عالما الواقع والافتراض نحو حقيقة سينوغرافية، الثاني عالم بديل عن الأول من صنع التقنية الرقمية، يتشكلان في ذاكرة الحواسيب الألكترونية!؟ كواقع فوق الواقع!! مجسداً «نهاية الفيزياء»عندما ابتكر الفكر لذاته واقعاً فائق الجودة يتحكم بكلياته وجزئياته، وفق اغراضه واهدافه تلبية لرغبته الإنسانية الجامحة في التمييز والسيطرة بالمخيال الميديائي القائم على التشكيلات الرقمية والتراكيب العددية اللا متناهية لإضفاء البعد الافتراضي على الواقع الفعلي عن طريق لعبة الرقمنة المسؤولة عن خلق نماذج مقولبة تعبر عن واقع بمزيد من التضليل!؟ بنماذج طوباوية استرقتها العدسة واقتطعتها جزئياً، اللغة الرقمية نظام علامات يتم تدوينها في آلات زكية بواسطة النظام الثنائي الرقمي بقيمة(1-0) موزعة على ثماني خانات نتاج اسلوب تكويد وتشفير يعطي لكل حرف من»الألفباء» كوداً رقمياً! بديل ابجدية رقمية سيالة محل الحروفية الثابتة.. والعوالم الافتراضية التي يمكن تركيبها بواسطة الأعداد بدل العوالم المجازية والدلالية التي يمكن استيلادها بواسطة الحروف، منذ اثبات «ميشال فوكو» تمزق العلاقة بين الكلمات والأشياء بحلول الحداثة خرجت اللغة من وسط الكائنات ودخلت عصر الحياد الذاتي وتخلت عن الدور التمثيلي للواقع الفعلي؟ لتكون بيت القصيد بقوانينها الداخلية المتفردة، بل ان الأشياء لتخرج منها كأنها ولدت للتو! اضحت اللغة الرقمية حسب «هيدغر» مسكن الوجود! منها يولد الإنسان العددي والأشياء من جديد، مع الواقع الافتراضي تجاوزنا الحداثة لما بعدها باتجاهاتها المتعددة، وصف البديل بالوهم على مستوى بعض الأعمال الفكرية له اواصر بتقويض «نيتشه» للحقيقة المطلقة، سلطة العلامات مع ميشال فوكو؛ فجرت مفهوم التمثل المعرفي ليس تصوراً للواقع بل صناعة له!؟ بتغيير الشيء المراد معرفته واصطناع للواقع وليس تصنيعاً له، في المشادات المعاصرة خاصة في الحروب تجلت الثورة الإعلامية المرسلة دون التلقي وليس فيما يعرف باستجابة الجمهور مما يرقى الى ان يكون طرفاً ثانياً لوسائل الإعلام بإعطائها سلطة لتقنية المعلومات تتجاوز تقنية المماثلة على النحو الذي يجعل المعرفة ليس فقط عبارة عن تصنيع للواقع بل اصطناع واقع جديد عبر عمليات الرقمنة!؟ انها الحقيقة المنظورية صناعة ارادة القوة لمن يمتلك الوسائط والصور والأرقام ليصبح الوهم هو الحقيقة في فضاء الواقع الفائق!؟ حيث لا مرجعيات في هذا الفضاء ولا واقع ولا مثال انما نماذج وتصنعات وحقائق منمنمة يتم التعبير عنها في «هوليود»بالمصفوفة، منذ افلاطون حتى هيغل كانت معرفة الحقيقة التطابق مع ما هو واقع وعالم الكليات من المثل المجردة والأفكار المطلقة هو العالم المقياس الحاكم على العالم الحقيقي والناظم له الآن الحقيقة ليست تجريبية بتطابق الفكر مع الواقع ولا مثالية عقلية يتطابق مع ذاته الحاكم والناظم عالم الأشباح الضوئية من المنتجات الإلكترونية غير الملموسة، وذلك ان الحقيقة ليست ما نعرفه بل ما نختلقه من وقائع يخيل الينا انها تسعى! والعالم الوهمي الذي يدار به الواقع الآن شديد الهشاشة واشد واقعية من الواقع بقدر ما بات يتحكم به وينوب عنه بحيث لم تعد الأشباه ظلال الحقيقة بل ما نصنع به الحقائق، بصورة وشروط لم تعهدها البشرية، ومع كل وهم يتغير المرجع بتغير التركيب، الإقليم من هنا وصاعداً «لن يسبق الخريطة الشرق اوسطية الجديدة» انما هي التي تسبقه وتغمره وتخفيه لتبرز حقيقتها كواقع مجتث من اصوله ومبتور عن لاواقعيته (إن) الخريطة هي حقيقة الحقائق دون مرجع واقعي يربط بين ما هو مشار اليه ومحرر في المكان والزمان وصورته المصغرة وحقيقته المختزلة في الخريطة. في معرض السيمولوجيا على المستوى الفردي والجماعي نكيف احوالنا طواعية مع الـ(pose) الجديد ونجعل من ذاتنا موضوعاً ومشهداً قبل أن تلتقط لنا الصورة» صور عن صور لصور عن صور.. الى ما لا نهاية، نحن في عالم صنمية الصورة علاقة البشر بالسلع طغت على علاقتهم بذاتهم وببعضهم البعض وتحول الأنسان نفسه الى سلعة خاضعة لنسق التبادل السلعي بل ان صنمية الصورة طغت على صنمية السلع!
زياد علوش
كاتب واعلامي