أيها السياسيون إرفقوا بالوطن والشعب فهل من يسمع ؟..بقلم المرشح السابق محمد قدوح

أما وقد انتهت الإنتخابات النيابية ، وربح من ربح وخسر من خسر ودخلت الى قبة البرلمان وجوه جديدة ، وعادت اليه وجوه قديمة ، وكلف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة ، وبعد مضي أكثر من 4 شهور من الوقت الضائع ، فإن الوضع الإقتصادي والمعيشي لم يعد يحتمل التسويف والمماطلة فالشعب مغلوب على أمره ضائع بين مطرقة السياسيين ، وسندان الحصص الطائفية والمذهبية ، فقد صار من الضروري تشكيل حكومة سريعا تتفرغ لإدارة شؤون البلاد والعباد ووقف التدهور المريع الحاصل على كل الصعد في بداية موسم المدارس والجامعات ، وأمام ضغط إقتصادي كبير .
صحيح أن حكومة تصريف الأعمال مكلفة بإدارة شؤون البلاد بالحد الأدنى ، ولكن المشاكل الإقتصادية والإجتماعية الى تفاقم ، والفساد مستشر في الإدارات والمؤسسات والبلد على شفير الهاوية، ومعظم الطبقة السياسية تتصرف وكأن الأمور جيدة والوضع سليم بينما نحن أمام انهيار شبه تام .
وحدها المؤسسة العسكرية والأمنية تقوم بواجبها بشكل جيد لتحفظ أمن البلاد والعباد بدءا من معارك الجرود وصولا الى كشف شبكات عملاء العدو الصهيوني والشبكات الإرهابية النائمة . في ظل ظروف إقليمية حرجة وإنتشار للإرهاب وتهديدات العدو الإسرائيلي المتكررة للبنان .
الحكومة ضرورة
على الصعيد الحكومي وأمام الفشل في تشكيل حكومة موسعة، لماذا لا يصار الى تشكيل حكومة مصغرة من 16 وزيرا مثلا وتكون من خارج المجلس النيابي أسوة بباقي الدول ، تكون على مستوى المسؤولية الوطنية وتتمتع بقدر عال من الشفافية .
وبعد تعذر تأليف الحكومة بالسرعة المطلوبة نتمنى على الرئيس سعد الحريري بأن يبقى متمسكا بالتفاهم مع فخامة رئيس الجمهورية مهما كانت العقبات التي تعترض عملية التأليف، وفي هذه الظروف العصيبة التي بلغت حد الإنهيار الكلي الذي يهدد مصير الوطن والمواطن .
ونتوجه بالسؤال الى السياسيين من مختلف التوجهات : هل أنتم جادون في بناء الدولة والمؤسسات وفي الحفاظ على مقدرات الوطن وإعادة اللحمة بين أبنائه وتنفيذ اتفاق الطائف بحذافيره ؟
وهل أنتم جادون في محاربة الفساد والمفسدين أم سيبقى المفسد محميا يصول ويجول ؟
لقد انقضت سنتان من عهد رئيس الجمهورية والعراقيل أمامه تتسبب بشل البلد بعد الإنطلاقة الجيدة للعهد التي أثمرت موازنة وقانونا للإنتخاب على مبدأ النسبية وتم تحرير جرود حدود الوطن الشرقية من الإرهاب بسواعد الجيش اللبناني .
يجب وقف التراشق الإعلامي بين السياسيين الذي تصيب شظاياه موقع الرئاسة ، على عكس المطلوب من الإلتفاف حول فخامة الرئيس ودعم العهد والتنازل من الجميع لمصلحة الوطن والمواطن ، لوقف التدهور وإعادة عجلة الإقتصاد الى الدوران مجددا وإيجاد فرص عمل كريمة للشباب لوقف هجرة الكفاءات ، وإنتظار الشباب على أبواب السفارات للحصول على فيزا للهجرة .
لقد استفحلت البطالة بين أوساط الشباب، وانعدمت فرص العمل وسط مزاحمة قوية لليد العاملة اللبنانية من النازحين السوريين ومن غيرهم من الجنسيات .
العلاقة مع السعودية وإيران
على الصعيد العربي والإسلامي ، نتطلع الى أفضل العلاقات مع الدول العربية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية الشقيقة، والتي لها اليد الطولى في المساعدات الخيرة للبنان للجميع دون استثناء ، ونهنىء المملكة بعيدها الوطني في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، ونأمل أن يكون رأس حربة في الدفاع عن الإسلام والمسلمين في العالم ومساعدة المحتاجين كما نثمن المعاملة الجيدة التي يحظى بها اللبنانيون العاملون داخل المملكة وفي باقي دول الخليج العربي .
وكذلك نثمن الدور الذي تقوم به المملكة في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني في الداخل والخارج والذي يتلطى بإسم الدين الإسلامي الذي هو بريء منه . كما نستنكر ماجرى من تفجيرات أصابت الجمهورية الإسلامية في إيران في منطقة الأحواز .
مشكلة النفايات والتلوث والأمراض
مشكلة النفايات والتلوث الى ازدياد والمواطن يصاب بالأمراض وفي طليعتها آفة السرطان ، ورجال السياسة في لبنان مختلفون حول اقتسام المغانم والحصص ، مرض السرطان يتفشى بين المواطنين في نسبة من أكبر نسب الإصابة بهذا المرض الخبيث في العالم ، وينتشر خاصة بين الأطفال، بينما يقف المرضى على أبواب المستشفيات عاجزين عن دفع كلفة الإستشفاء وثمن الدواء . ماذا جنيتم علينا أيها السياسيون وكيف أوصلتم البلد الى هذه الكارثة .
تلوث نهر الليطاني يفتك بصحة الشعب ، والمعالجات عاجزة عن رفع التلوث عن حوضه الذي ترمى فيه مخلفات المصانع والمستشفيات، وتروى بالماء الملوث حقول الخضار والمزروعات ، ورغم الميزانيات الهائلة التي تم رصدها لمعالجة التلوث وجمع وفرز النفايات ، لم يتم بناء المعامل لفرز النفايات والحرق ، ناهيك عن المياه الملوثة ورمي النفايات ومجاري الصرف الصحي في البحر ودون معالجة ، وهذا من شأنه رفع نسب التلوث في البحر، وتشكيل خطر محدق على الثروة السمكية ونقل الأمراض الى المواطن اللبناني مجددا .
أما على صعيد الكهرباء فحدث ولا حرج ، فقد صرف على هذا القطاع حوالي 23 مليار دولار منذ اكثر من 27 عاما . ولم يؤمن التيار الكهربائي للمواطن . وتنتشر المولدات على أرض لبنان ، وتسعى الدولة الى تركيب عدادات للمولدات بدل السعي الى التغذية العالية بالتيار الكهربائي والإستغناء عن المولدات من أصلها .
الشعب لن يرحم وسيحاسب من أفسد وسرق ، والتاريخ لن يرحم من جوع الشعب الذي لم يعد يعرف الى أين يذهب والى من يشتكي ؟
القضاء
المهمة الأولى لتسير مؤسساتنا بشكل صحي ونظيف أن يرفع السياسيون يدهم عن القضاء وعدم التدخل في شؤونه ، وهذا الأساس الصحيح لبناء دولة القانون والمؤسسات ومنع الضغوطات التي يتعرض لها الجسم القضائي من السياسيين ومحاسيبهم .
الزراعة والحشيشة
في هذه الأيام يكثر الحديث عن تشريع زراعة القنب الهندي ” الحشيشة” وهذه الزراعة لها محاذيرها المخيفة على الصعيد الوطني والشعبي والإجتماعي في حال عدم ضبطها بشكل صارم وجدي من قبل الدولة ، والحل المقترح لهذا المشروع هو اتفاق توقعه الدولة اللبنانية مع إحدى الدول التي تستورد هذه المواد لصناعة الأدوية والمستحضرات الطبية لكي يتم ضبط إنتاج وتسويق هذا المنتج ليزيد من موارد الدولة والخزينة ، فيستفيد منها المواطن . ويكون ذلك عبر إنشاء مؤسسة حكومية تشرف على إدارتها وإنتاجها .
المجتمع وقانون الإعدام لردع الجريمة
لا يخفى على أحد الإنتشار الكارثي للجريمة في المجتمع اللبناني وعلى كل المستويات والحل العملي الوحيد هو تنفيذ قانون الإعدام ، ليشكل رادعا للمجرمين والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه تنفيذ هذه الجرائم المشينة بحق الشعب اللبناني ، ولا تقتصر الجريمة على عملية القتل المباشر ، بل تتعداها الى عمليات القتل باللحوم الفاسدة وشحنات الأبقار المريضة والسلع منتهية الصلاحية والفاسدة ، لأن المال أعمى عيون الفاسدين المدعومين من الطبقة السياسية ومن مختلف الإنتماءات .
المطار
واجهة لبنان هو مطار الشهيد رفيق الحريري وما جرى فيه ويجري منذ فترة من فوضى وتخبط عائد الى عدم التنسيق الجدي بين الأجهزة الأمنية المولجة بحفظ الأمن وتسهيل أمور المسافرين من لبنان والقادمين اليه ومع العلم ان المسؤولية تقع على عاتق جهاز أمن المطار المولج بحماية المطار وسلامة الركاب . وأن مسؤولية التعامل مع المسافر وتفتيش الحقائب والجوازات من مسؤولية الأمن العام وقوى الأمن الداخلي فالصلاحيات متشابكة وهذا ما يسبب الإرباك للأجهزة، ويسمح بتدخل السياسيين في عمل هذا المرفق الحيوي الذي يشكل واجهة لبنان المشرقة والقلة القليلة من المؤسسات الناجحة على صعيد لبنان ككل .
ومن هنا نناشد المسؤولين بأن يكفوا أيديهم عن المطار وأن يبعدوه عن سجالاتهم السياسية ، وأن لا يتكرر ما حصل مع موكب فخامة رئيس الجمهورية عند سفره الى نيويورك لإلقاء كلمة لبنان على منبر الأمم المتحدة .
فخامة الرئيس في الأمم المتحدة
عكس الخطاب المهم الذي القاه فخامة رئيس الجمهورية من على منبر الأمم المتحدة خيار اللبنانيين في توحيد كلمتهم والعيش المشترك في وطن حر نهائي لأبنائه، ورفض التوطين سواء توطين الشعب الفلسطيني الشقيق الذي هجر من أرضه ظلما وعدوانا . وكذلك التهجير الحديث للشعب السوري ، وركز خطاب فخامة الرئيس على اعادة النازحين السوريين الى ديارهم ومنع التغيير الديموغرافي والمحافظة على العيش المشترك بين اللبنانيين في ظل دولة القانون والمؤسسات والنظام الديمقراطبي البرلماني الحر والإلتفاف حول فخامة الرئيس في هذا الظرف العصيب .
والتركيز على إعادة النازحين السوريين الى أرضهم يتطلب جهودا مشتركة من جميع السياسيين على اختلاف توجهاتهم كي لا يتكرر مع الشعب السوري ما حصل مع الشعب الفلسطيني منذ 70 عاما ، وكي لا يضغط وضع النازحين السوريين على وضعنا الإقتصادي والإجتماعي كذلك . فيتسبب بمزاحمة غير مشروعة في مجال العمل وهجرة لشبابنا الى الخارج .
أين تذهب اموال الشعب ؟
تدخل الى خزينة الدولة مليارات الليرات وتستوفي الخزينة الضرائب والرسوم ونستعرض عينة بسيطة عن عدد السيارات التي تسير على الأراضي اللبنانية وهي تتجاوز مليون و600 الف سيارة ومركبة ، وتتقاضى الدولة 5 آلاف ليرة عن كل صفيحة بنزين تستهلك ، وهذا يعني أن الخزينة تستوفي 8 مليارات ليرة شهريا ويكون المجموع العام سنويا 96 مليار ليرة لبنانية ، والسؤال الكبير هو أين تذهب هذه الأموال وتبقى حال الطريق التي تسير عليه السيارات سيئة الغاية ولا زفت ولا إنارة؟
خلاصة
لقد تحررت أرضنا من العدوان الصهيوني الغاشم عليها واستطعنا درء خطر الإرهاب عنا بفضل سواعد الجيش اللبناني التي تكاتفت مع الشعب اللبناني ، وبالتالي مطلوب منا المحافظة على بلدنا وسط هذا الجو العام المتقلب وغير المستقر في الشرق الوسط ، وعدم التدخل في شؤون الغير لنكون متصالحين مع محيطنا لأن مصلحة لبنان تقتضي ذلك . وأن لا نقف عاجزين عن إدارة شؤون بلدنا بسب خلافاتنا على تشكيل حكومة وتقاسم للحصص بين الطوائف والأحزاب . وإلا فيجب أن نسمح بالتدخلات الخارجية في شؤوننا لإدارة بلدنا بعد أن قصرنا عن إدارتها بأنفسنا، وبعد أن اختلف سياسيونا وفشلوا في حكم بلدنا ، ونخضع حينها لوصاية دولة تدير شؤوننا لا سمح الله .
محمد قدوح *
مرشح سابق للبرلمان اللبناني
مخلص بضائع مرخص في مرفأ بيروتِ

(الآراء الواردة في النص تعبر عن رأي كاتبها )

لمشاركة الرابط: