خاص – عاطف البعلبكي
عبدالكريم أبو خضورة شاب فلسطيني من قطاع غزة في السادسة والعشرين من عمره ، درس العلوم السياسية في الجامعة على أمل أن يعمل في الحقل الديبلوماسي ، ولكن الوضع داخل قطاع غزة الذي صار أشبه بسجن كبير ، تحول الى مقبرة للآمال والطموحات كما يقول عبد الكريم ل nextlb ويضيف ” كنت أتمنى أن أكمل دراستي وأن أعمل في هذا المجال ، ولكن وبعد دراستي للعلوم السياسية التحقت بكلية الحقوق ولم أكمل بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تحيط بالقطاع من كل جانب ، ما أجبرني على التوقف لمدة 5 سنوات تقريباً ، وحالياً أحاول أن أكمل بدراسة الإعلام من جديد”.
أبو خضورة الذي كان يضع لمسات الفنان الأنيقة على لوحة ضخمة للشاعر الكبير محمود درويش قال ” الرسم موهبة وربما بسببه ما زلنا على قيد الحياة في ظل الظروف والأوضاع المريرة التي يمر بها قطاع عزة المحاصر من الإحتلال الإسرائيلي منذ سنوات ، وأنا لا أرسم فقط كي أملأ الفراغ ، بل أملاً بمستقبلٍ أفضل ، وربما تكون همومي نقطة في بحر من هموم الشباب الغزاوي والفلسطيني بشكل عام العاطل عن العمل والمسدود الآفاق والمحطم الأحلام ، أو لم تتح له فرصة للعمل بعد وسط هذا السجن الكبير”.
الرسم بالرصاص
يرسم أبو خضورة لوحاته بشكل أساسي بقلم الرصاص ويوضح ل nextlb قائلاً “أحب الرسم بقلم بالرصاص لأنني أرى فيه حيوية وإحساساً صادقاً نابعاً من وجدان الرسام ، وأستطيع أن أرسم بخامات متعددة ولكن أحب الرسم بالرصاص الذي طورت من أساليبه منذ سنوات عديدة بداية لأنه كان هو المتوفر لي منذ الصغر ، ولأن الماركات الجيدة من الألوان الزيتية وغيرها كانت ولا زالت غير موجودة في قطاع غزة ، وإن وجِدت فتكلفتها عالية جداً وليست في متناول الهواة ولا حتى المحترفين ، وجميع الأعمال التي أرسمها هي خاصة بي ولم يتسن لي عرضها في معرض فني من قبل “.
-في أي عمر بدأت بهواية بالرسم ؟ يجيب أبو خضورة ” منذ الطفولة ولكن الإهتمام الأكبر والتركيز في مجال الرسم كان منذ عام 2016 ولم أتعلم الرسم لدى معلم ، بل بمحاولات ذاتية متكررة ، ومع مرور الوقت والمحاولات الكثيرة وصلت لهذا المستوى الذي تراه “.
– أتممت رسم الشاعر والأديب محمود درويش ، لماذا رسمت درويش ؟ يجيب ” كان سبب اختياري لشخصية الشاعر محمود درويش من بين الشخصيات العربية والفلسطينية المعروفة هو حبي لشخصيته وتأثري به وبشعره منذ الصغر وهو من أعلام العالم العربي ، ومن أعلام الشعب الفلسطيني كذلك “.
وعن دور الأهل في تكوين هذه الهواية يقول أبو خضورة ” أهلي هم الداعم الوحيد لي في مسيرتي منذ البداية ، فأنا لم اترك القطاع نهائياً ولم أسافر الى أي مكان في العالم حتى حينه ، وأهل غزة لا يستطيعون مغادرتها بسهولة ولا العودة كذلك ، والسفر مكلف ويحتاج لإجراءات معقدة ، ومن تمكن من المغادرة “ما بيفكر يرجع لهالسجن “والسيطرة على المعابر لحركة حماس من الداخل وللعدو الإسرائيلي من الخارج ، وحتى معبر رفح الذي هو تحت السيطرة المصرية هناك صعوبات كبيرة في الخروج منه والعودة “.
هل ترسم فقط ال “بورتريه” أم صورأً أخرى مثلا للمدن الفلسطينية : من القدس الشريف والمسجد الأقصى الى يافا وحيفا والمناظر الطبيعية ؟ يجيب الرسام عبد الكريم بهدوء ” بإمكاني رسم أي موضوع أراه ، ولكنني أركز على الموضوع الذي أحس بتأثيره في نفسي ، ويجب أن يلمس الموضوع في داخلي إحساساً معيناً حتى أقوم برسمه ، وهذا الجهد يتطلب ساعات عديدة من التركيز والرسم وصولاً للمسات النهائية ، لكن لو حصل لي موقف معين أو شاهدت صورة
وتأثرت بها فمن الممكن أن أرسمها ، وقلم الرصاص ليس عنده حدود في الرسم”
ويختم أبو خضورة بالقول ” يبقى الرسم هو الملاذ الأخير لي في كل حدث نمر به ، وسنظل نرسم أملاً وسط ذلك الألم الذي أصبح جزءاً من حياتنا اليومية هنا في قطاع غزة وفي كل فلسطين المحتلة ”
[email protected]