القلب… رابح «غير متوقع» في أزمة «كورونا» دراسة ترصد قلة عدد المصابين بأمراضه خلال الوباء

استهدفت الأنظمة الصحية المختلفة حول العالم من تحذيرات البقاء في المنزل، خلال الموجة الأولى من «كورونا المستجد»، حماية المواطنين من الإصابة بالفيروس؛ لكن فريقا بحثيا سويديا – بريطانيا، وجد فائدة إضافية ربما تكون غير متوقعة، وهي أن «التزام الناس بهذه التحذيرات، كان سبباً في تقليل التعرض لمسببات النوبات القلبية». وخلال الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من مجلة الطب الباطني تحت عنوان «تأثيرات اتجاهات الحركة على متلازمة الشريان التاجي الحادة أثناء جائحة (كوفيد – 19)»، تم استخدام بيانات التنقل المجمعة من خدمات الخرائط بالأجهزة المحمولة بالسويد، للمساعدة في شرح تأثيرات قلة الحركة الإيجابية على القلب.
ووجد الباحثون «انخفاضا في نسبة المرضى الذين يذهبون إلى المستشفى لتلقي علاج القلب الطارئ، من متوسط 63 مريضاً يومياً في سنوات ما قبل (كوفيد – 19) إلى متوسط 55 مريضاً يومياً خلال الموجة الأولى من الوباء، من مطلع مارس (آذار) إلى 5 مايو (أيار) الماضيين، وكانت أدنى نقطة في الانخفاض في الجزء الأول من أبريل (نيسان) الماضي، حيث كان عدد المرضى 38 في المائة».
ووفق كريس جيل، أستاذ طب القلب والأوعية الدموية في جامعة ليدز البريطانية، أحد العلماء المشاركين في الدراسة: «كان هذا تحليلاً إحصائياً، لذا لا يمكن تحديد السبب والنتيجة بشكل مباشر؛ لكنه حدد عدداً من الارتباطات المثيرة للاهتمام»، مضيفاً «رغم أن السويد لم يتم إغلاقها، فقط تم حث الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 70 عاماً أو أكثر على البقاء في منازلهم، وكان من الممكن أن يقلل ذلك من التعرض لبعض الأحداث المعروفة بأنها تؤدي إلى نوبة قلبية مثل الإجهاد والنشاط البدني المكثف وتلوث الهواء والتعرض لبعض الفيروسات».
وبحسب الدراسة، فإنه «رغم الانخفاض في عدد الأشخاص الذين يحضرون إلى المستشفى مصابين بنوبة قلبية، قد شوهد في دول أخرى بما في ذلك المملكة المتحدة؛ فإن هذه الدول قدمت أسباباً أخرى لتفسير ذلك، مثل أن الناس ربما لم يطلبوا العلاج الطبي الطارئ خوفاً من الإصابة بـ(كوفيد – 19)، أو بسبب وجود أزمات في أسرة المستشفيات».
لكن الباحثين يقولون إنه «لا يوجد دليل في السويد على وجود نقص في الأسرة أو ارتفاع معدل الوفيات، بسبب أمراض القلب أو تغيرات في جودة الرعاية في المستشفيات، وهي عوامل ربما تشير إلى إصابة الناس بالمرض؛ لكنها قررت عدم طلب المساعدة الطارئة». وأشاروا في الورقة البحثية إلى أن «العزلة الذاتية، والعمل من المنزل، والأنشطة الترفيهية الأقل صرامة، قد تكون قد قللت من الإجهاد ومتلازمة القلب الحادة التي يسببها المجهود لدى الأفراد المعرضين للخطر، ويمكن أن تفسر الانخفاض في حدوث احتشاء عضلة القلب (النوبة القلبية) حيث إن العلاقة بين الإجهاد النفسي والإجهاد البدني وحدوث احتشاء عضلة القلب – ACS راسخة». ويقول الباحثون أيضاً إن «الرسائل المتعلقة بنظافة اليدين والتباعد الاجتماعي قد قللت من انتشار أمراض الجهاز التنفسي الأخرى مثل الإنفلونزا التي يمكن أن تؤدي أيضاً إلى مشاكل في القلب».
وأضافت الدكتورة مومان محمد، من جامعة لوند بالسويد، التي قادت الدراسة، أن «النتائج تعطي نظرة ثاقبة أولية حول كيف يمكن للبيانات الواردة من الأجهزة المحمولة أن توفر مقياساً سريعاً لكيفية تغير سلوك السكان وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على انتشار المرض، وربما تمكننا من التنبؤ بمستوى العلاج في المستشفى بالمستقبل»، موضحة «نحن نعلم أن السكتة الدماغية يمكن أن تنجم عن نفس الأحداث التي تسبب نوبة قلبية، وخلال الموجة الأولى من الوباء، هناك دليل على أن عدد الأشخاص الذين يعانون من السكتة الدماغية قد انخفض أيضا».
ورغم أن الدراسة لها علاقة بالوباء؛ فإن الدكتور محمد حمدي، استشاري القلب بوزارة الصحة المصرية، يرى أن «النتيجة التي خرجت بها صالحة لما بعد الوباء»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، «ليس شرطاً أن يكون هناك وباء لننصح كبار السن بتقليل الحركة والجهد، فهذه نصيحة صالحة لأي وقت لتوفير الحماية لهم من الإصابة بالنوبات القلبية».

لمشاركة الرابط: