خارت قواه وغاب عن الوعي ,أنطون الشاب العشريني الذي جاء الى دبي قبل أسابيع للإنضمام الى فريق لمشروع لستة أشهر.
يشرف أنطون على فريق من الشبان المتخرجين حديثا من الجامعة والقادمين “طازه “من لبنان..أول تجربة سفر وأول عمل جدي يقيمون بشقة واحدة يتقاسمون الطعم الاول للغربة بمرها وحلوها…
لم يهدأ أنطون منذ اليوم الأول.. يعمل ولا ينام .لا يريد أن يرد طلب احد.. لا يريد ان يرفض أي شيء.يريد أن يقدم الأفضل ويريد من الجميع أن يكون راض مرتاح ..فريقه الشاب اليافع بتفاصيله وفريق المشروع المخضرم والمتطلب بتفاصيله.
لم يكن بالمكتب باكرا كما العادة..أسأل عنه صبية من فريقه فتقول مريض غاب عن الوعي من الإرهاق والتعب..
توقعت ذلك منذ اللحظة الأولى ..حجم الضغط الذي قادر هذا الشاب على امتصاصه بابتسامته الجميلة وروحه الحلوة لا يمكن وصفه…كل هذا الامتصاص سينعكس في مكان ما . بشكل ما..
ساعات قليلة ويدخل المكتب بابتسامة شاحبة ووجه أصفر…أطئمن عليه ليأتي جواب” انا منيح كل شي أفضل من العودة الى جحيم لبنان”.
أحبس دمعتي وتبدأ قصتي …
أراقب شباب أنطون ..أريد أن يشعر كل منهم ان لديه هنا عائلة ..أننا في هذا المشروع عائلته عائلة واحدة وليس فريق واحد…. ليسوا وحدهم ..هي الغربة جمعتنا جميعا على هذه الأرض ..ولكن على مراحل ..مراحل قهر أوطان ومراحل اغتراب….قاسية هي الغربة ..قاسية هي أيامها الأولى ..لا شيء يرطبها الا العمل والنجاح به..
أربعة شبان وصبية..فريق انطون ..نسخة عنه.. بنفس الجدية والالتزام ..رماهم كابوس لبنان الى أرض الأحلام ..ليسوا أول من رماهم قهر أوطانهم الى هذه الأرض ولن يكونوا آخر من يقصدها حاملا غصة بلاده ليحولها الى إنجاز يفخر به.
النجاح يولد من رحم القهر..القهر مسؤول عن النجاح ..حجم القهر في عيون أنطون وشبابه سيولد نجاحا حتميا لأنه ممزوج بالجد والعزيمة.
سينتهي المشروع الذي جمعني بهم بتألق اصرارهم على الانتصار..هذا جزء من تحول الإمارات من أرض صحراء الى أرض الحالمين..لاشيء يساهم في نجاحك في الاغتراب أكثر من قهر وطنك لك ووأده لمستقبلك..
بلد يلفظ شبابه وبلد يفتح لهم شراع أحلامهم..
سيحلق انطون عاليا في أرض الإمارات ..لا لشيء الا لأنه جدي ,مكافح ,طموح وشغوف بعمله…سيجد فرصته كما وجد مئات الشبان من كافة انحاء العالم فرصتهم على ارض غير ارضهم..على ارض خصبة للاحلام ..تعرف كيف تزرع بذورالأمل لتقطف نجاح تلو نجاح..
هناء حمزة
*إعلامية لبنانية مقيمة في دبي