توحي تصرفات رؤساء الحكومة السابقين أنهم انتصروا في فرض خياراتهم بعملية تشكيل الحكومة. ومن خلال المسار الذي سلكته عملية التشكيل، يعمل رؤساء الحكومة على التخلص مما تكرّس سابقاً، في جعلهم ملحقين ومنصاعين لما يفرضه حزب الله ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه برّي. حتى طريقة اختيار رئيس الحكومة المكلف، والتي شابتها تجاوزات في تسليم أكثر من إسم إلى رئيس الجمهورية، والركون إلى شخصية يوافق عليها حزب الله وعون، بعد وضعهما “فيتو” على بعض الأسماء، قد تغيرت في مفاوضات عملية التشكيل، من خلال إصرار الرئيس المكلف على عدم اللقاء مع جبران باسيل ومحاورته، والإصرار على اختيار الوزراء بنفسه.
أجواء إيجابية
تتحدث مصادر رؤساء الحكومة السابقين عن أجواء إيجابية حول عملية تشكيل الحكومة، بخلاف كل ما يشاع في الإعلام. يبدون واثقين مما سيحققونه، معتبرين أن العبرة ستكون في النتائج، وفي الشكل الذي ستخرج عليه الحكومة. يجزمون أن الحكومة ستولد الأسبوع المقبل، وهي الفرصة الفرنسية التي ينتهزونها، لأن لا أحد سيكون قادراً على تعطيل عملية التشكيل. ومن يرفض الحكومة سيكون أمام مأزق وسيستدعي المزيد من العقوبات القاسية.
راعى الرؤساء موقف الثنائي الشيعي بعد العقوبات على الوزير علي حسن خليل، فلم يستعجلوا الضغوط في تسليم مسودة حكومية ورمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية. لم ينجح اللواء عباس ابراهيم في الحصول على موافقة فرنسية حول توسع حجم الحكومة، وإبقاء وزارة المال في يد حركة أمل. الجواب واضح إما التسهيل وإما المزيد من العقوبات. وتشير المعلومات إلى أن الضغوط أدت إلى تعديل الكثير من المواقف، فرئيس الجمهورية غير قادر على الرفض، بينما الثنائي الشيعي قد يعمل على تمرير هذه الحكومة. ولكن مهمتها لن تكون سهلة في ظل هذه المعطيات.
الإنحناء أمام الرياح
يصر أديب ومن خلفه رؤساء الحكومة السابقين، على تسليم المسودة الوزارية إلى رئيس الجمهورية، ويبقى عليه رفضها أو التوقيع على مرسوم تشكيلها. بحال رفض عون، سيكون عرضة مع المقربين منه إلى عقوبات ، وهذه يريد أن يتجنبها. ولذلك يبعد باسيل عن الملف كي لا يكون مهدداً ، قد يطلب عون تعديلاً في التركيبة، خصوصاً أنه يستعد لشن حملة مضادة تحت شعار أن رئيس الجمهورية ليس “باش كاتب”. وسيهاجم بهذه الحملة كل المسيحيين المعارضين له. في المقابل، مصادر رؤساء الحكومة السابقين تعتبر أن عون سيرضى بالحكومة، ولن يكون قادراً على رفضها، وستحال إلى المجلس النيابي، وسط توقعات بأن يمررها أيضاً الثنائي الشيعي.. انحناءً أمام الرياح بانتظار عبورها. أما بحال رفض الصيغة الحكومية، سيكون المعرقلون أمام عقوبات واسعة وشاملة.
غسان سلامة.. مثلاً
بعض المعلومات تتحدث عن أن الحكومة ستولد الأسبوع المقبل، وستحوي أسماء جيدة جداً ولها وقعها، من بينها مثلاً الوزير السابق غسان سلامة، المطروح لوزارة الخارجية، كمقاتل قادر على إستعادة علاقات لبنان العربية والدولية وتحسينها. وحسب المعلومات، عندما فوتح سلامة بالموضوع وضع بعض الشروط، وتمسك بأن تكون حكومة إنقاذ وإصلاح، وسيحكم على الحكومة من تركيبتها للقبول، وسيستقيل منها فيما بعد، إذا ثبت عكس ذلك.
إسم غسان سلامة سيمثل تحولاً في مجريات السياسة اللبنانية، وستكون عودته انقلاباً على الإنقلاب الذي نفذ في لبنان على القرار 1559 بإغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولكن وجوده في الخارجية، ككاثوليكي، سيغير معادلة توزيع الوزارات السيادية، التي كانت تتوزع على الموارنة والأرثوذكس والسنة والشيعة. بحال حصل كاثوليكي على وزارة الخارجية، سيكون نائب رئيس الحكومة الأرثوذوكسي معززاً بحقيبة وازنة، وسينال الأرثوذوكس أيضاً حقيبة ثانية وزانة.
المصدر: المدن