خاص –nextlb
في لبنان لا يقتصر مطعم بيع الفلافل على أنه مكان مقصود لمحاربة الجوع صباحاً ومساء بل تتحول أسماء بعض المطاعم ، والأسماء التجارية في العاصمة بيروت ، الى معالم تراثية وتاريخية متلازمة مع تاريخ وذكريات الناس ، وتصبح جزءاً من تراث المدينة ومَعلماً في شارع معين أو منطقة ما يستدل بها .
في الآونة الأخيرة ، وبعد اشتداد الأزمة الإقتصادية ، لجأ اللبنانيون إلى سندويش الفلافل كسبيل فعال لسد جوعهم بأقل كلفة ممكنة، بعد الإرتفاع الجنوني في أسعار اللحوم ومشتقاتها ، وبعد أن أصبح سعر سندويش الدجاج الطاووق 50 ألف ليرة وكان ثمنه لا يتعدى 5 آلاف ليرة ، ولكن سندويش الفلافل صار حالياً ب 25 الف ليرة وهو 5 أضعاف السعر السابق ، وصارت “أكلة الفقراء” صعبة المنال أيضاً ، فلحق سندويش الفلافل بسندويشات اللحوم والدجاج .
ويعكس الوضع الحالي تبدلات كثيرة طرأت على أسلوب حياة اللبنانيين، جراء الأزمة الإقتصادية ، فقد أقفلت العديد من المطاعم الشعبية أبوابها بسبب الكلفة العالية للوجبة، ولعدم قدرة المواطن على شرائها ، وترافق ذلك مع موجة ارتفاع كبيرة في الإيجارات وتحويل معظمها بالعملة الأجنبية بعد انتهاء العقود القديمة”.
إقفال حزين
في منطقة السوديكو المحاذية لوسط بيروت التجاري التي تسمى غالباً بمنطقة “فلافل صهيون” ، الذي طالما استقطب أبناء المنطقة والجوار وزوار العاصمة بيروت لسنوات طويلة ، إقفل مطعم الفلافل الشهير أبوابه أمام الزبائن ، هذا المطعم الذي حول منطقة السوديكو في وسط بيروت الى ملتقى للأصحاب عندما أعاد صاحبه افتتاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية في مطلع التسعينيات ، وعبر رواد مواقع التواصل الإجتماعي في لبنان وخارجه عن حزنهم للخبر ، وشبهوا ورقة الإعلان عن اقفال المطعم ب ” ورقة النعي” لمجموعة من ذكريات الماضي الغالية .
لا محطة عند الظهر أمام المطعم ولا “سندويش فلافل عالسريع” فالمطعم البيروتي العريق ، وعلى غرار محال كثيرة مشابهة له ، أو تلك المخصصة للوجبات السريعة أعلن عن إقفال أبوابه (بشكل مؤقت) نتيجة ارتفاع أسعار المواد والخضار والخبز التي جعلت ثمن سندويش الفلافل يتخطى عتبة 25 الف ليرة، وهذا ما لا يتماشى مع القدرة الشرائية لدى غالبية اللبنانيين.
وعبر أحد زبائن المطعم الشهير عن حزنه لفقدان بيروت أسماء معالم وأمكنة أكثر من فقدانها لمحلات ومطاعم وأضاف “لم تستطع الحرب إقفال هذا المطعم الذي صمد طويلاً في الشارع الذي كان يعتبر من أبرز شوارع خطوط التماس بين شطري العاصمة بيروت ، وكأنه كان ينذر بعودة الحياة اليه ذات يوم “.
وقال آخر “انتشرت في شهر أيار مايو الماضي على مواقع التواصل الإجتماعي صورة للافتة عُلّقت على واجهة أحد المطاعم في مدينة صيدا جنوبي لبنان ، يومها ذكرت اللافتة إنّ المطعم سيقدّم سندويش الفلافل من دون بندورة، نظراً إلى أنّ سعر الكيلو أصبح حينها بـ 4 آلاف ليرة ، فلا غرابة أن يقفل مطعم صهيون البيروتي العريق في العاصمة بعد أن وصل سعر كيلو البندورة الى 15 الف ليرة ”
ويشهد لبنان ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية في ظل تسجيل الدولار مستويات قياسية ، ولا يعرف حينها ماذا سيأكل المواطن مع الغلاء الفاحش في الأسعار وتآكل الرواتب والأجور بشكل دراماتيكي ، وينتظر الخطوات التي ستقدم عليها الحكومة شبه المعطلة في سبيل الحد من السقوط الى قعر الهاوية .
عدسة nextlb