عم فتح عيني مش عم صدق ، تقول لي صديقة تعيش في كندا أمامي أمي في طرابلس وأختي في الرياض وإبن عمي في دبي ..عم إسمح الدمعة وأنا ضحكتي شبر تضيف في اتصالها الهاتفي شو عملتي فيها..وتشهق بالبكاء.
لا تتوقف ولا أتوقف..مشتاقون نحن ..مشتاقون لكل شي..للنفس للروح للإندفاع للعمل للشارع للحي للناس للعائلة .. لدموع الفرح وللحزن الجماعي..هنا الغربة لا جماعة فيها ..لا عائلة فيها أبعد من جدار بيتك وأصدقاء صنعتهم قساوة الغربة ووحدة الحال.. نبكي نضحك نبكي نضحك..نتفق أن المكالمة ستطول فلننتقل الى السكايب..ننتقل نفتح الكاميرا وأجلس أنا أمام فايسبوكي وهي أمام فايسبوكها .. ييي ليكي من بدبي..ييي شفتي من بالرياض..ولك شاب شعره نبيل بطرابلس..شفتي توفيق.. وعلي ..أحلى شي هيدي الست يلي عم تغني لطرابلس..بتعرفيها..ايه كانت معي بالمدرسة..وتلك السيدة في الكويت أتذكريها ؟…كانت جارة بيت جدي ..وهذا الرجل أصبح جدو وهذه السيدة ما زالت جميلة رغم قساوة الحياة عليها…شوفي إبنها تقول ،
أجيبها : لا هذا ليس إبنها ..تؤكد أنه يشبهها وهي صغيرة.. نتذكرها صغيرة ونضحك ونضحك ونضحك..نغرق في ضحك لا ينتهي ..ثم نغرق في بكاء لا ينتهي عندما نشاهد معا كل من جهازه غنى يوسف..أبكتنا غنى حتى الثمالة وأضحكنا إبن عمي خالد حتى الثمالة …جنون ..حفلة رسمية من الجنون ..شفتي عمر يدق على الدربكة تقول ..إفتح أرى إبنة خالتي ترقص الدبكة مع عمر وأمها في إفطار طرابلس مع أمي …لا أصدق ..لا أستطيع أن أعبر عن مشاعري..تسالني ما حتكتبي عن الموضوع . أجيب لست قادرة..تستفهم ..أغرق بنوبة بكاء..مشاعري تخونني لست قادرة أن اسقطها في كلمات..أحتاج الى وقت لألملم أحاسيسي وأجمعها..
تقول : أرى زوجة خالي ترسل صورة لها مع عائلتها في إفطار على طاولتها في أريزونا ..لم تستطع أن تجمع طرابلسيين معها فجمعت العائلة ..أمسح دمعة وأذكر شقيقي محمد الذي حاول أن ينضم الى طرابلسيين في الخبر ولم ينجح..أريدهم معي الآن هنا على طاولتي أمام عيني..أريد أن أتحسس جسمهم ..وأرى عيونهم وأقبل وجوههم وأعانقهم ..أعانقهم وأعانقهم وأعانقهم حتى أبلل ملابسهم بدموعي ..لم أشعر بوجع الغربة كاليوم ولم أشعر بفرح ممزوج بوجع غصة كاليوم…إنه الجنون ..جنون الغربة جمعنا إفتراضيا بعدما أبى الواقع أن يجمعنا ..لم نجتمع منذ سنين ..لم يلمنا بيت وطاولة منذ سنين ..لم نتعانق ونبكي ونخفي دموعنا ونبلع ريقنا منذ سنين..نجتمع فرادا …نلتقي فرادا ونبكي فرادا…ونفرح فرادا..هنا وين رحتي ..تسال صديقتي وهي من على المقلب الآخر من العالم عبر السكايب..هنا ألملم عواطفي أقول ..ألملمي شتاتي المبعثر في كل العالم..أريد أهلي ..أريد بيتي ..أريد اصحاب الطفولة ورفاق الزمن الجميل…أريد أن أعود الى طرابلس الى جدتي ..الى أمي …الى عمتي …الى رفاق الزمن الجميل…أريد أن أكون هناك قرب جبل العار الذي يلوث فيحائي..أريد أن أهز الجبل بيدي..أغرق أغرق في صمت كالجبل البعيد..أسمع موسيقى عمر تهز الجبل ..أسمع صوت توفيقة تلفه بحيويتها ونادين تنكش أساسه وريما تطعن به ونبيل يهدا بنا .. يروضنا .. ولا شيء ينفع معنا…ننفجر قبل أن ينفجر سد الجبل ..يجب أن نثور ثورة بركان ضد هذا السم القاتل…تحلم نادين بنبتة الليمون ..يحلم عمر بلحن يشعل القضية..يحلم نبيل بدراجات تجوب المدينة القديمة..وتحلم ريما بنا جميعا معها على أرض طرابلس الغالية..نغلي ..غلو طرابلس علينا..نشتاق و صور الإفطار توقد الشوق في أجفان أجفاننا…يقطع سكايب..أعود لرفاق الحلم الجميل..نضغط على زر اللايك ..نرسم ابتسامة عريضة ..سنلتقي في الصيف ..سيكون الحلم واقعا …وسفتح عيننا على الحقيقة …وسنكون معا.. مع كل رفاق الحلم الجميل … في قلب طرابلس هذا الصيف حيث للروح روح…!
هناء حمزة *
اعلامية لبنانية مقيمة في دبي
مؤسسة مجموعة “نحن طرابلس”