سفينة الشؤم “اللقيطة ” من جورجيا الى الموزنبيق … بقلم عاطف البعلبكي

…وقعت الكارثة … تم تدمير نصف بيروت ، هذه المدينة الثكلى التي قدر لها أن تتلقى النكبة تلو النكبة والمصيبة فوق المصيبة …إهمال وفساد ونهب وتدمير ، والسبب سفينة لقيطة لا أب لها ولا أم ، لا شركة ولا وكيل . كل مستند له علاقة بها مفقود . كل شركة تعاملت معها أقفلت ، بكل بساطة : لا صاحب لشحنة النيترات القاتلة .
الغموض سيد الموقف ، فالوثائق الرسمية مفقودة ، ومعظمها صادر عن شركات منحلة ومقفلة حول العالم على علاقة بالسفينة من لندن الى قبرص واليونان وبيروت .
من صاحبها ؟ مجهول
من مالك حمولتها ؟ مجهول .
من دفع 700 الف دولار ثمن الحمولة المتفجرة ؟ مجهول كذلك .


سفينة” لقيطة” ترفع علم مولدوفيا ، ليس لها عقود تأمين عالمية فهي تبحر خلافاً للقانون البحري ، تم إحتجازها في أشبيليا الإسبانية لوجود عيوب فيها في عام 2013 ثم أبحرت من هناك هرباً . مالكها سجلها في بنما وقام بتأجيرها ، دفتر الإيجار لشخص من جزر المارشال ، كان يملك شركة أقفلها في عام 2014 حسب وكالة رويترز .
خط سير السفينة يبدأ من جورجيا على البحر الأسود ، ووجهتها النظرية الموزنبيق في أقصى جنوب أفريقيا . المحطة الأولى في تركيا ثم اليونان وربما قبرص . ثم تعرج على مرفأ بيروت في عام 2013 مع طاقم روسي جديد تولى قيادتها من اسطنبول بعد تغيير قبطانها وطاقمها هناك (علماً بأن محطة بيروت لم تكن مدرجة في الرحلة) القبطان بعد التفجير صار نجماً تلفزيونياً ، قدم معلومات محددة عن علاقة لإبن أحد المسؤولين قد تفيد التحقيق .
لماذا مرفأ بيروت ؟ – نظرياً- لتحميل جراف وحفارتين يبيعهما الطاقم في خليج العقبة الأردني للحصول على المال … ولكن بدن السفينة متهالك لا يحمل الآليات الصناعية . يتم حجز السفينة بشكل غامض لشهور عديدة … تفرغ حمولتها في العنبر المشؤوم … يغادر طاقمها الى روسيا بعد جوع ومعاناة وبيع لوقودها ومحتوياتها ، تغرق السفينة أو على الأصح يتم إغراقها ، وهي تقبع حالياً في قعر أحد أحواض المرفأ . تبقى الشحنة في المرفأ مع ما تيسر من المواد الكيماوية والمفرقعات … كانت 2750 طناً في عام 2013 ، تتناقص تدريجياً ( لحسن الحظ) وتنفجر وتدمر بيروت (لسوء الحظ) ولا تطالب بها دولة الموزنبيق ، بحجة أنها تدفع ثمنها فقط في حال وصولها الى أراضيها ، وهذا نوع جديد من التبادل التجاري.

المفارقة أن كل الهيئات الرسمية المسؤولة في مرفأ بيروت كانت على علم بوجود الشحنة المتفجرة في العنبر الشهير وأبلغت من هم في المراكز العليا بأمرها ، بإستثناء الشعب المقتول الذي سيذهب ضحية الإهمال والتواطؤ والنهب والسمسرات والتنفيعات بعد سنوات … التجارب مع القضاء المحلي معروفة النتائج وغالباً ما تتم ” لفلفة” الموضوع وتجهيل الفاعل على الطريقة اللبنانية ، لذلك فالتحقيق الدولي مطلوب وبشدة … مادة النيترات عالية التركيز من الآزوت يعني أنها تستعمل لصنع المتفجرات …!
من ” سرق” معظم الكمية من عنبر الموت ؟
من خزن الكمية التي تفجرت؟
ومن فجرها؟
من حق الشعب المقتول أن يسأل … لم يعد عنده ما يخسره أصلاً بإستثناء كرامته المنتهكة ، فقافلة الشهداء والمفقودين حتى اليوم قد تصل الى 200 ، والجرحى بالآلاف ، وكلفة الدمار والهدم بعشرات المليارات من الدولارات ، فلينتفض الشعب على القاتل ، وليحاسبه مهما علا شأنه ولا يكتفي برؤوس الموظفين الصغار الذين سيقدمون ككبش فداء في محاولة بائسة لتجاوز مفاعيل الكارثة ، أو فليستعد لأن يقتل المرة تلو المرة بلا قيمة ولا كرامة …!

[email protected]

لمشاركة الرابط: