بوضوح، عبر الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين عن المطلوب أميركياً لوقف اعتداءات اسرائيل على لبنان: “تعديل القرار 1701، وانتخاب رئيس للجمهورية”. كان اللافت في حديث هوكشتاين، الذي سيصل لبنان الأسبوع المقبل، اعتباره رئيس مجلس النواب نبيه برّي “مسؤولا عن هذه العملية ضمن مجلس النواب”. ما يؤشر إلى أن الضغوط الأميركية على لبنان ستشتد، وستتركز خصوصاً على رئيس مجلس النواب، الذي حمّله الوسيط الأميركي، صراحة مسؤولية التأخير في انتخاب رئيس.
واستناداً إلى مواقفه التي تحمل تحذيرا أميركياً واضحا، وإلى فحوى الرسالة التي وجهها عضوا الكونغرس الأميركي من أصل لبناني، دارين لحود وداريل عيسى، إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، تتوضح أكثر معالم المرحلة المقبلة. وفي تقدير الديبلوماسية الأميركية، وما تعكسه الرسالة، فإن الفرصة متاحة حالياً لإجراء الإنتخابات تحت ضغط اعتداءات إسرائيل وتراجع لنفوذ حزب الله.
عقوبات على المعرقلين
وانطلاقاً من موقع الكونغرس الأميركي كشريك في رسم السياسة الخارجية وتحديد معالمها، فإن الرسالة التي وجهت أمس، وأودعت نسخة عنها لدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تعكس وجود التوجه للمطالبة بتلازم الضغط السياسي والعقوبات الاقتصادية، مع مسار الحرب الإسرائيلية.
تدعو الرسالة الإدارة الأميركية للضغط من أجل انتخاب رئيس للجمهورية. وتحمل برّي مباشرة، مسؤولية عرقلة انتخاب رئيس الجمهورية واعتباره “عقبة رئيسية أمام فتح البرلمان”. وحسب ما ورد في النص “قام رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكل محدد بعرقلة العملية الانتخابية، وهو لا يتصرف بوضوح بما يخدم مصلحة لبنان وشعبه. يستمر في أن يكون عقبة رئيسية أمام فتح البرلمان، ويجب أن يُنظر إلى أي عرقلة متعمدة لانتخابات رئاسية سريعة على أنها مدمرة للغاية لمواطني لبنان وفرصة تعافي البلاد في المستقبل”.
وتذهب الرسالة بعيداً في طلب فرض عقوبات على المعرقلين بما قد يعد تهديدا مبطنا بفرض عقوبات على رئيس المجلس، وتقول إن لدى الإدارة الأميركية فرصة لتحقيق ذلك مستفيدة من الظرف الراهن، حيث الحرب المستمرة بين حزب الله وإسرائيل والتي جعلت، حسب الرسالة، “حزب الله ضعيفا بشكل كبير نتيجة استهداف عناصره وقيادته. ومع تراجع سيطرته على لبنان، واستمراره في فقدان القادة والمقاتلين والبنية التحتية والتمويل والنفوذ”.
“لنهج أقوى في التعاطي”
وتعتبر الرسالة التي اطلعت “المدن” على نصها “أن انتخاب رئيس ليس مسألة هامشية في الصراع الحالي، بل هو أمر جوهري لمستقبل لبنان. فبدون رئيس وحكومة تعمل بكامل طاقتها، يُحرم الشعب اللبناني من صوت وطني ولا يملك هيكلًا قياديًا واقعيًا للتفاوض حول جهود السلام على الحدود الجنوبية”. وهو الوضع الذي استفاد منه حزب الله وطهران، على حد ما ورد في نصها، حيث يطالب عضوا الكونغرس، الإدارة الأميركية باتباع “نهج أقوى” في التعاطي، واستخدام “ثقلها الدبلوماسي لدفع هذه الإصلاحات قدمًا، بما في ذلك من خلال مجموعة الدول الخمس (Quint)، واقتصاديًا من خلال فرض عقوبات ذات مغزى. يجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة أيضًا لاستخدام جميع الأدوات التي نمتلكها لمراجعة وتجميد الأصول، بما في ذلك الأصول المقومة بالدولار وأصول أخرى داخل الولايات المتحدة، لأولئك الذين يستمرون في عرقلة العملية الانتخابية”.
واعتبرت الرسالة ان “الضغط” هو المطلوب “لتحريك البرلمان نحو انتخاب رئيس يكون الأفضل للشعب اللبناني، ويعمل من أجل مستقبل سلمي قائم على أساس قرار الأمم المتحدة رقم 1701 وغيره من الاتفاقات الدولية”. وتابعت تقول “لا يمكن للنخب السياسية الاستمرار في خدمة المصالح الخاصة في وقت يحتاج فيه الشعب اللبناني بشدة إلى قيادة. نظرًا للمصالح الاقتصادية والإنسانية والأمن القومي على المحك، نطلب اهتمامكم العاجل بهذه المسألة”.
تراجع نفوذ حزب الله
في المقابل، اعتبرت أن “الدعم المستمر من الولايات المتحدة لشعب لبنان من خلال المساعدات الإنسانية، وبرامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ودعم القوات المسلحة اللبنانية، يظل حاسمًا لضمان مستقبل لبنان المستقر والمزدهر والمستقل”، وأنه وعلى الرغم من أن “الوضع الحالي في لبنان صعب” لكنها تتحدث عن وجود بمستقبل لبنان من دون “نفوذ حزب الله”.
واعتبرت أنه “لا يمكن للبنان أن يتحمل استمرار الفشل في المضي قدمًا في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة لمكافحة النفوذ الخبيث للجهات غير الحكومية، والفساد المستشري، والانهيار الاقتصادي من دون رئيس. لهذا السبب، نحتاج إلى قيادة أميركية قوية وخلاقة بشكل عاجل. ونحثكم على عدم اتخاذ موقف بعيد واتخاذ نهج مباشر وقوي للانخراط في معالجة الجمود الرئاسي الحالي في لبنان”.
على أن أخطر ما في الرسالة تأييدها لحرب إسرائيل على لبنان واستهداف المدنيين، على أساس أنها من وجهة نظر عضوي الكونغرس”تحارب وكلاء الإرهاب الإيرانيين، حماس وحزب الله منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023″، وعلى اعتبار أن ” تصاعد الاشتباكات على الحدود الجنوبية أضعفت حزب الله، نتيجة استهداف عناصره وقيادته. ومع تراجع سيطرة حزب الله على لبنان، واستمراره في فقدان القادة والمقاتلين والبنية التحتية والتمويل والنفوذ، نعتقد أن على الولايات المتحدة أن تمضي قدمًا في ممارسة ضغط مباشر على رئيس مجلس النواب نبيه بري، والبرلمان اللبناني، والقادة السياسيين الآخرين للتحرك بسرعة وإجراء انتخابات رئاسية فورية”. وختمت بأن “أي تأخير إضافي من رئيس مجلس النواب أو غيره لعرقلة الدستور وعدم عقد جلسة برلمانية مفتوحة وعادلة لانتخاب رئيس هو أمر غير مقبول”.
غادة حلاوي