نظم “مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية”، بالتعاون مع مؤسسة “هانز زايدل” الألمانية، على مدى يومين، ورشة تفكير ونقاش بعنوان “تدريس التاريخ في لبنان: الأزمة المستمرة”، في إطار مقاربة أزمات مركبة، على تماس مع الواقع اللبناني المعيوش، لها امتدادتها في مجالات متعددة.
تعاقب على الكلام في الجلسة الإفتتاحية رئيس “مركز تموز” أدونيس العكره، المسؤول الإقليمي لـ”هانز زايدل” كريستوف دوفارتس ومندوب المؤسسة في لبنان طوني غريب ومنسق أعمال الورشة سيمون عبد المسيح.
وتضمنت الورشة ست جلسات عمل، قاربت العناوين الآتية: أزمة منهج التاريخ في لبنان ما بعد الطائف وإمكانية التسوية، إشكالية كتاب التاريخ المدرسي الموحد، الجمعيات والهيئات التربوية والشبكات المدرسية ومساهماتها: كيف تأخذ الأبحاث والمناقشات والتوصيات طريقها إلى التجديد خارج المسار الرسمي، إعداد مدرس التاريخ وبرامج التنمية المهنية، تدريس التاريخ في بعض المؤسسات والشبكات المدرسية: نماذج وتجارب مميزة، النظرية البنائية والتربية على المواطنية. وقدمت في الورشة خمس عشرة مقاربة، تولاها أساتذة جامعيون متخصصون في التاريخ وباحثون وتربويون (علم النفس التربوي) ومؤلفون مشاركون في وضع مناهج التاريخ وسلاسل كتب التاريخ.
وخلصت الورشة إلى رؤى وتوصيات، ضمها البيان الختامي وهي:
“أولا- أزمة مادة التاريخ/ في الخلفيات والوقائع
ثانيا- في إشكالية كتاب موحد لتدريس التاريخ؟
ثالثا- في منهج مادة التاريخ والبعد المعرفي ومسألة التحويلات الديداكتية (التعليمية(
رابعا- في المقترحات والتوصيات
أ- وفق الباحث كمال الصليبي (بيت بمنازل كثيرة)، لكي يعيش اللبنانيون بسلام وتعاون، لا بد لهم من التوصل إلى إجماع حول ماهية الشيء الذي يجعل منهم أمة أو دولة أو مجتمعاً سياسياً، وشرط كل ذلك الاتفاق على نظرة مشتركة إلى ماضيهم (أي إلى تاريخهم(.
ب- في تعاطي التاريخ، تأريخاً وتدريساً، ينبغي إعطاء الأولوية للتاريخ الإجتماعي والإقتصادي، وكذلك الفني والثقافي، فتتقدم على التاريخ السياسي، الذي يثير الكثير من الخلافات، إلى حد الصدام.
ج- تقليص المعرفة التاريخية، التي تحتوي على هامش من الخطأ، لصالح معرفة تاريخية قائمة على المهارات والتدريب.
د- إعادة نظر نقدية، في المقاربة التقليدية لتعليم التاريخ، بإتجاه تقوية المنحى الإبتكاري، والإبتعاد عن خيار السرد الواحد، وإفراد مساحة واسعة أمام الطالب، كي يمارس التحليل، واستقصاء المواضيع وتكوين استنتاجاته الخاصة.
هـ التركيز على ديداكتيك التاريخ، بعناصره وركائزه العملية التطبيقية، القائمة على تدرج بيداغوجي – بنائي – تقويمي، من التشخيصي، إلى التكويني، إلى التقريري النهائي، وفق الإستراتيجيات المساعدة على التعلم.
و- التحفيز على إدخال تكنولوجيا التعليم في عملية تدريس التاريخ.
ز- ضرورة تحديث الأهداف من كتابة التاريخ، وربط تعليم التاريخ بالمواطنية، والتربية عليها. وإلى ذلك، تعليم التاريخ كوسيلة لتوطيد السلم الأهلي وإعادة بناء المجتمع.
ح- كون ما بعد جائحة كورونا ليس كما قبلها، ينبغي تفعيل تعلم التاريخ عن بعد، بجعله تعلما نشطا، عبر ابتكار آليات عمل متعددة، وتسخير مهارات الطلبة، في إطار عمل تشاركي، بما يشجع على تبادل الأفكار وتنمية مهارات التواصل والحوار وتخفيف النزعة الأنوية (طريقة لعب الأدوار – تمثيل شخصيات تاريخية ومواقف تاريخية الخ).
ط- الإفادة من الأطر البحثية المهتمة بالتاريخ، في عدادها، تمثيلا لا حصرا، “الهيئة اللبنانية للتاريخ” (LAH)، التي تنظم دراسات وورش عمل حول كتابة التاريخ وأساليب تدريب معلمي التاريخ وتأهيلهم إلى قضايا أخرى. كما الإفادة من تجارب حول قضايا، خارج منهج التاريخ المعتمد، كالحرب الأهلية وسواها من قضايا، هي بمنزلة “تابوات” (Tabous)، وبما يضفي حيوية على مادة تدريس التاريخ.
ي- يجب تبادل النصوص والوثائق بين المعلمين، مع إنشاء منصة لهم، لنشر الطرائق الناشطة في التعليم، على مستوى الوطن.
ك- عودة كلية التربية، في الجامعة اللبنانية، إلى دورها الأساسي، في الإعداد الأكاديمي، بدلا من اقتصار هذا الدور على إجراء الدورات التدريبية للمعلمين.
ل- محاذرة تكليف معلمين، غير مختصين بالتاريخ، بتعليم المادة، لا سيما المتعاقدين، الذين لا يملكون أية مهارة تعليمية.
م- تشجيع معلمي التاريخ على متابعة دورات تدريبية، مع حوافز (تدرج – مبلغ من المال – الخ)، وعدم استثنائهم، تحت أي ظرف، من التدريب.
ن- التنسيق بين مناهج التعليم ما قبل الجامعي والمناهج الجامعية، حتى يكون عبور طبيعي وسلس إلى مناهج المرحلة الأخيرة.
س- تعديل مسابقة التاريخ، القائمة راهنا على تغييب المعلومات وتهميش المنحى النقدي، سواء على المستوى الجامعي، أو في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي.
ع- زيادة عدد ساعات تعليم مادة التاريخ، كي تتماشى مع استراتيجيات التعليم الحديثة.
ف- نظراً لأهمية الموضوعات، التي تمت مناقشتها، وكذا أوراق العمل والمداخلات التي أدلي بها، يوصي المشاركون في الورشة بإصدار أعمالها بين دفتي كتاب، بعد تجديد الصياغات لبعض المحاضرات”.
المصدر : وطنية