كتبت إكرام صعب
اثنان وسبعون عاماً تكون قد مرّت في الأول من تشرين الثاني، الماضي على ولادة رفيق الحريري، المؤسس والحكيم والشهيد وصاحب الرؤيا التي نجد أنفسنا، بعد عشر سنوات على جريمة اغتياله، بأمس الحاجة لأن نستنير بها. هي رؤيا الاعتدال والإسلام السمح والحداثة والبناء وإيجاد الحلول.
.. هو رفيق الحريري، «الذي عاش مؤسساً، واستشهد مؤسساً،» المهندس والباني للبنان التعايش، ذكراه تنبض في كل مكان حتى في أصعب الظروف التي تمر على لبنان، كيف لا وهو من نفض عنه غبار الحرب وأطلق «بيروت مدينة عريقة للمستقبل» فضخّ بها الحياة. اليوم، أكثر من أي وقت مضى يستفيق اللبناني على حسرة ولوعة «ماذا لو كان بيننا رفيق الحريري؟«.
مناسبة عنوانها «يوم المؤسس» أرادتها «جامعة رفيق الحريري» أن تتحول إلى مناسبة سنوية، تتزامن مع ذكرى ميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أما فحواها فالتركيز على دوره ورؤيته وحنكته في بناء البلاد. فكانت الاحتفالية التي أقامتها الجامعة برعاية رئيسة مجلس أمنائها ورئيسة «مؤسسة رفيق الحريري» السيدة نازك رفيق الحريري، ممثلة بالسيدة هدى بهيج طبارة في حرم الجامعة قبل ظهر أمس في قرية المشرف النموذجية، وحاضر فيها ضيف الاحتفال السفيرالسابق لدى جامعة الدول العربية الدكتور نصيف حتّي .
استهل الاحتفال ب”يوم المؤسس” والذي اقيم في حرم الجامعة للعام الثاني على التوالي برعاية رئيسة مجلس امناء الجامعة ورئيسة مؤسسة رفيق الحريري السيدة نازك رفيق الحريري.في قاعة ” شركة طيران الشرق الاوسط MEA”
وتقدم الحضور : ممثلة السيدة الحريري ،هدى بهيج طبارة ،فيما ممثل الرئيس سعد الحريري النائب الدكتور محمد الحجار ،وحضر الرئيس فؤاد السنيورة ، النائب السيدة بهية الحريري والسيد شفيق الحريري ومستشارا الرئيس الحريري الدكتور داود الصايغ والمهندس فادي فواز وعضو المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى المحامي عبد الحليم الزين ومدير عام مؤسسة رفيق الحريري السيدة سلوى بعاصيري السنيورة والمدير العام السابق للمؤسسة الأستاذ مصطفى الزعتري وحشد من الشخصيات ومن اساتذة وطلاب الجامعة .وكان في استقبالهم رئيس الجامعة الدكتور رياض شديد ونائبا الرئيس المهندس هشام قبرصلي والدكتور أحمد صميلي وجمع من العمداء .
شديد
استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت تحية لروح الرئيس الشهيد، وبعد عرض فيلم عن مسيرة الرئيس الشهيد ولا سيما التربوية والانسانية تضمن مقاطع من مقابلات وخطابات سابقة اجريت معه، تحدث رئيس الجامعة الدكتور رياض شديد فقال:لقد قيل ان قمة الصبر ان تسكت وفي قلبك جرح يتكلم وقمة القوة ان تبتسم وفي عينيك الف دمعة ،واما الصبر فقد امتهنه الأوفياء في هذا البلد منذ العام 2005 فكان سكوتهم وانتظارهم للعدالة خير دليل على ابائهم بالرغم من الجرح الذي ادمى افئدتهم واما الابتسامة الممزوجة مع الف دمعة فستبقى مطبوعة على المقل تعززها ارادة الحياة وتستمد نضارتها من الأمل الذي غرسه المؤسس في تسعينات القرن الماضي والذي ما زلنا نراه مشعا في عيون الشبان والشابات المؤمنين برسالة لبنان وبحقه في ان يكون دولة للانسان . وها هو نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري المؤتمن على مسيرته السياسية دولة الرئيس سعد الحريري يهزم الفراغ وينقذ الجمهورية من خلال مجموعة من المبادرات والتضحيات التي قام بها مما افضى الى انتخاب رئيس للجمهورية بالأمس بعد ما يزيد على عامين ونيف من الشغور الرئاسي .ومرة اخرى تنتصر رؤية الرئيس الشهيد رفيق الحريري الوطنية التي تقدم مصلحة الوطن العليا على ما عداها وها هو المؤسس يزداد حضورا في الحياة العامة بفهمه المتقدم لدور لبنان في محيطه العربي وببرنامجه الاقتصادي وبمبادراته في الاعمار وبديناميكيته في الدبلوماسية وبقدرته على اجتراح التسويات . وها هو يزداد رسوخا في وجدان اللبناني بجامعته ومدارسه ومؤسسته. مؤسسة رفيق الحريري” التي تسهر على حمايتها واستمرارها سيدة فاضلة تأبى الا أن تكون في صدارة المؤسسات التي تخدم لبنان. في يوم المؤسس، ندعو كل محبي الرئيس الشهيد ان يعوا اهمية جامعة رفيق الحريري ودورها التعليمي والوطني. هذه الجامعة التي تحقق يوماً بعد يوم رغبة المؤسس في توفير التعليم المميز لكن الميسر لجميع اللبنانيين. لقد خرّجت الجامعة حتى اليوم حوالي 2800 خريجا وخريجة منهم من تابع دراساته العليا في الخارج ومنهم من دخل سوق العمل لكنهم جميعا اثبتوا كفاءتهم وتميّزهم حيثما حلوا.
السيدة نازك رفيق الحريري
ثم كانت كلمة راعية الحفل السيدة نازك الحريري والتي وجهتها عبر تسجيل صوتي بث خلال الاحتفال وجاء فيها:تعود الذكرى ويعود اللقاء ليجمعنا على المـحبّة وعلى مسيرة الرئيس الشّهيد رفيق الحريري التي ولدت في مثل هذا اليوم وعاشت من أجل الوطن وشعبه الـمقداد، حتّى تكلّلت بالشهادة.تتزامن هذه الذكرى مع مناسبةٍ غاليةٍ على قلوبنا جميعاً هي يوم الـمؤسس الذي تحتفل فيه جامعة رفيق الحريري للمرة الثانية. رفيق العمر والقلب،طويت من العمر سنواتٍ من العطاء والمـحبّة، وطويت من البعد عمرًا مكتوبًا بالشّوق الذّي لا ينتهي. وظلّ طيفك يعيش في نفوسنا لا يفارقها أبدًا. إنّه الحنين إليك يسكن الروح والوجدان، ويعانق الأيّام الحزينة.شهيد لبنان،ماذا نحكي لك عن بلدنا الحبيب بلد الأرز والمـجد؟ في غيابك بات لبنان غريبًا عن نفسه، متأرجحًا بين المـخاطر والتحدّيات، وبين المـؤسّـــــــسات المـعطّلة وعــــــدم قدرة الــــدولة على تلبية أدنى حقوق مواطنيها. بماذا نحدّثك إن سألتنا عن ولادة وطننا من رحم الشهادة؟ أنقول إنّنا ضللنا الطريق لا وألف لا. فسوف نبقى على العهد والوعد بأنّ المـسيرة ستبقى مستمرّة وإن شابتها الصعاب؟ .
واضافت:أيّها الأحبّة،فلنكن يدًا واحدةً في وطنٍ واحد.ولنتذكّر كيف انتفض لبنان على الحرب والدمار يوم قام رجلٌ حالمٌ وعازمٌ إسمه رفيق بـمسيرة إعادة بناء الدولة بالإصرار والعزم والمـحبّة، وبالعمل مع الجميع بدون تفرقةٍ أو تمييز. ولنتذكّر كيف حوّل الرئيس رفيق الحــــــريري حــــــلم الأمـــــن والإســــتقرار والإزدهـــــــــار إلــى حــــقيقة، إذ دعــــا الــــجميع إلى وضـع الخــــــلافات والتجاذبات والمـصالح الفرديّة والآنيّة جانبًا ليكون الوطن فوق الجميع، وليصبح لبنان أمثولةً تتناقلها الأمم. أيّها الأحبّة،كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يردّد باستمرار أنّ بناء الدولة هو هدفنا. فليكن هذا الهدف شعارنا، ليصبو إلى مصلحة لبناننا الحبيب.فليكن شعارنا بناء الدولة .إن أردنا دولةً قويّة، علينا أن نبني دعائمها بالعمل سوياً. وإن أردناها منيعةً فلنعزّزها بمدماك الوحدة الوطنيّة وبالحفاظ على سلمنا الأهلي والعيش الـمشترك وعلى قيم التسامح والإنفتاح والحوار. وعسى الله سبحانه وتعالى أن يبارك في عملنا فيد الله دائمًا مع الجماعة.وقبل الوداع على أمل اللقاء قريبًا في كنف الوطن نجدّد الدعاء لله عزّ وجل أن يتغمّد الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء الوطن الأبرار بواسع الرحمة والـمغفرة وأن يحفظ بلدنا الحبيب لبنان وأهله الطيّبين بدائم الخير والأمن والتطوّر والسلام.
قدامى الخريجين
والقى الطالب ناصر البابا كلمة قدامى خريجي الجامعة الذي استذكر بدايات التأسيس منذ 16 عاما وقال” لقد ملأ الرئيس الشهيد رفيق الحريري المكان بعنفوانه وطموحه ورغبته ببناء مستقبل مشرق للشباب ، لي ولزملائي ولآلاف غيرنا وكان يكفي ان نقول اننا ندرس في جامعة رفيق الحريري حتى يرتبط التميز بنا ” معاهدا الرئيس الشهيد بالاستمرار بحمل راية العلم والثقافة وان يكون الخريجون على مستوى المسؤولية التي تأملها منهم بان يكونوا مواطنين صالحين مؤمنين بوطنهم وانتمائهم عاملين من اجل الانسان وحريته وكرامته . وخلص للقول ” في هذا الزمن الصعب يبقى العلم الذي نشره المؤسس في عقول الالاف من اللبنانيين الطريق الأصح لبناء وطننا على اسس الديمقراطية والعدالة والتسامح .
السفير حتي
وتحدث خطيب الحفل السفير ناصيف حتي فاعتبر ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو “رجل الدولة الكبير الذي استشهد ليعود لبنان الى دوره الطبيعي والتاريخي الفاعل المبادر في اسرته العربية وفي العالم وليس دور الملعب المفتوح لمواجهات وصراعات الأخرين على ارضه كما شهدنا لسنوات طويلة ودفعنا اغلى الأثمان لذلك ” . وقال: عمل الرئيس الشهيد بعلاقاته الخارجية التي صاغها بعزمه وقدراته ومبادراته ليعود لبنان المنارة الثقافية والصرح العلمي الكبير والمجتمع النابض بالحياة والعطاء عمل ليعود لبنان جسر تواصل وحوار وتعاون وريادة في اسرته العربية وفي العالم . انطلق الرئيس الشهيد رفيق الحريري من قاعدة اساسية في العلاقات الدولية التي تعتبر انه بقدر ما تكون الدولة صغيرة فهي تحتاج الى علاقات دبلوماسية كبيرة وواسعة ممتدة ومتنوعة وانه بقدر ما نكون في موقع حساس نتيجة لجغرافيتنا السياسية بقدر ما تحتاج الدولة الى هذا الدور الناشط والقائم على اقامة وبلورة علاقات جديدة وتعزيز وتوثيق علاقات قائمة لتحصين الوطن من الرياح العاتية والاتية في لعبة الامم وهي منتشرة في الشرق الاوسط وللاسف ازدادت انتشارا وحدة كما راينا ونرى في السنوات الاخيرة.
واضاف:لقد آمن الرئيس الشهيد في حياته بهذه القاعدة الاساسية وتحديدا بهذه المعادلة الديبلوماسية قبل توليه موقع رئاسة الحكومة وكان على قناعة راسخة كما دلت على ذلك اتصالاته الدولية الغنية والكثيفة وشبكة العلاقات المتنوعة التي اقامها كان على قناعة راسخة انه في عالم بمثابة قرية كونية عالم يشهد مزيجا من الاندماج من جهة تدفع اليه حركة العولمة الجارفة في مختلف المجالات كما يشهد مزيدا من التفكك والتوترات من جهة اخرى كرد فعل على العولمة الجارفة في هذا الوضع تصبح الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشخصية الثنائية والمتعددة الاطراف حاجة اساسية في بناء وتعزيز الامن الوطني للبنان . كانت ديبلوماسية الرئيس الشهيد مواطنا ثم مسؤولا وكان مسؤولا عندما كان مواطنا قبل ان يتحمل المسؤولية تقوم على الانخراط في حوار مع الاخر في خطاب واقعي عصري ومرن وفي البناء على هذا الحوار بحثا عن مصلحة مشتركة تغني لبنان والبلد او الطرف الاخر ، حوار قائم على الانفتاح والاستماع والاطلاع والمعرفة والتمسك بالثوابت الوطنية بهدف اقامة شبكة امان تحصن الوطن الصغير الذي فرضت عليه جغرافيته السياسية ان يكون دائما في خضم الصراعات في الشرق الاوسط ..
وتابع: نحن اليوم غداة يوم تاريخي تمثل في ملء الشغور الرئاسي الخطير. واود ان اشيد بهذه المناسبة بالدور الذي لعبه دولة الرئيس سعد الحريري حامل الارث الرئيس الشهيد لعب دورا اساسيا ومبادرا وشجاعا في صياغة التفاهمات الوطنية التي اسقطت العوائق امام انتخاب الرئيس ، ما حصل بالامس هو انتصار لكل لبنان وانتصار لمفهوم صيانة الدولة ومؤسساتها. ولم يكن انتصارا كما نراه ونريده لطرف على حساب طرف اخر ولم يكن دور الرئيس سعد الحريري بالامر المفاجىء وهو المؤتمن على ارث الرئيس الشهيد رفيق الذي كان يعتبر ان الخلاف السياسي في الوطن امر طبيعي ، ولكن من المرفوض الاختلاف على الوطن وعندما يصبح مصير الوطن في خطر فان التفاهمات الوطنية تصبح هي الاساس لانها طريق الخلاص وتسقط امامها كل الخلافات والاختلافات والتمايزات السياسية انها فلسفة الرئيس الشهيد رفيق الحريري فلنساهم جميعا كل من موقعه في بناء لبنان الغد الذي عمل له واستشهد من اجله الرئيس الحريري ..
وفي الختام قدمت ممثلة السيدة الحريري السيدة هدى طبارة والمديرة العامة لمؤسسة رفيق الحريري سلوى بعاصيري السنيورة درعاً تكريمياً الى السفير حتي بمشاركة مدير الجامعة الدكتور شديد . جال بعدها الحضور على معرض صور عن الرئيس الشهيد تحكي مسيرته وانجازاته الوطنية والانمائية والتربوية.