أحبائي وأصدقائي ، أردت من خلال معايشتي لوباء كورونا في المنزل وفي مستشفى دار الأمل الجامعي أن أكتب عن تجربتي المُرة وأن أشرح بإختصار شديد ما مررت به وما أنا عليه الآن، وهدفي أن أعلن أننا أمام وباء خطير جداً وقاتل وحقيقي … وإليكم التفاصيل:
منذ أن بدأت معاناتي من ارتفاع الحرارة التي وصلت إلى 39.5 دخلت في عالم جديد وتوقفت أمام تهيئات لمجموعات من البشر لم أرها في حياتي ، وقد دار بيننا حوار حول أمور لم افهمها ولم أفهم الغاية من طرحها ، فمرة نتحدث في الحسابات ومرة في غيرها … ويطول اللقاء من غير طائل !
ثم أصحو بعدها ثم أنام قليلا فيتغير المشهد أمامي ، أنظر إلى الحائط في غرفتي على أن لونه عاجي ، وسرعان ما يحدث تغيير في الألوان، بداية يتحول إلى اللون الأحمر المرصع بفيسفساء من الزهر والأبيض ، ثم يتوالى ظهور صور لرجال يعودون بتاريخهم الى آلاف السنين ، ورغم معرفتي بالتاريخ لم أستطع أن أميز بينهم رغم جمال الصور ووقارها ، ويستمر مسلسل الصور المتتابعة إذ يحل شريط جديد تتبدل فيه الألوان والأشخاص من جديد ، ليطغى اللون العاجي المزركش من جديد ويضم الشريط صوراً لنساء في قمة الوقار والإخراج الفني لرسوم المرأة ، لم ألحظ الحزن يعرف اليهن سبيلاً ، وبعد لحظات تتدفق كمية من المياه الملونة الى غرفة خضراء فيها فقاقيع صغيرة من البياض وأحياناً من اللون الفيروزي، ثم يرتفع منسوب المياه الى السرير… لكن المياه لا تقترب مني رغم أني كنت أشاهد في بعض زوايا الغرفة أن المياه ارتفعت الى منسوب يلامس السقف … لم أخف ولم يهتز لي جفن ولا انتابتني مشاعر الخوف من هذه المشاهد، لكن الذي أثار الإضطراب في نفسي حضور أشخاص ضمن وفود يرتدون ثياباً تعود إلى القرون الوسطى ويحملون أقلاماً ودفاتر … ينظرون الي نظرة عتب ثم يرمون الأوراق … ويرحلون !!
خلال هذه المشاهدات الصعبة والمتنوعة والمؤلمة لم أخف ولم أضطرب ، بل كانت نفسي مشتتة لا تستقر على مشهد واحد.
سألت جاري المصاب مثلي بالكورونا : ” أحسست بأنك مضطرب كثيراً” فأجابني:” أشعر منذ يومين بهجوم دائم لمجموعات من المردة يريدون أذيتي ، لذا تراني أصرخ وأقاوم وأعاني كثيراً في رد ظلمهم عني ، وما زلت أعاني حتى صباح هذا اليوم. ”
لقد توقفت المشاهد المزعجة توقفاً شبه تام رغم الإزعاج الذي سببته لكل من عايش الكورونا مثلنا.
أما المعاناة الصحية فأختصرها بأوجاع قوية ، وإنعدام للنوم، وإمساك شديد وعجز عن الوقوف ، لا سيما أثناء الدخول إلى المرحاض ، وضيق في التنفس .
لذلك أتوجه لكل أب ولكل أم ولكل أخ حريص على الحياة ويحب الحياة أن يخرج من مفهوم :”ما في وجود للكورونا” ويعتبرها من أخطر الأمراض الفتاكة بحياة الإنسان.
الرحمة لضحايا كورونا وأعاننا الله على تخطي هذا البلاء الكبير ، ولا يفوتني هنا التوجه بالتحية الى كل العاملين في مستشفى دار الأمل الجامعي لا سيما الجنود البيض الذين نذروا نفوسهم للتصدي لوباء كورونا وأخطاره ، ودحره الى الأبد .
حسين صلح رئيس جمعية الفداء ومدير ثانوية الأدباء في بعلبك