كورونا … بقلم المربي شبلي البعلبكي

كتبَ المربي شبلي أحمد البعلبكي هذه القصيدة المعبّرة من صميم معاناته من فايروس كورونا ، وقال فيها :

مَرَّتْ على خَفَرٍ، ترنو لنافذَتي
مَرَّ السَّحابةِ لا ظِلُّ ولا أثرُ
يسعى بها هدفٌ ، ما كنتُ أعلمُهُ
في “تاجها” غَصَصٌ، في عينِها شَرَرُ
هبَّتْ عيونُ الوَرَى، تَقْفو مسالكَها
لكنها انْتَثَرَتْ كالرِّيحِ تنتشرُ
في كلِّ زاويةٍ أخْفَت لها مدداً
في كلِّ ناحيةٍ قالوا : هي الخبرُ
في لُجَّةْ الماء تُلقي من طلاسمها
فوق الغمامِ نما من نسلِها زُمَرُ
والناسُ في صدمةٍ ، الكُلُّ يحذرُها
والرُّعبُ يسرقْ طَعمَ النَّومِ، يستعرُ
من أين تُقبِلُ؟! هل من قعرِ أقبيةٍ؟
أم بثّها الجِنُّ؟ جُندُ الجِنِّ مُسْتَتِرُ
هل أخرجتها سمومٌ من مخابئها؟
فيها الجراحُ وفيها الحقدُ و الضّرَرُ
هل أنجبتْها عفاريتٌ يُحصِّنُها
نَفْثٌ من السِّحرِ ، منه الصِّلُّ ينحدرُ
أَمْ قَوْمُ يَأجُوجَ شَقوا الأرضَ فانفَجَرَتْ
كما البراكينُ ، لا تُبقي ولا تَذَرُ
لم يعرفِ الكونُ من أسرارها نُتَفاً
فقُلتُ : حَسْبي بما قالوا وما قَدَروا
حارَت عقولُ البرايا فهي مدهشةٌ
طَوراً لها حِمَمٌ طَوراً لها صِوَرُ
قالوا : أفي الجِنِّ أتباعٌ تُسانِدُها؟
أم مارِدٌ ثارَ قد فاضَت به البُؤَرُ
قالوا : تُبَدِّلُ وَجهَاً كل ثانِيَةٍ
قالوا : لها عُصْبةٌ تؤذي بها، تَزِرُ
قالوا : تُغِيرُ على الأطفالِ، تسرِقُهُم
قالوا : نراها بِلَيلٍ ما به قَمَرُ
قالوا : تُثيرُ رَزايا في تَنَقُّلِها
فَرَّ الشيوخُ وقد أخفاهُمُ الحَذَرُ
قالوا : لقد بَرَزَتْ مثلَ الجحيم وقد
يَخالُها الموتُ تُرديهِ وتنتصرُ
قالوا :… وقالوا : ويكفي أنّها هَزَمَت
عقلَ الحليمِ ، وضاعَ العلمُ والفِكرُ
مَرّتْ على الدّارِ قالت : جئتُ زائرةً
هواجسي الناسُ ما أثروا وما افتقروا
لا تحجُبُوا الناسَ عن رِزقٍ أُريدَ لهم
أو تحبسوا الخلقَ، هذا الكونُ مزدهرُ
ثمّ استدارت إلى صدري، تُعابِثُني
تدنو من النَّحرِ حيناً ثمّ تعتذرُ
مَدَّت مخالبَ نحوي وهي سافِرةٌ
و قد تراءى على أنيابِها غِيَرُ
لَفَّتْ على عُنُقي أغلالَ خِدعَتِها
لم ينهَهَا خجلٌ لم يُثنِها كِبَرُ
ألفاظُها عَسَلٌ أفعالُها جَلَلٌ
رَوغُ الأفاعي بدا ، كم نهجُها قذرُ
تستهدفُ النَّومَ في عيني، تُؤَرقني
تُبعثرُ الفِكرَ تلهو بي وتفتخرُ
ما كنتُ أخضعُ أو أجثو لنازلةٍ
مَن يَسلُبِ العُمرَ من دانت له العِبَرُ
جاءت تُنازلُ في السَّبعينَ من عُمُري
قد غَرَّها الشَّيبُ رَدُّ الشَّيبِ ينتظرُ
وَثَقتُ بالله ربّي لا يُضيِّعُني…
من يحفَظِ الله معقودٌ له الظّفَرُ
والحمدُ لله في بَدءٍ وخاتمةٍ
يا رَبُّ عفوَكَ … إن زَلَّت بنا سِيَرُ

شبلي البعلبكي شباط 2021

لمشاركة الرابط: