بعد أسبوع على الكارثة التي حلت ببيروت من يحاسب من ؟… بقلم عاطف البعلبكي

أسبوع مر على الكارثة ، أسبوع ثقيل ينوء بهول المصيبة والفاجعة التي ألمت ببيروت . ففي مثل هذه اللحظات إرتجت العاصمة الصابرة بعنف وسقط ميناؤها صريعاً نتيجة فساد وإهمال (كي لا نقول أكثر) نتج عنه إنفجار آلاف الأطنان من المواد المتفجرة المخزنة برعونة في مستودعاته منذ سنوات عديدة . وهذا يعني أن بيروت كانت مهددة كل لحظة بالإنفجار منذ سنوات عديدة حتى لحظة وقوع الكارثة لن ندخل في تفاصيل التحقيقات التي نزعم أنها قد لا تكشف كل الحقيقة عما كان يخزن فعلياً في عنابر التخزين مع مادة النيترات ، ولا في تفاصيل رحلة السفينة المشؤومة التي حملت هذه المواد شديدة الإنفجار ، ولا السيناريو الذي رافق هذه السفينة من مكان انطلاقها في جورجيا الروسية الى تركيا فبيروت ، وكيف تم حجزها وتفريغ حمولتها وإغراقها ، ثم كيف نسي طاقمها وربانها بأنها كانت متجهة الى زيمبابوي في أقاصي أفريقيا ، وتركها وغادر بعد احتجازه لشهور عديدة بلا طعام ولا شراب ما إضطره الى بيع وقودها لبعض التجار في المرفأ ليبقى على قيد الحياة .
في مثل هذه الدقيقة القاتلة إرتجت بيروت وتمايلت أبنيتها وتناثر زجاجها في الشوارع بشكل مخيف ، وخلنا للوهلة الأولى أن زلزالاً ضربها بقوة ، وطارت النوافذ والأبواب ، وخرج سكان العاصمة في الشوارع يهيمون على وجوههم ، كل واحد منهم إعتقد لهول الكارثة أن انفجاراً أصاب شارعه ومحيطه ، دقائق وإنجلت الكارثة غير المسبوقة في تاريخ لبنان والعالم منذ قنبلة هيروشيما التي أعلنت الولايات المتحدة بها نهاية الحرب العالمية الثانية بعد قصفها لليابان .
في التجربة الشخصية وفي لحظة الإنفجار إرتجت البناية بعنف وأحسسنا بأنها إنخسفت نزولاً بعد ارتفاع الآثات والأدوات من مكانها ، واعتماداً على معلومات وتجارب سابقة ، رجحنا فكرة الزلزال ، فعزلنا التيار الكهربائي سريعاً عن المنزل تحسباً للأسوأ وهو انهيار البناية ، وللمفارقة كان التيار الكهربائي زائرنا المقيم في تلك اللحظة بعد طول غياب ، وفي نفس اللحظات القاتلة تناهت إلينا أصوات الصراخ والفزع من الشوارع المجاورة .. شارع عفيف الطيبي التي تلقى العديد من الإنفجارات خلال الحرب الأهلية ، تكسر زجاج أبنيته وفر الناس في الشارع ، لقد اعتقدوا أن انفجاراً جديداً نال من منطقتهم عشية صدور حكم المحكمة الدولية في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري . كل الإحتمالات واردة في هذا البلد المكشوف أمنيا والذي لا تسيطر قواه الأمنية على أمنه بوجود قوى مسلحة أقوى من قواه الشرعية .
منطقة الكولا هرب سكانها صعوداً بإتجاه ملعب بيروت البلدي بعد تحطم زجاج أبنيتها وسط حالة من الإرباك والفزع والصراخ … دقائق وينقشع الغبار، لقد أصابت الكارثة بيروت ودمرت الأحياء القريبة من وسطها في الجميزة والأشرفية والرميل والصيفي ، وقضت على البيوت التراثية التي كانت تزينها ، وخرج المرفأ من الخدمة ، وأصيب المئات من المواطنين وسقطوا بين قتيل وجريح ، وارتفعت سحابة برتقالية الى عنان السماء واتجهت شرقاً حتى وصلت صوب سهل البقاع .
بعد أسبوع مر على الكارثة لم يفق اللبنانيون بعد من هول الصدمة وسط تقاذف مريب للمسؤوليات من أعلى الهرم إلى أسفله ، من عرف وسكت ؟ من تقاعس ولم يبلغ ؟ من هي الجهة التي أدخلت المواد المتفجرة ؟ ولماذا أبقيت كل هذه المدة في عنابر مرفأ بيروت ولمصلحة من ؟ عشرات الأسئلة المشروعة التي من الممكن أن تبقى بلا إجابات إذا لم تسارع الهيئات الدولية الى تسلم زمام الأمور في تحقيق دولي شفاف يكشف ما خفي من خفايا هذه الكارثة – الجريمة ، ومحاسبة من تآمر أو أهمل أو قصر في الحفاظ على أرواح المواطنين ، قبل أن تقوم بعض الجهات الأمنية بلفلفة القضية على الطريقة اللبنانية … إستقالة الحكومة لا تكفي بل يجب أن تتدحرج رؤوس كبيرة كما يجري في كل بلدان العالم المتحضر التي تحترم فيها كرامة وحياة الإنسان .

عاطف البعلبكي

عدسة nextlb

لمشاركة الرابط: