لست أدري إن كان خليل رامز سركيس أسرج حصانه ومضى بين النجوم أم أنه أقفل شبابيكه وارتحل! ولكن المؤكد أنه على خطى صديقه جوزيف زعرور الذي سبقه يستعيدان حديثا” بينهما…
حديث الصديقين
خليل رامز سركيس ربطته بجان جاك روسّو وليوبولد سنغور ورينيه حبّشي صداقة من خلال نصوصهم التي “احتواها وقادها الى كرسيّ الاعتراف فقالت له ما في سريرها”. فتمكّن من ترجمتها.
ولخليل رامز سركيس صديق من نوع آخر لم يأت اليه منثور”ا بين دفّتي كتاب، فهذا الصديق أصلا” لا يتحمّل أن يتحوّل كلمات في كتاب، بل يفضّل أن يبقى كلمات متنقّلة أو، كما يحبّ، نوطات متنقلّة في دفاتر الموسيقى على البيانو العتيق، في قبو تكاد تدمع حجارة عقده عندما ينساب النغم.
هذا الصديق يشبه ليون وارث الذي تحدّث عنه أنطوان دو سانت إكزوبري في الأمير الصغير، أو الأصحّ، هذا الصديق هو أمير صغير يسعى الى الحقيقة من خلال الزهرة، والنجمة، فقد هبط على كوكب الأرض يوما” والراءة لم تغب بعد عن عينيه. وإذا كان إكزوبري في إهداء الأمير الصغير قد بحث عن حجج ليسوّغ إهداء الكتاب إلى صديقه عندما كان ولد”ا صغير”ا، فلا خليل رامز ولا جوزف زعرور هما بحاجة إلى تسويغ إهدائهما الواحد للآخر فيكاد فضيض الماء يجرحها. وسركيس وزعرور هما ولدا الندوة اللبنانيّة المدلّلان، عاشا رؤيا لبنانيّة كادت، لو تمسّك بها القيّمون، أن تبعد عن لبنان الكأس المرّة.
هذا الحديث بين الصديقين هو بوح شفّاف، أو قطرة ندى تحملها زهرة استفاقت لتوّها “فعل رجاء” يمكّنها من ولوج “الباب الضيّق”.
أ.د. هنري عويس*
العميد الفخري لكلية اللغات والترجمة – جامعة القديس يوسف- لبنان