رهجتها في ذكرى المولد النبوي الشريف خصوصا وان هناك تقليدا اعتاد عليه الصيداويون في هذه المناسبة، حيث يأكلون الراحة ويوزعونها لروح الرسول محمد، وهذا التقليد لا يمكن الاستغناء عنه عند معظم العائلات الصيداوية”.
(وطنية) تحقيق – حنان نداف
حكايةُ قبر أُمّي..
كانت والدتي رحمها الله تقولُ لنا في سهراتنا الطويلة : ” إدفنوني بين أهلي لأنني آنَسُ بهم .. فَلَكَمْ أبصرتُ مقبرةَ قريتنا في شبعا بعدَ ذوبان ثلج حرمون تنقلبُ حديقةً غنّاءَ ، تَنْبُتُ في ثناياها أشجارُ الجوز والحور والبيلسان .. وزهر الياسمين . أوصتني أمي وأنا بعد صغيرة فقالت :” لا تدفنوني بعيداً عن أهلي
Read More