حزب الله يثبّت الحريري ضد باسيل!!!.. وعون يهدد بالإستقالة

يختلف مضمون زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر الأخيرة عن مضمون زيارته السابقة. عندما غادر سابقاً، قال إنه مستعد للعودة ولقاء القوى السياسية، في حال وافق لبنان على محادثات ترسيم الحدود.
شينكر: عون يكافح الفساد!
تنازل لبنان، وبدأت المفاوضات، وعاد شينكر، وعقد لقاءات مع مختلف القوى السياسية بنبرة مختلفة عن نبرته السابقة. لم يلتق هذه المرّة ناشطي المجتمع المدني، بل اقتصرت لقاءته على السياسيين. لم يهدد ولم يتحدث عن العقوبات. لم يذكر حزب الله كما كان يذكره سابقاً. هناك شيء ما تغيّر إذاً في المواقف الأميركية المباشرة.
في لقائه مع عون أثنى شينكر على مساعيه في مكافحة الفساد، وعمله على تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات (وإن أوضح لاحقاً بما يعني التشجيع على.. وليس الثناء الآن). أما في لقائه مع البطريرك الراعي فتحدث عن حكومة حيادية شفافة تعنى أيضاً بتنفيذ الإصلاحات. والإصلاحات الأميركية تختلف عن الإصلاحات الفرنسية من حيث المبدأ.
لكن مواقف شينكر تنطوي على تمويه متعمد. فهل الثناء على موقف عون يحتمل تأييداً لتأجيله الاستشارات، وقطع الطريق على التسوية بين الحريري وحزب الله؟ أم أن الثناء جاء فقط بسبب موقف عون من ترسيم الحدود وبروز خلافه مع الحزب؟
هذا التمويه والذي يتسبب بضياع لبناني، تلاقيه في المقابل قناعة لبنانية بأن الأميركيين يعلمون أن عملية ترسيم الحدود لا يمكن أن تحصل من دون موافقة حزب الله. وفي النهاية ستكون التسوية بين الحزب ومن خلفه إيران، مع الاميركيين.
حلف رباعي جديد؟
لبنانياً، يتمسك حزب الله بشروطه. هو عزز التفاهم مع سعد الحريري بمعزل عن موقف جبران باسيل وتأجيل الاستشارات. وتؤكد المعلومات أن حزب الله ثبّت الحريري على موقفه من ترشيح نفسه وعدم التراجع، بغض النظر عن موقف باسيل. التفاهم بين الحريري والحزب ونبيه بري ووليد جنبلاط، يوفر مظلة كبرى لرئيس تيار المستقبل، ليفرض نفسه كأمر واقع لا يمكن تجاوزه.
لن يتراجع الحريري عن الترشح، ولن يتنازل لباسيل حسب المعطيات المتوفرة حتى الآن. وهناك قناعة بأن عون لن يكون قادراً على تأجيل الاستشارات، وبالتالي سيكون الحريري رئيساً مكلفاً الأسبوع المقبل.
بلبلة مسيحية
الأحزاب المسيحية الكبرى في موقف حرج. المعلومات تتحدث عن انشقاقات كبرى في داخل التيار العوني، وآراء نيابية متباينة، لجهة رفض تأجيل الاستشارات كرمى لعيون جبران. وهناك من يتحدث عن أن القدرة على إنقاذ جبران باسيل لم تعد ممكنة. ويعطي هؤلاء أمثلة كثيرة على ذلك. من بينها زيارة اللواء عباس إبراهيم إلى الولايات المتحدة الأميركية، والوضع السيء الذي يربط علاقة باسيل بالمسؤولين الأميركيين.
معروف أن زيارة ابراهيم إلى أميركا لها علاقة بعمله سابقاً على إخراج مواطنين أميركيين من سوريا وتأمين ذهابهم إلى بلادهم. وهناك عملية أخرى مشابهة للعملية الأولى. ولكن لا يمكن إلا قراءة زيارة ابراهيم بتمعن، ما بعد مفاوضات ترسيم الحدود. ويصعب ألا تكون لها أبعاد على صعيد علاقة الشيعة بالولايات المتحدة الأميركية. وخصوصاً أن شينكر طوال زيارته إلى بيروت لم يأت على ذكر كلمة عقوبات، كما كان يفعل سابقاً.
في المقابل، القوات اللبنانية تلجأ إلى اتخاذ مواقف متمايزة، على الرغم من الخلاف الكبير مع الحريري. لكن المواقف القواتية تشير إلى رفض استخدام عدم تسميتها للحريري في خانة حجب الميثاقية، بخلاف الورقة التي يستخدمها باسيل وعون.
استقالة عون؟!
في مقابل المسار الأميركي، يستمر الفرنسيون في محاولاتهم لتأمين التوافق على حكومة الحريري، وهم على خط التواصل بينه وبين باسيل، لا يبدي الأول أي استعداد للتنازل، ولا الثاني ينتظر شيئاً وفق ما يسرّب ولن يتغير موقفه مهما حصل. عون غير مقتنع بالحريري. يريد حكومة من لون واحد، حكومة اكثرية برئاسة جواد عدرا، غير قادر على فرضها بسبب موقف حزب الله ونبيه بري وسليمان فرنجية. عون في موقف حرج، غير قادر على النظر إلى عهده ينهار، وغير قادر على البقاء تحت سيف التهديد الأميركي المرفوع فوق عنق باسيل، أحد أساليبه التكتيكية والتفاوضية هو استخدام التهديد بالاستقالة، وقد لوح عون باللجوء إليها قبل أيام، وذلك بهدف نقل المشكلة من مكان إلى آخر، فلا تعود المشكلة محصورة بالحكومة بل بالتركيبة ككل. تجزم المصادر ان تهديد عون بالاستقالة لا يعدو كونه ابتزازاً لحلفائه، ولن يكون له أي أبعاد أخرى. ولدى السؤال عما إذا كان يفكر بالاستقالة لترئيس باسيل بدلاً منه، تسارع المصادر إلى النفي بشكل قاطع، مؤكدة أن هذا لا يمكن أن يحصل.
هدوء أميركي
يريد الأميركيون تطويع كل الأطراف، سواء بالضغوط أو العقوبات، أو بالتلويح بها أو بتقديم إغراءات. من هنا يمكن فهم المواقف الأميركية المتعددة، والتي لا تحيد عن مسار واحد وواضح بالإتجاه نفسه، وهو تحقيق الهدف، بغض النظر ما إذا كان هذا الهدف يتحقق بالضغوط أو بالمفاوضات أو باللعب على التناقضات.
غياب تهديدات شينكر لا تعني تغيير المسار الأميركي، إنما قد تتم العودة إليها عندما تقتضي الحاجة. وهذا ينسحب على العلاقة بباسيل أو غيره. ولن يتغير شيء في هذا المسار من الآن إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
المدن_المصدر
السفارة الأميركية توضح ما نُسب الى شينكر
من جهة أخرى أوضح المتحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت كايسي بونفيلد ما ورد في الاعلام عن تصريحات نسبت الى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر خلال زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ولفت في بيان الى ان “شينكر لمح الى القول المحفور على السيف المعلّق في مكتب رئيس الجمهورية والذي كُتب عليه: “الشفافية هي السيف الذي يقضي على الفساد”، معلقا ايجابا على القول.
وأكد المتحدث باسم السفارة الأميركية أن “شينكر حثّ الرئيس عون على استعمال سيف الشفافية (بشكل مجازي) وتغيير نهج الحكم”.

لمشاركة الرابط: