أن ينتهي عام ويبدأ آخر فهذا بديهي بالنسبة لنا جميعاً ، ولكن بالنسبة لي فإن نهاية العام هي بداية عام من عمري بالصدفة ! هي قدر ! لا فرق ، المهم قد كُتب لي أن أولد في اليوم الأخير من السنة ، لتكون لي محطة مع نهاية كل عام ومناسبة أودعها لأكبر سنة .
من جديد عاد “رأس السنة” وكأنه البارحة ، عاد “يوم مولدي ” وبين عام وعام هناك أحداث تعود الى الواجهة ، وقد تكون عودتها إيجابية تشبه الى حد بعيد جردة الحساب آخذ منها الربح لأسد به ثغرات الخسارة .
وعلى ما يبدو فإن الخسارة اليوم طالت الجميع دون استثناء .
ففي المصعد الكهربائي كنا ثلاثة كل منا أخذه من طابق مختلف ، ولم نلحظ نحن الثلاثة بأن المصعد متوقف ينتظر من أحدنا إعطاء أمرالإنطلاق بالضغط على زر الطابق المطلوب ، وما هي إلا لحظات لنكتشف نحن الثلاثة بأننا كنا شاردي الذهن ، كل منا يفكر بأمر يشغله ، وما هي إلا لحظة من الزمن نطقنا فيها معا لنقول الكلام نفسه ” راسي مش معي ” ليجيب أحدنا “وأنا أيضا ” فيختم ثالثنا ” ليش مين فينا بعد راسو معو ” في إشارة الى الهموم التي تنوء بثقلها الرؤوس .
تركنا المبنى وكل منا سلك طريقه ، أما أنا فكان طريقي بحاجة لسائق التاكسي الذي بدوره ضل اسم المكان الذي كنت أقصده ، علما بأنه يعتبر معلما سياحيا ، ليضرب بيده على جبينه معتذراً لأنه ضل الطريق للحظات قائلا ” راسي مش معي اليوم يا مدام أعذريني” فكان جوابي ” ولأني كذلك قررت عدم قيادة سيارتي فصرنا إثنين”.
في عيادة طبيب الأسنان كان المشهد أكثر صعوبة ” شهقة امرأة ” تسبق دخولها العيادة وحتى السلام ” آه نسيت صورة الأشعة في البيت !”ليبادرها الطبيب “وأنا نسيت الموعد كنت أهمّ بالخروج”!!!
هكذا أمضيت نهاري في الأسبوع الأخير من عام 2018 في أحد شوارع العاصمة بيروت ، بيروت التي تحاول جاهدة مد اللبنانيين بالفرح من خلال زينتها البراقة في موسم الأعياد ، ومحاولة إنقاذ ماء وجهها أمام روادها علّها تسعدهم أو تنسيهم صعوبة ظروفهم ، بيروت الأم الحنون التي تئن من وجعها على أبنائها ، والتي تستعد اليوم لإحياء ليلة رأس السنة في قلبها النابض بالحياة وكأنها تقول ” وداعا 2018 فلترحلي بسلام “.
يغادرنا عام 2018 وفي القلب غصة ، فالبلد يتخبط بعثرات التشكيل الحكومي والمماحكات السياسية الطائفية والمذهبية ، الأمر الذي ينعكس سلباً على كل تفاصيل الحياة فيه ، فعلى الرغم من الإستعدادات التي تعيشها العاصمة بيروت وباقي المدن وعلى الرغم من محاولات نشر الفرح في شوارعه ومحاولات بث الحياة في أسواقه التجارية ، يعيش اللبنانيون اليوم أوقات عصيبة بمختلف أطيافهم وطوائفهم وأعمارهم حتى باتوا يسيرون في الطرق وكل يكلم نفسه ، ويجمعون على عبارة واحدة “نخاف من المجهول..الله يستر” .
هذا التشتت الذهني الذي يصيب المواطن اليوم ، يرافقه رعب من الغد المقبل فكأن كل الويلات السابقة إزدحمت لتقرع طبولها في أدمغتهم ، أو كأنهم يقولون بصوت واحد :
” 2018 إرحلي بسلام ”
إكرام صعب
[email protected]
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More