الى متى الغيبوبة؟ أيّها اللبنانيون، إلى متى نعيش في أوهامنا؟
إلى متى نغطي عجزنا وفشلنا بشعارات ماضٍ لم يبقَ منه سوى الغبار؟
كفى تبجّحًا بأننا “فينيقيون”، “أبناء عشتروت”، “أحفاد من فتح الأندلس”، “ورثة جبال عامل والعرب”… كفى كذبًا على أنفسنا!
الحقيقة الوحيدة التي يجب أن نواجهها هي أننا أبناء وطن اسمه لبنان، وطن تتقاسمه ثمانية عشر طائفة ومذهبًا، وكلنا شركاء فيه، شاء من شاء وأبى من أبى.
لكن هذه الحقيقة تصطدم يوميًا ببعض زعماءنا، الذين يضعون مصالحهم الشخصية وحساباتهم الخارجية فوق مصالح الوطن.
هم الذين يجروننا إلى الانقسامات، ويعطلون الدولة، ويجعلون لبنان رهينة الممانعة والاحتلال والتهديدات الخارجية.
السؤال الأهم: كيف لنا أن نقنع الممانعة بتسليم سلاحها الشرعي، بينما هؤلاء الزعماء عاجزون عن حماية الدولة؟
كيف يمكن توحيد الجيش والقوى الشرعية، بينما بعض السياسيين يرهنون قرار لبنان لإرضاء الخارج؟
أين دورهم في الدفاع عن كل شبر من أرض لبنان، وحماية المواطنين من الضربات الإسرائيلية اليومية وسقوط المزيد من الشهداء في ظل صمت الشرعيه عن هذه الوحشيه.
وليس هذا كل شيء: كيف يكون لبنان حرًا وسياديًا ومستقلاً بينما تُفرض علينا تنازلات مباشرة؟
كيف تسمح إسرائيل بعدم عودة أهالي 27 قرية حدودية وفرض منطقة منزوعة السلاح، بينما زعماؤنا عاجزون عن حماية سيادتنا؟
أين استقلال القرار الوطني؟ وأين حرية لبنان في معالجة أزماته الداخلية وتصالحه مع أطياف شعبه؟
هل هذا هو لبنان الذي نحلم به؟ أم أننا ما زلنا مجرد مشهد على خريطة تُرسم من الآخرين، لا منّا؟
نعم، نؤكّد: لا سلاح خارج الشرعية. السلاح الشرعي وحده هو الذي يحمي الوطن، لا الذي يجرّه إلى صراعات شخصية أو أجندات خارجية.
لكن أي شرعية هذه إن كانت الزعامات عاجزة، صامتة، مرتهنة، وتترك المواطنين فريسة للانفجارات والفقر والانتحار اليومي؟
ثم تأتي الحقيقة الصادمة:
كيف لنا أن نقنع الممانعة بتسليم سلاحها الشرعي، بينما لبنان يُتعرض يوميًا للضربات الإسرائيلية، والتهديدات المبطّنة الأميركية تحيط بنا من كل جهة؟
كيف نطالب بتوحيد القوة الدفاعية، بينما يشعر أصحاب السلاح بأن الدولة عاجزة عن حمايتهم، وأن أي خطوة نحو التسليم قد تُضعف موقفهم؟
الإجابة ليست سهلة، ولا يمكن فرضها بالقوة، ولا يمكن الاكتفاء بالكلام النظري. الحل يبدأ من بناء ثقة حقيقية:
• خطة دفاع وطنية تحمي كل لبنان من الجنوب إلى البقاع، بحيث يصبح السلاح موحدًا تحت قيادة الدولة لا مهملًا.
• دمج تدريجي للمقاتلين ضمن الجيش والقوى الشرعية، مع الحفاظ على مكانتهم وهيكلتهم.
• ضمانات قانونية وسياسية تُبعد أي استهداف داخلي أو خارجي خلال هذه المرحلة.
• دعم شعبي ومجتمعي يضغط على كل الأطراف للمساهمة في حماية الوطن وليس مصالحهم الخاصة
لبنان لن يُبنى على الأساطير، ولن يُحفظ بالخطابات الفارغة. لبنان إمّا أن يكون وطنًا سيدًا حرًا مستقلاً، بقراراته المنبثقة من مصالح شعبه،
أو أن يبقى مسرحًا للآخرين، تُدفن فيه أحلام أبنائه تحت ركام زعامات عاجزة وأوهام تاريخية ميتة.
أسامة اللحام
قاضي لبناني سابق







