سحر مصر…بقلم هناء حمزة

يرافقني جدي في رحلتي للقاهرة …كنا هناك جدي , جدتي , حمودة وانا ..اتناوب انا وحمودة على حمل حقيبة اوراق جدي وملفاته ويتناوب جدي وجدتي على رعايتنا برموش عيونهم وسط ضجيج القاهرة واصوات قذائف حرب طرابلس… هربنا من الحرب الى الاسكندرية مررنا في القاهرة..وقفت مذهولة يومها امام زحام كوبري 6 اكتوبر كنت طفلة صغيرة …لا انسى المشهد ..لا انسى جدي و حمل حقيبته..لا انسى الروح المرحة لاهل مصر وطيبتهم واستقبالهم لنا….سحرتني مصر .. …
لبنانية”يسال الشاب المصري وهو يفتح باب بهو الفندق ويرسم ابتسامة على وجهه قد تكون اوسع من الباب..للمرة الاولى يتفوق جواز سفري اللبناني على جواز سفر ابنتي الاميركي ..وابادله الابتسامة بابتسامة اكبر منها وادخل بهو الفندق الذي يغص بسواح عرب واجانب امتاز عنهم جميعا بحب المصري لي ولابناء بلدي…
لبنانية تجيب ابنتي لين الدليل السياحي ونحن ندخل الاهرام ولاول مرة اسمع ابنتي تعترف بلبنانيتها وتتجاهل اميركيتها فعادة ما كان ياتي جوابها اميركية من اصل لبناني..احضنها واهمس باذنها مستفسرة فتقول هون بحبه اللبناني كتير..ولين تحب من يحبها ..تدخل الهرم تلتقط صورة لكل خطوة والتقط انفاسي في كل خطوة لها…اخاف ولا اخاف اشعر بطمأنينة داخلية وامان لم اشعر به غير في طرابلس ..ابتسم واستمع الى شرح الدليل السياحي الذي يرمي بين كل معلومة ومعلومة مزحة تجعلك تهضم المعلومة بضحكة رنانة..وتضع يدك في جيبك خائرا تضيف الى اجرته ثمنا طوعيا لضحكة عفوية ورحابة صدر ..لاقيني ولا طعميني يقول المثل اللبناني وينطبق بشكل كبير على اهل مصر..يفتحون قلوبهم وصدروهم لك فتفتح قلبك وصدرك لهم..ينهرني وليد لا تمدي يدك على جيبك وانا معك في بلدي..بلدك بلدي اقول له ..وانا حقا اشعر باني ببلدي وتحديدا بطرابلس..حفاوة الترحيب نفسها..العائلة نفسها..الاصالة نفسها ..العراقة نفسها..التقاليد نفسها ..التذكرة للاميركي 300 جنيه اما اللبناني فمثله مثل المصري 60 جنيها…تبتسم لين وكانها تدفع من مصرفوها الشخصي..وتلزم الدليل السياحي بالتقاط اكبر عدد من الصور لها فيرضخ لها برحابة صدر وبراعة في التقاط صور تظهر اصابعها تمسك بقمة الهرم او تقبل ابو الهول ..يعرف الدليل السياحي المصري من اين تؤكل الكتف..وكيف تلتقط الصورة وكيف يروج لاعرق منطقة في العالم واقدمها …ارادة المصري فولاذية نقل الحجارة في مركب الشمس من اسوان قبل سبعة الاف ليبني هرما لا يسهل بناء نصفه اليوم…لا اخفي اعجابي بالهرم ومصر واهل مصر ولا يخفي المصريون اعجابهم بلبنان واهل لبنان ..ما في اطيب من اكل لبنان يقول احدهم لاجيبه ما في اطيب من اهل مصر …تشتري لين ست زجاجات من عصير المانجو المصري اللذيذ تحملها في حقيبة على ظهرها لا تئن من ثقلها فالمانجو المصري على قلبها احلى من العسل …. المانجو المصري بالنسبة للين هو مياه النيل ..تشرب منه وتريد ان تعود اليه…. …سحر ما في مانجو مصر في شعب مصر في نيل مصر ..اريد ان اشرب منه ..اريد ان اعود الى هنا انا ايضا….تبتسم السيدة على كونتوار المطار وهي تنظر الى جوازات السفر ..لبنانية ..اجيبها بنعم لتنعم علينا بواسطة فتعطي لحقائبنا الاولوية ونجدها على باب الطائرة تدخلنا من ممر رجال الاعمال وتبتسم ..ابتسم لها نبتسم لها..اذكر جدي..اذكر جدتي..اذكر طرابلس ..اذكر حرب طرابلس ..اذكر ايام جميلة في الاسكندرية uncle حودة وتانت نيللي ومدرسة ال mere de dieu
وزيارة سريعة للقاهرة…وكوبري ما زال يحمل زحام القاهرة وضجيجها وسحر اهلها…
سحرتني مصر ..واذا بي بعد 35 عاما اسحر من جديد.
هناء حمزة*
إعلامية لبنانية مقيمة في دبي

لمشاركة الرابط: