
قرار جريء في الإتجاه الصحيح: المرأة اللبنانية المتزوجة شريكة في القرار البلدي
بقلم إكرام صعب
في خطوة طال انتظارها وتُشكّل محطة مفصلية في مسار المشاركة السياسية للمرأة اللبنانية، أصدر وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار تعميمًا جديدًا قبل أيام ،يجيز للمرأة اللبنانية المتزوجة الترشّح لعضوية المجلس البلدي سواء في بلدتها الأم أو في بلدة زوجها، واضعًا بذلك حدًا لعقبة قانونية كانت تقف في وجه مساواة النساء في حق الترشّح والمشاركة السياسية الفاعلة.
من مواطنة “مقيمة” إلى شريكة قرار
لطالما شكّلت العلاقة القانونية للمرأة المتزوجة بالبلدة التي تسكنها موضع إشكال، إذ كانت تعتبر “مقيمة” دون أن تتمتع بكامل حقوق المشاركة السياسية، لا سيما الترشح في الانتخابات البلدية. لكن هذا التعميم جاء ليُكرّس واقعًا جديدًا، يعترف بأن الانتماء ليس ورقة قيد فقط، بل هو دور فعلي وحضور يومي ومساهمة حقيقية في بناء المجتمع المحلي.
وفي كثير من الحالات، تظل البلدة الأم هي الحاضنة العاطفية والروحية للمرأة، حيث نشأت، وترعرعت، وارتبطت بجذورها العائلية والاجتماعية لتتفاجأ مع كل استحقاق مصيري في البلاد انها لا تنتمي إلى قيدها الجديد الا بالأوراق الرسمية فهي لا تعرف المرشح ولا ماضيه ولا حاضره ولا تربطه به اي صلة قرابة!
المرأة المتزوجة، رغم انتقالها للعيش في بلدة زوجها، تشعر بالانتماء العميق إلى بلدتها الأصلية، حيث أهلها، وأقاربها، وأبناء طفولتها، وإلى أقاربها بالدم وبالهوية وشبكة العلاقات التي بنتها منذ سنوات.
إن إعطاءها حق الترشح في بلدتها الأم يعزز هذا الشعور بالارتباط، ويمنحها فرصة للمساهمة في خدمة مجتمع لطالما شعرت أنه بيتها الأول.
أهمية القرار:
1. تكريس المساواة الكاملة:
القرار يُعيد تصويب العلاقة بين المرأة المتزوجة والدولة، ويُساويها بالرجل في الحق بالترشح، حيث يمكنها اليوم اختيار المكان الذي تشعر فيه بالانتماء والعمل البلدي، سواء كان بلدتها الأم أو بلدة الزوج.
2. تعزيز المشاركة السياسية:
يسمح هذا القرار للمرأة بأن تتحول من متلقية للخدمة البلدية إلى صانعة لها. وهو ما يفتح المجال أمام مشاركة نسائية أوسع في صنع القرار المحلي، وإدخال قضايا النساء والأسرة والبيئة والتنمية إلى صلب النقاشات البلدية.
3. دعم الهوية المتعددة للمرأة:
المرأة ليست فقط “زوجة في بلدة”، بل هي فرد مستقل له الحق في أن يختار أين يريد أن يخدم مجتمعه. القرار يُعطيها هذا الحق دون أن يفرض عليها التخلي عن جذورها أو انتمائها الشخصي.
4. خطوة عملية نحو تمكين النساء في العمل العام:
الحديث عن تمكين المرأة لم يعد شعارًا، بل أصبح سياسة واضحة تتجسد في قرارات مثل هذا التعميم، الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام طاقات نسائية مهنية، مثقفة، ومؤهلة للمساهمة في إدارة شؤون القرى والبلدات.
ما بعد القرار: مسؤولية المشاركة والتشجيع
يبقى على البلديات، والمجتمع المدني، والأحزاب، ووسائل الإعلام، مسؤولية دعم هذا القرار من خلال:
• تشجيع النساء على الترشّح، خصوصًا الشابات منهن.
• توفير حملات توعية قانونية وإجرائية، لتوضيح آليات الترشح وضمان عدم تعقيدها.
• خلق بيئة انتخابية آمنة وداعمة تضمن وصول المرأة إلى المجالس البلدية بعيدًا عن التهميش أو الضغوط.
في وطن لا يزال يخطو خطوات بطيئة نحو المساواة، يُشكّل هذا التعميم بارقة أمل، ورسالة واضحة بأن المرأة ليست ضيفة على القرار العام، بل شريكة كاملة فيه.
قد يبدو القرار تفصيلاً قانونيًا، لكنه في الواقع اعتراف بحق المرأة اللبنانية في الانتماء، التأثير، وصناعة مستقبل بلدها، من حيث تختار هي لا من حيث يُفترض بها أن تكون
مقالات سابقة للكاتبة على هذا الرابط
https://nextlb.com/kharbachathttps://nextlb.com/kharbachat
[email protected]