ندوة حوارية عن دور المؤسسات العسكرية في ضمان احترام حقوق الإنسان خلال الأزمات

أقامت مؤسسة “كونراد أيدناور” و”المنتدى الوطني للأمن الإنساني” بالتعاون مع الجيش اللبناني – مديرية القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، في فندق “لانكستر بلازا” ببيروت، ندوة حوارية حضورية وعبر تقنية “زوم”، حول “دور المؤسسات العسكرية والأمنية في ضمان احترام حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني خلال الأزمات”، بمشاركة ممثلين عن منظمات الأمم المتحدة الإنسانية وضباط في الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي واليونيفيل ومتخصصين في مجال حقوق الانسان والقانون الدولي، وأدار الحوار الدكتور إيلي مخايل.

باور
استهل الحوار بكلمة للدكتورة ماريا نجيم، ثم تحدث ممثل مؤسسة “كونراد أيدناور” مايكل باور، فتطرق الى ورش العمل والإجتماعات التي جرى تنظيمها في الفترة الأخيرة، والتي ناقشت دور الأسرة الدولية والمؤسسات العسكرية والأمنية في إطار الإستجابة اللازمة في لبنان، وجرى وضع التوصيات بعد التعاون مع عدة جهات من المجتمع المدني والقوى الأمنية والأسرة الدولية والعالم الأكاديمي.
وشدد على أهمية الموضوع الذي يتم التطرق اليه اليوم، داعياً الى “عدم تهميشه أو التطرق اليه بطريقة سياسية تشوبها المواجهات في إطار الخطاب السياسي لا سيما في الحديث عن دور المؤسسات العسكرية والأمنية خلال الأزمات ، خصوصاً خلال الظروف الراهنة في لبنان”.

سلامة
بدوره، أشار مدير “الملتقى الوطني للأمن الإنساني” الخبير في شؤون الأمن الإنساني الدكتور عماد سلامة الى أن “الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية تستحوذ على ثقة عالية من اللبنانيين بشكل عام، وأن لا مجال للمقارنة بينها وبين المؤسسات الأخرى في الدولة اللبنانية التي تئن حاليا”.
ولفت الى أن “هناك شرخ بين المواطن اللبناني وبين دولته وهو يؤسس لنوع من حال رعب كون المواطن لا يستطيع الحصول على أبسط مقومات الحياة اليومية مع ارتفاع معدلات الفقر في البلد”.
وشدد على أن “المؤسسات الأمنية اللبنانية تواجه اليوم تحديات مصيرية خصوصا مع ارتفاع السخط الشعبي من الأوضاع الى جانب الإنقسام الأفقي والعمودي الذي يطال كل فئات المجتمع، وبالتالي يصبح تحقيق الأمن الإنساني من الأولويات”.
وإذ أكد أهمية “دور المؤسسة العسكرية خلال الأزمات الكبرى في حماية الإنسان أو العكس، كما في الأنظمة العسكرية، حيث تستخدم المؤسسة العسكرية لقمع المواطنين وإرهابهم وتتحول السجون الى مراكز للتعذيب والإرهاب ويتم فيها تجاوز كل مواثيق حقوق الإنسان ما يؤدي الى المزيد من التطرف والعنف”، قال: “إلا أننا في لبنان، نعول على المؤسسة العسكرية في حماية الحقوق المدنية ودورها في فض النزاعات والمواجهات التي تأخذ غالباً طابعاً طائفياً ومناطقياً ، هذه المؤسسة المؤتمنة اليوم أكثر من أي مضى على حماية أمن اللبنانيين وممتلكاتهم العامة والخاصة”.
وأوضح أن “قدرة الجيش على حماية الحقوق تكمن في التكامل والتعاون بينه وبين المجتمع المدني”.

رزق الله
من جهته، أكد ممثل الجيش اللبناني العقيد زياد رزق الله أن “حقوق الانسان هي حاجة فردية لكل مواطن توازي حاجته للماء والطعام وهي ليست خياراً بل واجبة الوجود، وكل عبث بقواعدها ونظامها يولد الأزمات المتتالية”.
وقال: “رغم هشاشة الوضع اللبناني بشكل عام، وحتى عندما كانت البلاد تمضي باتجاه الاستقرار والسلم الإجتماعي، كانت تظهر أزمات متعددة سرعان ما تهز هذا الإستقرار حتى وصلنا الى الحولين الأخيرين وما رافقهما من أزمات متعددة، كالأزمات الإقتصادية والكوارث الطبيعية، وتلك التي هي من صنع الإنسان. فانبرت المؤسسة العسكرية بما لديها من قدرات وإرادة للتصدي لها، وتجلى دورها في كافة مراحل الأزمة من الإستجابة الأولية الى الإغاثة والإسعاف والتخفيف من وطأتها الى جانب حفظ الأمن على كافة الأراضي اللبنانية منذ ثلاثة عقود”.
أضاف: “إن خطورة الصلاحيات التي يمارسها عناصر الجيش اللبناني وأثرها المباشر على الفرد والوطن ، دفعت بقيادة الجيش الى اتخاذ خطوات منهجية لتحقيق التوازن بين الأمن وحقوق الانسان، فأنشأت مديرية القانون الإنساني وحقوق الإنسان في عام 2015، ومن إحدى مهامها تلقي الشكاوى عند حصول أي انتهاك والعمل على معالجتها، بالإضافة الى تأمين التواصل مع منظمات حكومية وغير حكومية معنية بهذا المجال للعمل على تعزيز هذه الحقوق خلال ممارسة الجيش لمهماته”.
أضاف: “كما أصدرت قيادة الجيش مدونة قواعد السلوك المتعلقة بإستخدام القوة والأسلحة النارية خلال عمليات انفاذ القانون كمستند مرجعي دائم أعد بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الانسان، تكريساً لرؤية الجيش اللبناني وقيمه المتجذرة عبر مؤسسة ملتزمة بالقوانين والمعايير الوطنية والدولية. الى جانب التعليمات المشددة بإستخدام القوة في الحد الأدنى اللازم واتخاذ الإجراءات التأديبية بحق من يخرقها”.
وتطرق الى دور الجيش خلال مواكبته للحراك الشعبي حيث “سعى للتوازن بين حق المواطنين في التظاهر والتجمع السلمي وبين حقوق المواطنين الآخرين، وأمن قدر المستطاع التجمعات السلمية رغم الإعتداءات التي تعرض لها”.
الحاج
أما المديرة الإقليمية لمفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة رويدا الحاج فأعطت أمثلة عن أماكن عملت فيها “لم يكن الوضع سهلاً وكانت تواجه نزاعات كبيرة، بما فيها لبنان الذي شهد تطوراً تصاعدياً في مشاكله خصوصاً مع ارتفاع حدة الأزمة الإقتصادية والإجتماعية”، مشيرة الى أنها كانت لها “علاقة بناءة مع السلطات اللبنانية وتحديداً المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد”.
وقالت: “إن عمل الشرطة العسكرية مختلف عن الجندي الموجود في قلب المعركة، وبغض النظر عن هذه الوظائف فإن قوى الأمن هي في الخطوط الأمامية لحماية حقوق الانسان، وبالتالي يجب أن تكون قادرة على أن تفهم وتحترم وتحمي حقوق الأشخاص الذين تتعامل معهم وتتولى حمايتهم”.
أضافت: “الجيش اللبناني ليس ضابطة قانونية لبنانية ولكنه يلعب هذا الدور ويغطي كل الحدود اللبنانية، إنما في كل الظروف سواء أكان تفويضه قانونياً أم عسكرياً فإن حقوق الإنسان تنطبق على كل ذلك في أوقات السلم كما في أوقات الحرب”.
وأعطت أمثلة عدة عما شاهدته في العراق واليمن وأفغانستان، مشددة على “ضرورة التقيد بالقوانين الانسانية الدولية وبالمعايير التي تهدف الى حماية كل فرد من التجاوزات السياسية والاجتماعية والقانونية وغيرها وضمان كل حق من حقوق الفرد”، مؤكدة أن “من واجب العسكريين احترام هذه الحقوق وأن يكونوا على علم بإطار حقوق الانسان، ولبنان صدق على معظم الإتفاقيات الدولية بإستثناء اتفاقيتين تم التوقيع ولكن لم يتم التصديق عليهما بعد”. وأعادت التذكير بمدونة الأمم المتحدة والمعايير حول حقوق الانسان.

جبور
وأوضحت نائبة رئيس اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب مديرة مركز Restart الناشطة المدنية سوزان جبور أن “الدولة المعطلة تشكل بحد ذاتها تهديدات إنسانية خطرة في مجال العلاقات المدنية – العسكرية”. وقالت: “على الرغم من أننا دولة مضطربة، ومعاناة الشعب اللبناني على المستويات الإقتصادية والإجتماعية، الا أن مساحة التعاون مع المؤسسات الامنية والمجتمع المدني ما زالت قائمة ومتوفرة في عدة مجالات أهمها الثقة بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأمنية ونجاح الشراكة بين الجانبين”.
وأعلنت عن مذكرة تفاهم مع قوى الأمن الداخلي وأخرى في طور التوقيع مع مؤسسة الجيش اللبناني، مشيدة بجهود العقيد رزق الله من أجل “السماح لمؤسسات المجتمع المدني بالحصول على معلومات من مراكز الإحتجاز والسجون، وهذا ما ستشمله مذكرة التفاهم التي يجري العمل عليها مع الجيش”.
ولفتت الى أن “التعاون مع الجيش والمؤسسات الأمنية له مجالات واسعة أهمها في ملف السجون وأماكن الإحتجاز، وأن هناك تعاوناً يومياً مع المؤسسات الأمنية ووجود مؤسسات المجتمع المدني داخل المؤسسات الأمنية يعطي شفافية إضافية لعملها ويوفر حالاً من الإطمئنان للأشخاص الذين هم في عهدة المؤسسات الأمنية بأن حقوقهم الإنسانية مصانة”.
ودعت الى “تعزيز الرقابتين الداخلية والخارجية في المؤسسات العسكرية والأمنية بما يزيد من ثقة المواطن بتلك المؤسسات، والسماح للمجتمع المدني القيام بدور رقابي خصوصاً في أماكن الحرمان من الحرية وليس الإكتفاء بدوره كشريك في تقديم الخدمات التي تعجز الدولة عن تقديمها”.
وفي الختام فتح باب النقاش والحوار بين المشاركين.

المصدر : وطنية

لمشاركة الرابط: