الأرضُ لمْ تُغيِّرْ ثَوْبَها القَديمْ
ولَمْ تُجافِ زَمَناً مضى
وَلَمْ تُفارِقْ هَمّها الْمُقِيمْ
وَحُلْمَها بالصّفْوِ والرِّضى
وفيها لا يَزالُ يسرُقُ اللئيمُ
ضِحكة الكَريمْ.
ولا تزالُ النّارُ تَشْرَبُ النّدى
وَضِحْكَةُ الجلّادِ في فضائها
تَمتَدّ كالصّدى
وَفيها رنّةُ الْفؤوسِ تُذهلُ الْمَدى
وَفي دُروبِنا، يُجَلْجِلُ الصّراخُ عالِياً
وَيَرْكَبُ الْجنونُ خَيْلَهُ
تَحمِلُنا إلى حِياضِ القَهْرِ والرّدى.
الأرضُ لا تَزالُ في دُوارِها
وليلُها يَسْرُقُ مِنْ نَهارِها
وَوَرْدُها مُحْتَرِقٌ بِنارِها
والشّوكُ يَطْلُبُ الغِذاءَ مِنْ أشْجارها.
و”التّينَةُ الْحَمْقاءُ”، ما لَوَتْها رَحْمَةُ الرّياح
كَأنَّ فِيها شاهِداً على الأسى القديم والجديد
فَغُصْنُها الشّقيّ لا يَزالُ حامِلًا
مِشنقةَ الْمُجْرِمِ والشّاهِدِ والشّهيد
وفي ظِلالِها كَمائنٌ
تنشرُها الذّئاب للضّعيفِ والشّريدْ
وَأنْتِ يا طُيورُ كَمْ سَكِرْتِ بالنّدى،
وَفي الصّباحِ كَمْ رَقَصْتِ رِقْصَةَ الوداعْ
قُبِيْلَ أنْ يَحْمِلُكِ جَناحُكِ الوَديعُ
في رِحلاتِهِ
في الحرّ أوْ في الْبَرْدِ والصّقيعْ
في زَمَنٍ يَضيعْ.
وَكَمْ دَعاكِ صوْتُكِ الفَريدْ
أنْ تُنْشِدي لِلْغيْمِ والشّعاعْ
أُنْشُودَةَ الْهيامِ والفناء
على حُدودِ الْمَوْتِ والْبَقاءْ،
وفي الجَناحِ، مِنْكِ رِحْلَةُ الصّقيعِ
حِينَ يَعْبِسُ الشّتاءُ
وَخَفْقَةُ الْغُصونِ حِينَ يَرْقُصُ الرّبيعْ.
28/03/2019
* يوسف نخلة : مدرس لغة عربية وأديب من بلدة عانا البقاعية