تتوالى ردود الفعل العربية والدولية منددة بالهجوم بالطائرات المسيرة الذي تعرّض إليه حقلا بقيق وخريص النفطيّان، شرق السعودية، صباح السبت 14 سبتمبر (أيلول)، ولفتت في الساعات الأخيرة سلسلة مواقف أميركية وأممية.
فقد أعرب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث عن “قلقه البالغ إزاء الهجمات بالطائرات المسيّرة على اثنتين من المنشآت النفطية الرئيسة في السعودية، والتي تبناها الحوثيون”، معتبراً أنّ “هذا التصعيد العسكري مقلق للغاية”، ودعا غريفيث “جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس”، لافتاً إلى أنّ ما حصل “يشكّل تهديداً خطيراً على الأمن الإقليمي، ويزيد تعقيد الوضع الهشّ أصلاً ويعرّض العمليّة السياسيّة التي تقودها الأمم المتحدة للخطر”.
في جديد المواقف الأميركية، كلام لافت للسناتور الجمهوري لينزي جراهام، وهو حليف وثيق لترمب وعضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال فيه إن هجمات السبت تظهر أن إيران غير مهتمة بالسلام وتسعى بدلاً من ذلك إلى امتلاك أسلحة نووية وإلى الهيمنة الإقليمية، وأضاف على تويتر “حان الوقت الآن لأن تضع الولايات المتحدة على الطاولة مهاجمة مصافي النفط الإيرانية إذا واصلوا استفزازاتهم أو زادوا من تخصيب اليورانيوم”.
في المقابل، قال السناتور الديمقراطي وعضو اللجنة كريس مورفي “هذا تبسيط غير مسؤول ويشرح كيف نخوض حروباً غبية، إيران تدعم الحوثيين وتلعب دوراً سيئاً لكن الأمر ليس ببساطة أن الحوثيين يساوون إيران”.
بومبيو يتهم إيران
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اتهم إيران بمهاجمة معملي تكرير النفط بالسعودية مستبعداً انطلاق الهجمات من اليمن وقال إن طهران تقوم بدبلوماسية كاذبة.
لكن بومبيو قال على تويتر إنه لا توجد أدلة على أن الهجوم جاء من اليمن، وأضاف “طهران وراء حوالى 100 هجوم تعرضت إليها السعودية في حين يتظاهر روحاني وظريف بانخراطهما في الدبلوماسية” مشيراً إلى رئيس إيران ووزير خارجيتها. وقال “وسط كل تلك الدعوات إلى وقف التصعيد تشن إيران الآن هجوماً غير مسبوق على إمدادات الطاقة العالمية”، وتابع بومبيو “ندعو جميع الدول إلى الإدانة العلنية والقاطعة لهجمات إيران”، محذراً من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستعمل مع حلفائها للتأكد من “محاسبة” طهران على “عدوانها”.
وأشارت تغريدات بومبيو إلى موقف أكثر تشدداً في واشنطن تجاه طهران، بعد مؤشرات إلى تحسن محتمل في العلاقات بين البلدين في أعقاب تصعيد على مدى شهور.
في المقابل، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي اتهامات الولايات المتحدة لطهران بأنها “فارغة”، وقال “مثل هذه الاتهامات عديمة الجدوى، لا معنى لها وغير مفهومة وفارغة”.
إدانة أميركية
ومساء السبت، أكّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اتّصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وفق الوكالة السعودية الرسمية (واس) “أنّ للمملكة الإرادة والقدرة على مواجهة هذا العدوان الإرهابي والتعامل معه”، وندّد ترمب بالهجوم خلال الاتّصال الهاتفي مع بن سلمان، وأبلغه “دعمه (حقّ) السعودية في دفاعها عن نفسها”.
وقال البيت الأبيض في بيان عقب الاتّصال الهاتفي إنّ “الولايات المتحدة تدين بشدّة الهجوم على البنية التحتيّة الحيويّة للطاقة”، وأضاف أنّ “أعمال العنف ضدّ المناطق المدنيّة والبنية التحتيّة الحيويّة للاقتصاد العالمي تؤدّي فقط إلى تعميق النزاع وانعدام الثقة”. وأضاف البيان الأميركي أنّ “حكومة الولايات المتحدة تراقب الوضع وتبقى ملتزمة ضمان استقرار أسواق النفط العالميّة وتزويدها بالموارد الكافية”.
بغداد تنفي استخدام أراضيها لمهاجمة منشآت سعودية
وفي موقف عراقي من الهجمات، نفى العراق استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بالطائرات المسيرة، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء العراقية، ونفي المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بالطائرات المُسيرة، مؤكداً التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه وأن الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور، وقد شكلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات”.
ودعت بغداد جميع الأطراف إلى التوقف عن الهجمات المُتبادلة، والتسبب بوقوع خسائر عظيمة في الأرواح والمنشآت، مؤكدة أن الحكومة العراقية تتابع باهتمام بالغ هذه التطورات، وتتضامن مع أشقائها وتعرب عن قلقها من أن التصعيد والحلول العسكرية تعقد الأوضاع الإنسانية والسياسية، وتهدد أمننا المشترك والأمن الإقليميّ والدولي.
الإمارات… مع السعودية
عربياً أيضاً، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش أن الهجوم الذي تبناه الحوثيون على المعملين التابعين لشركة “أرامكو” السعودية في مدينة بقيق يطال الإمارات ودول المنطقة أيضاً، وكتب قرقاش تغريدة في حسابه على “تويتر” قال فيها إن “الهجوم الإرهابي على معملي أرامكو يطالنا جميعاً، ويشير إلى التحدي الاستراتيجي الذي تواجهه المنطقة، وضرورة تظافر الجهود تجاهه”.
أضاف “الإمارات أدركت طبيعة التحديات المحدقة والمشتركة مبكراً واختارت بكل مسؤولية أن موقفها وموقعها مع الرياض. نعم مسارنا ومصيرنا واحد”.
إلى ذلك، قالت المسؤولة في وزارة الخارجية الإماراتية هند مانع العتيبة إن بلادها تنتظر نتائج تحقيق السعودية في الهجمات، وإن الإمارات ستواصل دعم الجهود الدبلوماسية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن مع استمرار تقليص وجودها العسكري، وتابعت أن الإمارات ستقدم كل المساعدات التي تعهدت بها لليمن هذا العام.
التحقيقات متواصلة والحوثيون يتبنون المسؤولية
وكانت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن أعلنت استمرار التحقيقات الأولية لمعرفة الجهات المتورطة بالهجمات، في وقت تبنّت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران مسؤوليتها عن استهداف الحقلين النفطيين بطائرات من دون طيار.
وأتت هجمات السبت بعد ضربات عبر الحدود على منشآت نفطية سعودية وناقلات نفط في مياه الخليج. وأدّى الهجوم إلى إشعال حرائق في منشأتين نفطيّتين تابعتين لشركة “أرامكو” السعوديّة العملاقة، في ثالث عمليّة من هذا النوع في خمسة أشهر على منشآت تابعة للشركة.
وأعلنت وزارة الطاقة السعوديّة في وقت لاحق السبت أنّ الهجوم أدّى إلى توقّف “مؤقت” للإنتاج في هذين الموقعين، وهو ما أثّر في حوالى نصف إنتاج “أرامكو”.
(وكالات )