
الترشّح للانتخابات البلدية ليس مجرد صورة رسمية وسيرة ذاتية مُنمّقة وربطة عنق أنيقة. إنه مسؤولية حقيقية تبدأ من قدرة المرشّح على نسج علاقات متينة مع الجهات المانحة، محليًا ودوليًا، ولا تنتهي بمجرد حصد الأصوات أو الفوز بالمقعد البلدي. فالموقع البلدي اليوم لم يعد منصبًا شرفيًا أو واجهة اجتماعية، بل أصبح مساحة فعل تنموي، يتطلب الجدية والخبرة والرؤية الواضحة.
من العلاقات تبدأ التنمية
لا يمكن لأي بلدية أن تنهض بمفردها، خصوصًا في ظل غياب الإمكانيات المالية للدولة. لذلك، يُعدّ بناء علاقات فاعلة مع الوزارات المعنية، والمنظمات الدولية، والهيئات المانحة، أساسًا في العمل البلدي الحديث. المرشح البلدي الناجح هو من يُجيد التفاوض، ويعرف كيف يقدّم مشاريع بلدته بطريقة علمية وجذابة، تحظى بثقة الجهات الداعمة.
برنامج إنمائي… لا وعود موسمية
المرشح الذي لا يمتلك خطة تنموية واضحة، لا يختلف كثيرًا عن من يبيع الأوهام. المطلوب اليوم هو برنامج واقعي ينطلق من حاجات الناس الفعلية، ويتضمّن أولويات محدّدة كتحسين البنى التحتية، تطوير قطاعي الصحة والتعليم، تعزيز النقل العام، معالجة النفايات، وإنشاء مساحات عامة خضراء. ونجاح هذا البرنامج يرتبط بقدرة المرشح على حشد الموارد وتوظيفها بفعالية.
النزاهة أساس الثقة
لا قيمة لأي تمويل خارجي ما لم يكن محاطًا بالثقة الداخلية. فالنزاهة ليست شعارًا، بل سلوك يومي يلتزم به المرشّح في إدارته للمال العام، في وضوح تعامله مع المواطنين، وفي استعداده للمحاسبة والشفافية. الجهات المانحة، تمامًا كما المواطنون، لا تموّل ولا تدعم إلا من تثق بنظافة يده وصدق عمله.
الكفاءة الإدارية والمعرفة التقنية
إدارة الشأن البلدي تتطلب فهمًا إداريًا وتقنيًا. فإعداد الملفات، صياغة دراسات الجدوى، تقديم طلبات التمويل، والإشراف على تنفيذ المشاريع، تحتاج إلى مرشّح ملمّ بآليات العمل البلدي، لا هاوٍ يبحث عن دور أو موقع. لذلك، من الضروري أن يمتلك المرشّح الخبرة أو أن يُحيط نفسه بفريق متخصص قادر على تحويل الأفكار إلى مشاريع واقعية قابلة للتنفيذ.
إشراك الناس… وتكريس العمل الجماعي
البلدية الناجحة لا تُدار من فوق، بل تُبنى مع الناس. والمرشّح الناجح هو من يفتح أبواب الحوار مع الأهالي، يُشركهم في تحديد الحاجات، ويستمع لمقترحاتهم. إشراك الشباب، والنساء، وأصحاب الاختصاص، يعزّز الثقة بالبلدية، ويزيد من فاعلية المشاريع واستدامتها.
الجدية والمتابعة الدقيقة
لا تكفي الوعود، ولا تكفي النوايا الحسنة. المطلوب مرشح يتابع، يسأل، يُشرف، ويُحاسب. المشاريع لا تكتمل بالتصريحات، بل بالعمل الدؤوب والتفاصيل الدقيقة. والمرشح الذي لا يُجيد المتابعة، سيخسر الفرصة ويُخيب الآمال.
في المحصّلة، الترشّح البلدي في هذا الظرف الحرج لم يعد ترفًا سياسيًا ولا وجاهة اجتماعية. إنه التزام حقيقي، وموقع مسؤولية، يتطلّب الجدية والخبرة والشفافية. فليكن المعيار في اختيار المرشحين هو الكفاءة والقدرة على العمل، لا الصورة والشعارات
[email protected]
إكرام صعب