ندوة في المجلس الشيعي عن فكر الإمام شمس الدين في الذكرى الـ24 لرحيله

أقام المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى ندوة حوارية في مقره في الحازمية، عن فكر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى السابق الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، في الذكرى الـ24 لرحيله، بدعوة من نائب رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب، حاضر فيها، ألامين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور ميشال عبس، عميد معهد الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والإجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتور حسين رحال ورئيس تحرير جريدة “اللواء” صلاح سلام، في حضور رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان، النائب اشرف بيضون ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الشيخ أسامة حداد ممثلا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، العميد غازي حمود ممثلا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، السفير الإيراني  مجتبى أماني، نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، رئيس الجامعة الإسلامية البروفيسور حسن اللقيس، رئيس مجلس أدارة مستشفى الزهراء البروفيسور يوسف فارس، رئيس بلدية الحازمية جان أسمر ورؤساء بلديات وشخصيات وفاعليات اجتماعية وتربوية وثقافية وإعلامية وحشد من علماء دين.
سعد
بعد تلاوة اي من الذكر الحكيم للمقرئ احمد المقداد، والنشيد الوطني، قدم للندوة الدكتور جهاد سعد، وقال: “يمثل الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ذلك الإتجاه الداعي إلى سلطة العلم في مواجهة علم السلطة، وتلك الطبقة من العلماء والمفكرين الكبار التي مثلت كرامة العلم والعالم في مواجهة اي محاولة لتطويع الرسالة السماوية لمصلحة هذا الطرف أو ذاك وهذه السلطة أوتلك. ومما يثير الدهشة في كل تراثه العلمي والفكري، تلك اللغة المسبوكة والمنهجية المنضبطة كأفضل ما يقوم به علماء هذا العصر الأكاديميون وتلك القدرة على تأصيل المفاهيم الإسلامية المعاصرة بلا تكلف”.
الخطيب
وألقى العلامة الخطيب كلمة، رحب فيها بالحضور، وقال “في هذا الصرح الوطني، المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الذي أريد أن يكون في هذه البلدة اللبنانية الكريمة في الحازمية، ولرمزية هذه المنطقة وللخلفية التي حملها الامام السيد موسى الصدر مؤسس هذا الصرح، ولرمزيته الاسلامية المسيحية والعيش المشترك وبناء دولة المواطنة، ونحن اخترنا أن يكون هذا المكان في ذكرى عالم من علماء لبنان والعالم العربي والاسلامي الذي قدّم مشاريع وطنية لحل الأزمة والمشكلة اللبنانية ولبناء دولة حقيقية، لأنه بفكره العميق الذي ينطلق من الاسلام دين الرحمة الواسعة الذي ليس محصوراً بصيغة ولا يحمل فكراً ضيقاً، وإنما يستطيع أن يعايش كل المناسبات وأن يعايش كل الاوضاع، فهو ليس رسالة للمسلمين وللمؤمنين به وإنما للبشرية جمعاء، لذلك لم يدعُ الاسلام المسلمين أن ينغلقوا على أنفسهم وأن يعيشوا وحدهم دون الاخرين، من هذه الخلفية يستطيع ويكون شرعياً وإسلامياً أن يأتي بالنظام المناسب مع بقية المكونات الاخرى التي تختلف معه في الدين والعقيدة، كما هو لبنان هذا البلد المتنوع الذي لم يكن من فراغ كما قال الامام الصدر: الطوائف نعمة والطائفية نقمة”.
سلام
وتحدث رئيس تحرير “اللواء” صلاح سلام عن “الوحدة الإسلامية في فكر الإمام شمس الدين”، فقال: “أود أولا أن أتوجه بالشكر الى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة في ندوة عن الراحل الكبير الإمام محمد شمس الدين الذي تبقى ذكراه العطرة وإبتسامته الدائمة حاضرة دائمأ خاصة في فترات المحن والأزمات. مفهوم الوحدة الاسلامية في فكر الامام محمد مهدي شمس الدين. تخل الذكرى الرابعة والعشرين لغياب الإمام العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين ولبنان بامس الحاجة إلى قيادات روحية وسياسية تتميز ببعض ما تميز به العالم الكبير من ثقافة دينية، وفكر إنساني، والتزام وطني، ورحابة صدر في الحوار مع الآخر، وإستعداد للتسامح مع الأخر، وحضور مفعم بالحبة والإحترام التبادل في الشراكة مع الآخر. كان الإمام شمس الدين فرد بحجم مؤسسة، ومثقفا يستوعب ثقافات أمم وشعوب منتشرة في أنحاء العمورة. ورؤوويا ينفذ بعقله ورؤيتاه إلى فاق الستقبل. وكان قبل كل ذلك مؤمنا باله الواحد الخالق في السماء، وبالوطن الواحد الحاضن في الأرض. عرفته يوم تعرفت على صاحب الشخصية الفذة الإمام موسى الصدر في بدايات مسيرته النهضوية. وتجاوزت صداقتنا حدود العلاقات الشخصية، ووجدنا أنفسنا تحت خيمة واحدة بابها الرئيسي الوحدة الإسلامية، وما أدراك ما الوحدة الإسلامية في زمن الحروب العبثية، والفتن الطائفية والذهبية، وما سادها من تفلت من كل اﻟبادئ الإنسانية ومن كل القيم الدينية. كنا نضطر أحيانا لوصل الليل مع النهار لإخماد مشروع فتنة في هذه المنطقة، أو تطويق حادث في ذلك الحي، أو الإتصال بهذه الشخصية السياسية، وأو ذاك السؤول اليداني لنع النيران من الإمتداد يمينا أو شمالأ.
بالأخلاق والقيم الإنسانية: أكد على ضرورة التحلي بالأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية النبيلة في التعامل مع الآخرين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية.
تجسد هذه الوصايا رؤية الشيخ شمس الدين لوحدة المجتمع وتعزيز التعايش بين مختلف مكوناته، مع التركيز على الانتماء الوطني والابتعاد عن النزعات الطائفية.
لم تكن هذه الوصايا بعيدة عن مفهوم الوحدة الإسلامية ومنطلقاتها الوطنية، بل جاءت مكمله لها، في جوانب تفصيلية تركزت على معالجة الوجود الشيعي في البلدان العربية خاصة، والبلدان الإسلامية عامة، والتي تحتاج مجتمعاتها لإهتمام أكبر بالوحدة الإسلامية. كما جاءت الوصايا العشر إستباقا لما كان يلوح في الآفاق العربية والإسلامية من نذر فتن مذهبية عملت الأيادي الأجنبية على إشعال أوارها من باكستان شرقاً حتى العراق وسوريا ولبنان غرباً.
أدرك الإمام شمس الدين باكرا أن تعزيز الوحدة الإسلامية وصونها لا يتم بكبسة زر، بل يتطلب عملاً دؤوبا ومستمرا على مدى أجيال متعاقبة، للوصول إلى الأهداف السامية المبتغاة. لذلك وضع خطط متكاملة للعمل المستدام لتحقيق هذه الأهداف السامية، التي تحفظ للمسلمين وحدتهم، وترفع راية الإسلام الواحد، مع الأخذ بعين الإعتبار واقع الإختلافات في الممارسة وبعض الإجتهادات في الواقع المجتمعي للمسلمين.
عبس
وتحدث البروفيسور ميشال عبس عن “العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين والحوار وتحصين الوطن”، فقال: “عندما اريد التكلم عن العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، تحضرني اول ما تحضرني ابتسامته الوديعة المحبة ومحياه اللطيف، ووراءهما نظرة ثاقبة ترنو الى البعيد، تستشرفه وتحاول فك الغازه، لعل في الاستشراف حماية لوطن وتمتين لمستقبل ابناءه. ان حدة بصيرته هي من ميزاته الأساسية وقد وظفها في خدمة الجماعة المؤمنة، أهل التشيع في لبنان – اتفادى استعمال كلمة طائفة – والوطن.
رحال
وحاضر الدكتور رحال عن “الفكر الإصلاحي عند الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين قراءة في المنهج، وذلك انطلاقا على حد تعبيره”، فقال: “من كون الفكر الذي قدمه الشيخ الراحل كان فكراً عميقاً وقوياً ولديه تحولات وانتقالات في مراحل التفكير من مرحلة إلى مرحلة، وبالتالي نحتاج إلى نموذج معين لفهم هذه التحولات وهذا الخطاب وليس بمجرد النقد التبسيطي لآراء الشيخ الراحل، واعتبر أن هناك مرحلتين كبيرتين في الحياة الفكرية للشيخ شمس الدين، الأولى هي المرحلة الإجتهادية، والثانية هي المرحلة التجديدية، الأولى حيث كان ناطقاً باسم المؤسسة التي ولد في حضنها وهي المؤسسة الدينية، حيث كان الناطق الشرعي بإسمها والذي يقدم أجوبتها إلى الأمة وإلى الناس، وبعد هذه المرحلة أي في العقد الأخير من حياته المباركة قدم رؤيته الخاصة للأجوبة هذه انطلاقاً من تجربته التاريخية والفكرية، وهذا ما يمكن تسميته بالإبداع التجديدي الذي يتجاوز مسألة الإجتهاد الى التجديد.

المصدر وطنية

لمشاركة الرابط: