لَطالَما لاحظتُ معظمَ الأساتذةِ في مجتمعِنا العربيِّ، بل وبعضَ الآباءِ أيضاً، يتغنّونَ بِالماضي الجميل، وكم هو جميلٌ منهُم أن يضعوا الماضي الجميلَ نُصبَ خيالِ أبنائِهِم؛ كي يتشرّبوا عاداتِنا وتقاليدَنا الحَسَنةَ .
لَكنَّني، وفي كلِّ مرّةٍ كنتُ أستمعُ لِأساتذتي فيها، كانوا يهدمونَ لذّةَ خيالي بِالأنا العُليا لديهِم .. بِفوقيّتِهم .. بِحبِّهِم لِعيشِ دورِ الضّحيّة ! في كلِّ قصّةٍ جميلةٍ كانوا يقصّونَها علينا أثناءَ الدّرسِ؛ كانَ لا بُدَّ منهُم التّلذّذَ في “تهزئِتنا” .. بل وإشعارِنا أنَّ زمانَنا لا فائدةَ منهُ، أو كما صرّحَ بها أحدُهُم:”شو فايدتكُم إنتو؟ أكل ومرعى وقلّة صنعة !”
في كلِّ مرّةٍ كانوا يقولون:”كنّا ندرس على ضوّ الشّمعة ! كنّا ناكل خبز ومي وما نتذمّر ! كنّا مِن الأوائل ! الخطأ والشّتم محرّم علينا !” .. ثمّ يناقضونَ أنفسَهُم بِ وصفِنا بِ”الأغنام الّتي تأكل وتنام !”
كم سمعتُ منهُم جملةً اِتّحدوا عليها جميعاً:”إنتو عيشوا في زماننا؛ بعدين تفلسفوا !!!” .. عفواً أساتذتي ! لمَ يجبُ عليَّ العيشُ في زمانِكُم؛ ما دمتُ وُلِدتُ في زماني ؟؟ لمَ يجبُ عليَّ العيشُ ما بينَ الخمسينياتِ والسّبعينيات؛ ما دمتُ وُلدتُ في التّسعينياتِ وكبرتُ في الألفَيْن !!؟
إنْ أردتُم منّي حقّاً “العيشَ في زمانِكُم”؛ انقلوا لي زمانَكُم كما هو .. دونَ تحويرٍ وتأويل .. دونَ فوقيّةٍ وأنانيّة .. دونَ غرورٍ وتكبّر ! أروني جمالَ زمانِكُم مِن خلالِ تصرّفاتِكم …
كونوا قدوةً بِأفعالِكم … شبعنا مِن كلامِكم .
دُعاء الخطيب *
إعلامية أردنية