لم يكن المشهد عابراً. حين قررت مورغان، نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، أن تدخل أحد صالونات التجميل البيروتية لتصفيف شعرها، لم يكن الأمر مجرد ترف شخصي أو محطة عابرة في جدول مزدحم باللقاءات السياسية. بل تحوّل في لحظة إلى مشهد محمّل بالرمزية والدلالات، يستحق التوقف عنده.
في بلد يرزح تحت ثقل الأزمات، وتسيطر الأخبار الأمنية والسياسية على يومياته، يأتي تصرف كهذا ليحمل في طيّاته رسالة غير مباشرة: أن بيروت ما زالت مدينة قابلة للحياة، وأن نسقها الطبيعي لم ينقطع بالكامل. فأن تسمح مسؤولة أميركية رفيعة لنفسها بأن تعيش تفاصيل يومية بسيطة بين الناس، فهذا يعني أن الأجواء ليست بالخطورة التي يتصورها البعض.
مورغان لم تكتف بالاجتماعات الرسمية داخل المكاتب، ولا بحصر وجودها في الفنادق المحصنة. بل آثرت أن تقترب من الناس، وأن تتشارك معهم مشهداً عاديّاً: جلوس امرأة على كرسي صالون شعر بانتظار أن يبدع المصفف اللبناني في تقديم لمسة أنيقة. هذا الاختيار يعكس رغبة في إظهار وجه إنساني للدبلوماسية، بعيداً عن البروتوكولات الثقيلة.
في السياسة، غالباً ما تحمل التفاصيل الصغيرة أصداءً كبيرة. زيارة صالون شعر ليست مجرّد حاجة جمالية، بل هي شكل من الدبلوماسية الناعمة التي تعتمدها بعض الشخصيات للتواصل غير المباشر مع المجتمعات. قد لا تنطق مورغان بكلمة في ذلك المكان، لكن الصورة بحد ذاتها رسالة: “أنا هنا بينكم، أشارككم تفاصيل حياتكم، وأرى لبنان بعيونكم”.
إعجاب بالمرأة اللبنانية
لبنان عُرف منذ عقود بكونه بلداً للجمال والأناقة. المرأة اللبنانية حاضرة في المخيلة العالمية كرمز للأنوثة الممزوجة بالثقافة والحداثة. وقد تكون مورغان أرادت أن تلامس هذه الصورة عن قرب، لتتعرف على سرّ إطلالة المرأة اللبنانية التي لطالما لفتت الأنظار.
لا يقل المصفف اللبناني شأناً عن أشهر خبراء التجميل في العواصم العالمية. فهو صاحب لمسة فنية، يمزج بين تقاليد شرقية ورهافة عصرية. أن تختار نائبة المبعوث الأميركي أن تسلّم شعرها لمصفف لبناني، فهذا إقرار ضمني بمستوى هذه المهنة في لبنان، وبأن بيروت ما زالت قادرة على أن تكون محطة جمالية تضاهي نيويورك وباريس.
قد تكون هذه الخطوة جزءاً من رسم صورة إعلامية جديدة. فمورغان لا تريد أن تظهر فقط كوجه دبلوماسي صارم، بل كإنسانة بسيطة تستطيع أن تجلس في صالون بيروتي وتخرج بابتسامة وطلّة جديدة. إنها صورة تبتعد عن الجمود البروتوكولي، لتقترب من الرأي العام المحلي والعالمي على السواء.
قد يقال إن الأمر مجرد تفاصيل شخصية لا تستحق التوقف. لكن في بلد كلبنان، حيث الرمزية تُقرأ في كل حركة، تصبح تصفيفة الشعر حدثاً. إنها رسالة تقول إن لبنان ليس فقط بلد الأزمات، بل بلد الجمال والحياة أيضاً. وأن المرأة اللبنانية، بجمالها وذوقها، تظلّ مصدر إلهام حتى في أصعب الظروف في النهاية، “تصفيفة شعر” مورغان لم تكن تفصيلاً شخصياً وحسب، بل مشهد سياسي ناعم أضيف إلى صورة لبنان في الخارج، وإلى صورة المسؤول الأميركي في الداخل








