بعرفك منيح ..انت من طرابلس بقلم هناء حمزة

” بعرفك منيح “يبتسم وهو يقترب مني وانا التهم البيتزا مع لين وصديقة لها تحت شجرة ميلاد زينت مدينة الجميرا في دبي ..من وين انت اساله ليجيب من كسروان..ابتسم لا انت من طرابلس ..يضحك صح من طرابلس لكن تركنا طرابلس من زمان ..يصمت يسكت يغص ” بعنا بيت العائلة في طرابلس ..بقوا وارئي حتى بعته ..استغرب فاسال ليجيب ” احد النواب طلب شراء البيت واصر حتى بعته”…برنار ليس الوحيد من اصبح من كسروان…من باع بيت العائلة في طرابلس ..من بتر جزء من حياته وانتمائه وانتقل ليفصل نفسه عن المدينة التي انجبته..
من الحي السكني الذي عشت به لم يبق من مسيحييه الا القلة ..وقلة من جيل جدي وجدتي صمدوا في المدينة ..يخبرني الياس ان والده لم يغادر المدينة على الرغم من اطلاق النار عليه في ايام التوحيد مضيفا لماذا اترك انا المدينة الذي رفض والدي تركها..عندي اجر ببيروت ولكن قلبي وروحي ومكتبي وبيتي في طرابلس…
ليس كل مسيحي طرابلس الياس وليس كل مسيحي طرابلس برنار ولكنهم في غالبيتهم اقرب من برنار ..هاجر من لبنان ..اشترى بيتا في جبيل و كسروان او بيروت وباع بيت العائلة في طرابلس وانقطع تماما عن زيارة المدينة ..
التقي جهاذ ازعور في دبي , اذكر جدتي وهي تقول ان اهله كانوا جيران لنا..التلقي به في مؤتمر في دبي اساله عن طرابلس ..يقول سازورها اخر الشهر اي في العطلة ..ابتسم للوزير السابق والاقتصادي الدولي ..ابتسم كما لو لم ابتسم من قبل …ابتسم كانني اريد ان اشكره على زيارته لمدينته..اخجل من نفسي اتمنى له عطلة سعيدة وامضي…امضي الى طرابلس وذكرياتها…بيوتها اعيادها ..الميلاد فيها والاضحى فيها …
طرابلسي انا التي التي مازلت انتظر عيد الميلاد كالمسيحيين تماما وكالاطفال تماما …افرح لبابا نويل وابتسم له واركض لالتقط الصورة معه وانتظر منه اي هدية ولو كانت حبة بون بون..و كما يفرحني عيد الميلاد بكل طقوسه يفرحني عيد الفصح بعاداته وبيضه و يفرحني عيد الفطر وعيد الاضحى..كل الاعياد تفرحني وكل الاعياد انتمي اليها فانا مزيج من مدرسة مار الياس وكشافة مارمارون في طرابلس مع خلفية مسلمة عبر انتمائي الى عائلتي حمزة ومرعب ..والعائلتان ترتبط بزيجات تخطت الاديان والاعراق والالوان وحافظت بالوقت نفسه على التزامها الديني وانفتاحها الاجتماعي. عائلتي كما طرابلس زمن طرابلس ..انا كطرابلس زمن طرابلس..كنا جميعا نحتفل بالاعياد ..كل الاعياد ..في كل البيوت ..وها بنا نحتفل بالاعياد في طرابلس اليوم ايضا تقول ريما ..انظري شجرة العيد تزين المدينة شاهدي زينة الميلاد في شوراعها …لا تخافي على المدينة اهلها من المسلمين لن ولم يقبلوا الا بالتعايش ..لا اخاف على مدينتي من اهلها يا ريما…” مسلمو طرابلس وقفوا الى جانبنا ” يقول الياس…اريد ان اقول له وقفوا الى جانب انفسهم ..الى جانب جزء من جسدهم ..الجزء الذي يكمل حياتهم ويضيف اليها بصمات الفرح ..اسكت ..شيء ما لم يعد كما كان ..مع كل فرحة طرابلس بعيد الميلاد الشكلي الا انها لا تبدو كما هي ولا يبدو مسيحيوها كما هم….”صار فيها غرب اكثر من اهلها “يقول ايلي..انهم الغرب … من يتحكم في المدينة اليوم ..من يفقدها روحها وحميمتها..امي تخاف من السير ليلا في الشارع الذي تربيت انا وتربت هي به …في الحي الذي لم يكن به غريبا واحدا ..الذي لم يفرق بين منازله احد ..”وين بيت شفاليه اسال جدتي ..تقول بيطلوا على البيت من وقت لوقت بس عايشين ببيروت…وين بيت عبود ..انتقلوا الى جبيل … وين بيت ديبو ..وين بيت الدوماني …وين بيت الدايخ…يا تيتا ولادهم تزوجوا ع بيروت والكبار شي مات شي راح مع اولاده شي باقي ببيته ..ابتسم وارتاح على فكرة باقي ببيته…حدا عم يبيع بيته اسال لتجيب ما ع علمي…ابتسم وكاني اشتم من ما ع علمي رائحة صمود واصرار على الانتماء الى المدينة…
بعرفك منيح يا برنار وبعرف اخواتك البنات انتم كنتم تسكنون قرب مدرسة عبرين ..يضحك برنار …فيني اطلب منك طلب ” بتامري”… فيني اطلب منك وقت حدا بيسالك انت من وين تقول انك من طرابلس وتعلم ولادك انهم من طرابلس ..لو بعتوا بيتكم ..لو انتقلتم للعيش في الامارات…لو اشتريت منزلا في كسروان ولو نقلت سجلك الى بلدة من كسروان…تذكر انك من طرابلس كما انا اتذكرك لانك من طرابلس..
يخرج بيزنس كارت من جيبه ويعطيني اياه ..ابادله البيزنس كارت… يجب ان نلتقي …يقول بالتاكيد اجيب …ولا يجب ان ننسى ان طرابلس تجمعنا…وانت منها مهما حصل
هناء حمزة*
أعلامية لبنانية مقيمة في دبي

لمشاركة الرابط: