عندما تدخل من باب الجامعة الأميركية التاريخي تشعر برهبة المكان وبثقل ال 150 عاماً التي تحملها إحدى أشهر الجامعات في الشرق الأوسط والعالم العربي ، حيت تخرج منها من أصبحوا قادة ورؤساء في العالم العربي والجوار . وتعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع ، وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الإنتماء السياسي ، وهذا ما أراده لها مؤسسها دانيال بلس في عام 1866 عندما أسسها كمؤسسة خاصة مستقلة ، على أن تكون غير طائفية ، وأطلق عليها في ذلك الوقت إسم الكلية السورية البروتستانتية(*) .
وبلس وهو مبشر أميركي ولد في عام 1823، وعين فيها كأول رئيس لها. وتقديراً له سمي الشارع الملاصق لسور الجامعة بإسمه ، شارع بلس، وكذلك سميت إحدى مباني الجامعة الرئيسية بإسمه Bliss Hall.
الجامعة الأميركية في بيروت (The American University of Beirut) وتعرف اختصاراً ب (AUB)، وهي جامعة خاصة لبنانية تقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية.
نالت الجامعة الأميركية نصيبها من الحرب في عام 1991 عندما تم تفجير مبنى الكولدج هول الأثري الذي يتوسط مبانيها ، بسيارة مفخخة ، وسقط برج الساعة التاريخي في تفجير مروع لم تبتعد عنه أصابع الموساد الإسرائيلي ، في محاولة فاشلة لإقفال الجامعة في بيروت ، وتصوير لبنان كبلد إرهابي معاد للعلم وللثقافة .
البداية
بدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها اعترافاً حصل عليه الدكتور دانيال بلس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية. إفتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر كانون الأول من عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت وسجل فيها 16 طالباً فقط.
كان منهاج الكلية في عامها الأول (1866-1867) يشمل تدريس اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والتركية واللاتينية ثم الرياضيات وتاريخ العرب القديم وتاريخ الديانات والتوراة ، وكانت الهيئة التعليمية تتألف من 13 معلماً.
في عام 1867، أنشئت كليتي الصيدلة والطب ، وكان التدريس باللغة العربية حتى عام 1887 ثم أصبح باللغة الإنكليزية.
وبين عام 1871 و1907، خرجت الكلية 154 طالباً من سوريا، و75 طالباً من مصر، و3 طلاب من العراق، 69 طالباً من بقية ” الولايات العثمانية “.
وفي عام 1834، نقلت الإرسالية الأميركية مطبعتها من مالطا إلى بيروت مما ساعد في ازدهار النشر في لبنان .
توسعة ومبان جديدة
ولإنشاء مباني الجامعة واستعداداً لتوسعتها إختيرت أرض مساحتها 736,900 فداناً في منطقة رأس بيروت لتشكل حرماً جامعياً يطل على البحر الأبيض المتوسط ويشرف على جبل لبنان، كما يمكن منه مشاهدة قمة جبل صنين.
وقد تبنت الكلية منذ تأسيسها في عام 1866 وحتى أصبحت الجامعة الأميركية في بيروت في عام 1920، معايير وقيم التعليم العالي المتبعة في أرقى جامعات العالم. كما اعتمدت في تدريسها المنهج الأميركي في التعليم . وقد استخدمت اللغة العربية كلغة الكلية الرسمية لمدة 17 عاماً ثم اعتمدت اللغة الإنكليزية في التدريس بعد ذلك وحتى وقتنا الحالي .
وتعتبر الجامعة مؤسسة مستقلة يحكمها مجلس أمناء يتألف من عناصر قيادية مهمة في مجال التجارة والتعليم والسلك الديبلوماسي والهندسة والعلوم والطب.
مدرسة القادة
تخرج من الجامعة الأميركية خلال تاريخها الحافل ، عدد كبير من الشخصيات في الوطن العربي ممن اشتهروا في مختلف المجالات ، كالرئيس سليم الحص ووليد جنبلاط وعبد القادر الحسيني وإسحاق الفرحان ، وسعدون حمادي رئيس الوزراء العراقي الأسبق والشاعر إبراهيم طوقان وأحمد طوقان وقدري طوقان وأحمد محمد الخطيب وجورج حبش والمفكر البحريني محمد جابر الأنصاري والمهندسة زها حديد ، والوزير الشهيد باسل فليحان ، والرئيس فؤاد السنيورة والوزير السابق الدكتور طارق متري الذي ترأس مركز عصام فارس للدراسات فيها ، وحنان عشراوي وغسان التويني وقسطنطين زريق وغادة السمان وإميلي نصرالله وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والفنان زكي ناصيف ، والمخترع حسن كامل الصباح.
متاحف ومكتبات
وتضم الجامعة متاحف ومكتبات مهمة ومنها متحف الآثار الذي تأسس في عام 1868ويعتبر ثالث أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط ، ويعرض العديد من الآثار من لبنان والمناطق المحيطة به منذ بدء الخليقة وحتى فترة الفتوحات الإسلامية .
وتضم كذلك متحف التاريخ الطبيعي الذي يجمع الى المعروضات ، الأبحاث النباتية للبروفيسور جورج بوست في عام 1850 ومن ثم مع أبحاث الطيور التي قام بها البروفيسور فان دايك في عام 1870. وكانا من مؤسسي الجامعة الأميركية ، وقد وتوقفت الأبحاث خلال الحرب الأهلية اللبنانية ثم عادت بعد نهايتها في عام 1990 ، ويحتوي المعرض على 15000 معروضة عن 1200 صنف بيولوجي .
أما متحف نباتات لبنان فيتبع لدائرة الأحياء ، ويحتوي على العديد من الأصناف لنباتات من لبنان والبلدان المجاورة .
وتستمر الجامعة في تأدية رسالتها التي بدأتها منذ أكثر من 150 عاماً وتبقى ملتقى مهما للأفكار والأبحاث والتحصيل العلمي ، معززة التوجه الفكري الليبرالي كمنبر حوار بين الأجيال والثقافات والأديان ، وملتقى حضارياً يجمع بين الشرق والغرب .
المعلومات التاريخية : ويكيبيديا
إعداد عاطف البعلبكي
الصور خاص nextlb