“بين الواقع المرير وبؤس المصير” ندوة لمنظمة “أقوى” Acua عن الهجرة غير الشرعية في مركز الصفدي – طربلس

خاص – nextlb – عاطف البعلبكي
يوم طرابلسي شمالي بإمتياز حمل هموم الفئات الأكثر فقراً في لبنان لمناقشتها مع كوكبة من الإعلاميين من وسائل إعلامية مكتوبة ومسموعة ومن المختصين والرسميين والحقوقيين ، بدعوة من منظمة  “أقوى” (Acua Fondation ) خلال ندوة تفاعلية أقامتها في مركز الصفدي الثقافي – طرابلس تحت عنوان “بين الواقع المرير وبؤس المصير ” ناقشت مطولاً مخاطر الهجرة غير الشرعية من اللبنانيين والجنسيات الأخرى الى أوروبا ، والرحلات المحفوفة بالمخاطر التي تؤدي في أغلب الأحيان الى هلاك المهاجرين وضياع أملهم بفرص أفضل ، في أعماق البحر .
أدار الندوة الإعلامي داني حداد وشهدت حضوراً رسمياً وإعلامياً حاشداً إضافة الى أهالي ضحايا “قوارب الموت” وفعاليات إجتماعية طرابلسية وشمالية .
بعد النشيد الوطني ألقت رئيسة منظمة “أقوى” (Acua) رولا فاضل كلمة رحبت فيها بالحضور من رسميين وإعلاميين وأهالي ضحايا “قوارب الموت” .
وقالت فاضل : ” طرابلس مدينتنا يقال عنها أنها الأكثر فقراً على ساحل المتوسط والاكثر حرماناً ، الا أنها غنية بتاريخها وبأهلها وبتراثها ، وهي تستأهل منا أن نقف بجانبها ، وتتظافر جهود المسؤولين والإعلاميين حتى نقدم لهده المدينة ما حرمتها منه الدولة على مر السنين “.
وعن الهجرة غير الشرعية قالت فاضل :” تحولت هذه الهجرة الى كارثة حقيقية تهدد مستقبل شبابنا ويسيطر عليهم الحلم الآوروبي وتجارب محفوفة بالمخاطر والمآسي ، وليس بهذه البساطة أن يكون الحلم الأوروبي وردياً ، بل قد يتحول الى كابوس حقيقي ، ونتمنى من خلال جهودنا في منظمة ” أقوى ” أن نلقي الضوء بفعالية على هذه الكارثة التي تصيب شبابنا “.

الهروب الى الأعماق !
ثم عرف الزميل أسعد بشارة بالفيلم الوثائقي الذي نفذه بعنوان ” الهروب الى الأعماق” وأنتجته منصة “جسور” العربية (Jusur.com) التي تشرف عليها السيدة رولا فاضل ، ويغطي الفيلم عدة جوانب من ظاهرة الهجرة غير الشرعية ، وقد وثق بعض رحلات قوارب الهجرة غير الشرعية التي أدت في معظم الأحيان الى هلاك المهاجرين كاشفاً عن وجود عصابات تهريب لمهاجرين غير شرعين ومن جنسيات لبنانية وغير لبنانية .

ثم ألقى السفير الهولندي في لبنان هانز بيتر فان دير وود كلمة بعنوان “الوصول الى أوروبا وبعد ذلك ؟”

كلمة نقابة المحررين
وألقى عضو مجلس نقابة المحررين الكاتب والمحلل السياسي صلاح تقي الدين ، ممثلاً نقيب المحررين جوزيف القصيفي كلمة شرح فيها الوضع السيء الذي يواجهه المهاجرون غير الشرعيين في “قوارب الموت” وفي بلدان الهروب ، وتطرق الى وضع اللاجئين السوريين في لبنان وتأثيره الديموغرافي على الوضع السكاني الهش في لبنان وقال :” يجب أن لا ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة ، وكأن الدنيا بخير ، إننا في عالم لا ثابت فيه الا المتحول ، والضعيف فيه فريسة القوي المستقوي”.
وأضاف ” الهجرة غير الشرعية واحدة من أخطر أزمات العصر لأنها تأتي نتيجة أوضاع اقتصادية واجتماعية واضطهاد سياسي في البلدان التي ينزح عنها المهاجرون ، ويتوسلون السبل غير الشرعية للوصول الى بلدان توفر لهم الأمن والحرية ، وما يزيد الامر حرجاً هو تعرض مراكب الهجرة الى حوادث غرق تقضي على أعداد كبيرة منهم “.
وتابع “هذه الازمة تحتاج الى معالجة عميقة من خلال مساعدة البلدان الآكثر فقراً على السير في مشاريع التنمية وتعزيز آليات التحول الديمقراطي ”
وقال ” لبنان يعاني من أزمة النزوح السوري الذي تشكل نسبته أكثر من ثلث سكانه ، وبدل من مساعدته دولياً لعودة النازحين الى بلدهم ، يضغط المجتمع الدولي لقبولهم ودمجهم في المجتمع اللبناني ذي التركيبة الديموغرافية الحساسة “.
وتابع “في هذه الحالة يستدعي الوضع مقاربة مختلفة لملف النزوح الى لبنان ، ولبنان للأسف سيبقى ممراً للهجرة غير الشرعية والمزيد من ”
قوارب الموت “وعلى الصعيد الإعلامي قال تقي الدين ” على الاعلامين أن يتجنبوا الخطاب الولاد للأحقاد فلبنان بلد لا يعيش على الكراهية “.

الوزير المكاري
وعن دور الإعلام في التوعية من مخاطر الهجرة غير الشرعية والكوارث التي تتسبب بها على هذا الصعيد ، القى وزير الإعلام كلمة مما جاء فيها :”
لطالما كانتِ الهُجرةُ مُرّةً ومُكلِفة، فكيف وهي غيرُ شرعية؟ أنْ نُهاجرَ هو ببساطةٍ أن نخرُجَ من أرضٍ الى أرض، بحثًا عن لُقمة عيشٍ لا نجدُها في وطننا، أمّا أن نختارَ دربَ الهُجرةِ غيرِ الشرعيةِ فهو أن نُغادرَ دائرةَ الأمانِ ونَرتَمِيَ في مَتاهةِ المُجازفةِ بالحياةِ نفسِها التي نَظُنُّ واهِمينَ أننا نَرنُو إليها.”
وأضاف : ” إذا بَدَا العيشُ في لبنان مأزوماً، بل مستحيلًا، فإنّ الموتَ في قَعرِ البحرِ ليس حلاً ، و نقول هذا وعدّادُ الهجرةِ غيرِ الشرعية شَغّال، إذ تمّ توثيقُ ما لا يقلُّ عن 155 محاولةِ هجرةٍ غيرِ شرعية خلالَ الرُبعِ الثالث من عام 2022، شارك فيها 4637 مُهاجراً وأدتْ الى وفاة 214 شخصا على الأقل و225 مفقودا.”.
وتابع ” أمامَ هذه الأرقام يَتنَازَعُنا شُعوران: حُزنٌ على وطنٍ بَلَغَ به الوَهنُ حدّاً جَعَلَه يرى مُواطنيهِ وسكّانَه يهرُبونَ الى الموتِ المُحقّق لقلِّةِ الحياةِ في بلدهم، وأسفٌ على مُهاجرينَ لا يَعونَ فظاعةَ ما يفعلون مع عائلاتهم، أو لعلّهم آثَروا الموتَ مرةً على الوجعِ كلَ يوم في شَظَفِ العَيْش.”
وأضاف المكاري ” المشهدانِ مؤلمانِ وغيرُ مبرَّرَين. فإذا كانتِ الدولةُ تُعاني ما تُعانيه من داءٍ يفتُكُ بمفاصلِها، فهل يكون القفزُ في مَراكِبِ الموتِ تِرياقاً؟ أما مِن وعيٍ يَردَعُ أباً عن سَوقِ عائلتِه الى حَتْفِها؟ أيُعقَلُ أن نَصطدِمَ بالموتِ ونحنُ في طريقِنا الى البحثِ عنِ الحياة، لا لشيءٍ إلا لعَدَمِ إدراكِنا هَوْلَ ما نَرتَكِب؟ آلافُ المُهاجرينَ غيرِ الشرعيينَ ومئاتُ الضحايا ولا مَن يَرتَدِع.”

وتابع ” لَعلَّ المُفارقةَ المُبكية في هذا المشهدِ المُظلِم أنَّ المُهاجِرَ غيرَ الشرعيّ يكونُ هو نفسُهُ الضحيةَ مرتين: مرةً عندما يبتزُّهُ تجّارُ الموتِ والأزَمات فيَقبَضونَ جنى عمرِهِ لترحيلِه، ومرّةً عندما يقبُضُ عليه الموتُ في عُرضِ البحر! ”
وقال ” إننا في صَدَدِ مشهَدِيةٍ مثلّثَةِ الأضلُع: أزْمةٌ اقتصاديةٌ خانقةٌ غيرُ مسبوقةٍ تدفعُ البعضَ الى الانتحارِ طوعاً، يائسونَ أعماهُمُ العَوَزُ وأفقدَهم القدرةَ على التفكير، وإعلامٌ يسعى جاهداً الى التوعيةِ على أخطارِ الهُجرةِ غيرِ الشرعية والتنبيهِ من الوقوعِ في شرَكِ عصاباتِ الموتِ الكامنةِ عندَ غائلةِ الفقر المُدقِع”.
وعن دور الإعلام في مواجهة الهجرة غير الشرعية قال ” صحيحٌ أنّ الهجرةَ غيرَ الشرعيةِ باتَتْ ظاهرةً مُعمّمةً في بلدانٍ كثيرة، ويكادُ لا يمرُّ يومٌ من دون حوادث وضحايا، إلا أنّ للإعلامِ الدور المِحوري والبالغَ الأهمية في مواكبةِ هذه الظاهرةِ – الآفة من منابِعِها، كأنْ يتولّى الإضاءةَ على المشكلةِ من منشئها، فيُوثِّقُ حالاتِ الفَقرِ قبلَ استشرائها، ويُكثّفُ حملاتِ التوعية والإرشادِ على مخاطرِ سلوكِ طريقِ البحرِ هرباً، ويلاحقُ عصاباتِ الاستغلالِ ويضعُها تحتَ المِجهَرِ من خلالِ الصِّحافةِ الاستقصائيّة الهادفةِ الى اقتفاءِ أثَرِ كلِّ مُجرمٍ تُسوِّلُ له نفسُه سَرِقةَ الباحثينَ عن فرصةِ نجاةٍ ثُمَ دفعَهُم دفعاً الى مصيرِهِم الأسود.”
واضاف ” نحنُ أمامَ مسؤوليةٍ مُشترَكة تقتَضي أن يتعقَّلَ المُتعَجِّلون الى ركوبِ البحرِ عشوائياً ولا ينساقوا الى المُستغِلّين، وأن يُشغِّلَ الإعلامُ كلَ محرّكاتِه للتوعية والتحذير، واستتباعاً لكشفِ أوكارِ عِصاباتِ الموت ومطاردتِها وتعريتِها أمامَ المجتمعِ والأمنِ والقضاء.”
وختم بالقول ” من طرابلسَ الأبيّةِ الشاهدةِ على محاولاتٍ متكررةٍ للهجرةِ غيرِ الشرعية، أشكُرُ القيّمينَ على هذه النَّدوةِ القيّمة وهذا المركزِ الزاهر، وأنحني لوجعِ التائقينَ الى فُرَصٍ أفضلَ للحياة، وأحيّي جهودَ الإعلامِ في مواكَبَةِ ظاهرةٍ قد تكون الأخطر، من خلالِ النَدَواتِ الهادفة وحملات التوعيةالمستمرة.”

وزير الداخلية
و ألقى وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي كلمة ركز فيها على ضرورة تشبث اللبناني بأرضه والمحاولة بكل الوسائل مساعدة الدولة على أن تقف من جديد بدل الهروب من مواجهة المصاعب
وقال ” زارنا العديد من المسؤولين الأوروبيين وأفادونا بأن المهاجرين من لبنان يعيشون ظروفاً صعبة ولم يجدوا العمل الجيد والفرص المتاحة والمال ولا أمنوا مستقبل أولادهم ” .
وشدد وزير الداخلية في كلمته على المبادرة الفردية لرفد الإقتصاد بالكفاءات الشبابية بدل المخاطرة في البحر للوصول غير المضمون الى الدول الاوروبية التي قد لا تؤمن المستقبل الزاهر للهارب ولعائلته .
ونوه مولوي بقدرات أصحاب المبادرات الفردية وبكفاءة القطاع الخاص في أخد زمام المبادرة والتقدم نحو الأفضل .


حلقات نقاشية وفيلم
وبعد الكلمات كانت حلقتان نقاشيتان ، الأولى ناقشت تاريخ وحجم وأسباب الهجرة غير الشرعية وتداعياتها و الحلول الممكنة لتلافيها وتبيان الثغرات القانونية وتطوير النصوص وجمع بعض المواد القانونية في قانون موحد لتجريم المهاجرين غير الشرعيين ، والاستنسابية في تطبيق القانون والتحديات التي تواجه الضابطة العدلية مع مناقشة غياب المسؤولين في الدولة وتورط البعض في حماية عصابات التهريب والاتجار بالبشر .
وشارك فيها كل من الزميل الصحافي القضائي يوسف دياب و الخبير القانوني في المفوضية الاوروبية الدكتور محيي الدين الشحيمي و الخبير والباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين ، والحقوقي المحامي محمد صبلوح ، وأمينة سر لجنة المرأة في اتحاد المحامين العرب سهير مرشد درباس

فيلم طرابلس 06
وتم عرض مقتطفات من فيلم طرابلس 06 من إنتاج نبيل الرفاعي الذي تدور أحداثه كذلك عن هجرة عائلة في البحر وغرق بعض أفرادها
وفي الحلقة الثانية ناقشت الناشطة الإجتماعية مهى الأتاسي تاثير الفقر وغياب التنمية عن طرابلس وجوارها وصعوبة اللجوء السوري الى لبنان وتاثيره على تفاقم الهجرة غير الشرعية .
ثم قدم بعض أقارب ضحايا “زوارق الموت” وأحد الناجين من قارب طرطوس الغارق شهادتهم أمام حضور الندوة ، وحاورهم الإعلامي داني حداد والناشطة الأتاسي .

اللواء ريفي
والقى اللواء  أشرف ريفي ملخصاً عن ظروف استخدام الغواصة التي حاولت انتشال ضحايا الزورق الغارق قبالة طرابلس بدعم من مغتربي طرابلس في استراليا ، لدفنهم بطريقة لائقة بهم واقفال هذا الملف – المأساة ، والتي لم تتمكن من إتمام مهمتها لأسباب خارجة عن ارادتها بعد العراقيل العديدة التي اعترضت عملها وعدم قدرتها على تعويم المركب الغارق المنغرس في الطين تحت الماء ، وعدم إمكانية سحب الجثث منفردة لعدم توفر التجهيزات المطلوبة ، وتكلم عن ضرورة استقدام غواصات بمواصفات وقوة أعلى وكلفتها عدة ملايين من الدولارات لتصل الى الأعماق وبإمكانها رفع الزورق الغارق وعلى متنه ما تبقى من الجثث .

وفي الختام أعلنت رئيسة جمعية “أقوى فوندايشن” رولا فاضل التوصيات الآتية:

أولا: اطلاق حملة توعية تتولى القيام بها جمعية “أقوى” بالتعاون مع منصة جسور الإعلامية ، وبرعاية وزارة الإعلام وتشارك مع الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، ووسائل التواصل بهدف الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والتنبيه الى مخاطرها وذلك عبر تنظيم سلسلة برامج تلفزيونية وندوات في المناطق وعبر التواصل المباشر مع الشرائح الإجتماعية، لوقف هذه الظاهرة.

ثانيا: إعداد مشروع قانون لتجريم كل من يشارك او يتدخل أو يساعد فيتنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية والغاء أي استثناء في القانون يسمح بإستمرار القيام بهذه الأعمال من دون عقاب، وهنا نتمنى على النواب تبني هذه الفقرة.

ثالثا: إعداد مشروع قانون يفرض ضرائب على العمالة الأجنبية في لبنان وتسجيل عائد هذه الضرائب لصندوق مستقل يخصص للمساعدات الاجتماعية ولإعانة العائلات المحتاجة.

رابعاً: إجراء مسح للمناطق التي تشهد النسبة الأكبر من الهجرة غير الشرعية وتشكيل هيئة مختصة من جمعيات المجتمع المدني للتواصل مع هذه العائلات ومساعدتها وتشجيعها على رفض الهجرة غير الشرعية والتوعية على مخاطرها”.”

من هي “أقوى ” (Acua)
تأسست منظمة “أقوى ” لتضم ملتقى للباحثين والناشطين من مختلف القطاعات يجمعهم هدف واحد هو تحقيق العدالة الاجتماعية انطلاقاً من مبدأ التنمية الإقتصادية والبشرية للمجتمعات ، وهي مبادرة لتطوير الإمكانيات وتأهيل الخبرات البشرية ، والتوعية حول ضرورة الحد من الفقر وعدم المساواة خاصة في المناطق النائية والمهملة .
وتشكل التنمية البشرية طليعة أهداف ” أقوى” وتمكين الفئات المهمشة تحت مظلة تعزيز واحترام حقوق الإنسان بالتعاون والتنسيق مع الباحثين وصانعي القرار وذوي الخبرات في سبيل إحداث تغيير إيجابي في المجتمع .

[email protected]

عدسة nextlb.com

لمشاركة الرابط: