الفنان أسامة الخطيب ل “nextlb” البيت التراثي الثقافي حُلمي والهدف وضع شبعا على الخارطة السياحية التراثية اللبنانية

كتبت إكرام صعب
هناك…عند أدراج شبعا الأثرية والتي سرعان ما تأخذك الى عالم آخر وأنت تنقل أقدامك عليها ، أدراج تشبه الى حد كبير أدراج مدينة اسطنبول التركية، يأسرك التجوال في إحدى حارات البلدة القديمة التي تحمل بصمات لعائلة عريقة سواء في النشاط السياسي أو التاريخي والثقافي والأدبي
هي عائلة الخطيب الشبعاوية الأصيلة ،عرفت بمنازلها التراثية في “حي السلالة” في الوسط القديم لبلدة شبعا المزروعة في حضن جبل الشيخ كما عش النسور .
كثيرة هي حكايات أهل هذه الحارة التي أعطت النواب والأدباء والفنانين والوجوه الثقافية ورجال الأعمال الذين لمع اسمهم في لبنان والعالم.

“حارة السلالة “
نزولاً على تلك الأدراج التي تأخذك من الطريق العام للبلدة الى “حارة السلالة ” ، وهي بالمناسبة ،سميت بهذا الإسم نسبة لمجموعة من صانعي سلال القش والخشب الذين كانوا يعيشون فيها كما روى الأجداد ، يستوقفك منزل أثري قديم أعاد ترميمه أحد أبناء عائلة الخطيب بشكل جيد لتدب فيه الحياة وسط مجموعة من البيوت المتشابهة البناء التراثي الحجري التي تركها أصحابها على حالها ورحلوا..!


هو أسامة الخطيب المعروف بظهوره الموسيقي الفني في فرقته الفنية التي اختار لها اسماً جدلياً : “المخادعون” ، ينحدر من عائلة فنية ثقافية سواء لناحية الأب أم لناحية الأم فخالاه هما الفنان الراحل حسين الخطيب والموسيقار الشهير نبيه الخطيب ، مؤسس إحدى أهم الفرق الموسيقية العربية التراثية ، وقريبه الفنان التشكيلي حسين ماضي ، وإبن عمه النائب السابق والمؤرخ والمربي منيف الخطيب .
من منزل مهجور الى مركز ثقافي تراثي
على الرغم من كل الصعوبات التي نعيشها في لبنان في الوقت الحاضر يشدك ما يقوم به الفنان أسامة الخطيب في بلدة شبعا البعيدة الحالمة والرابضة بهدوء عند سفح جبل الشيخ ، والبعيدة حالياً عن الأضواء والنشاطات الثقافية ربما لبعدها الجغرافي الذي تدفع ثمنه قرى وبلدات الأطراف لحساب المدن والعاصمة بيروت .


فإلى جانب تفاصيل “حي السلالة ” التراثي الجميل ، جاء حلم الشاب اسامة ليضيف تفاصيل جديدة تضع هذا المنزل مستقبلاً على خارطة البيوت الثقافية والتراثية ، وليحول أحد بيوت هذه الحارة الى محترف ومركز تراثي ثقافي في محاولة منه لوضع شبعا مجدداً على لائحة الخريطة السياحية والثقافية والتراثية اللبنانية ، طبعاً ، فيما لو تيسر له بعض الدعم وسط هذه الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان وبخاصة المناطق اللبنانية البعيدة .


nextlb التقى منفذ هذه الفكرة الحالمة ، أسامة الخطيب الفنان والموسيقي ومهندس التراث ، ليشاركه حلمه الجميل بتفاصيله الدقيقة :” هذا بيت حسين الخطيب جد والدتي” يوضح الخطيب مسترسلاً بالتفاصيل فيقول” إشتريته من ورثته ، منذ طفولتي أحببت أن يكون لي بيت خاص بي كي أترك فيه بصمة خاصة بعيداً عن بيت العائلة ، هو بيت مميز من حيث طريقة البناء والطابع المعماري التراثي والمساحة ، له روايات عديدة تاريخية وسياسية حيث أن ابن مالكه حسين ويدعى علي الخطيب ، وهو بالمناسبة خال والدتي ، كان من الثوار الذين شاركوا مع القائد أحمد مريود ومع والد النائب السابق منيف الخطيب ، أحمد الخطيب ، في محاربة المحتل الفرنسي في العشرينيات من القرن الماضي ،وعرف عنه بأنه شارك في عملية محاولة الإغتيال التي نفذت على الجنرال غورو في منطقة القنيطرة السورية في عام 1921 وحكم عليه بالإعدام واضطر حينها أن يهرب الى كوبا ، وهناك تعرف على الثائر العالمي باتيستا وقيل أنه أكمل عمله السياسي من خلال تعرفه على الثائر تشي غيفارا وكاسترو ، وساهم في الثورة الكوبية ، وبنفس الوقت بقي على الأرجح مع باتيستا وصار من المستشارين المقربين منه في كوبا .


يضيف الخطيب :” قمت بترميم البيت وعندي خلفية من خلال دراستي لعلم الآثار وحاولت أن لا تتعارض عملية الترميم مع تفاصيل المنزل الأساسية ، دون أية إضافات على البناء ، مع المحافظة على كل التفاصيل والأدوات والأثاث الذي كان موجوداً فيه ، وأسعى لإضافة أثاث جديد من نفس الطراز والنوع من بعض العائلات التي ما زالت تحتفظ بأثاث قديم من تراث الأجداد يناسب الفترة التاريخية للمنزل “ويتابع : ” اشتريت هذا البيت منذ ثمانية أعوام لكني بدأت عملية الترميم بجدية منذ عامين مستعيناً بنفس نوعية الحجر التي بني بها البيت وجلبتها من صخور حي “الوسطاني” في شبعا كي أحافظ على نفس نوعية الحجارة في المبنى ونفس الشكل من دون تغيير في التراث المعماري القديم لبلدة شبعا “.
مركز ثقافي ومكتبة عامة
يفكر الشاب الطموح أسامة بتحويل الطابق السفلي من البيت التراثي القبو او كما يعرف في شبعا “الأرضية ” الى محترف ومكتبة ، يعمل حالياً لهذه الغاية بجمع التبرعات والمساعدات العينية من الكتب تحضيراً لإنشاء نواة لمكتبة عامة في قبو المنزل وبمساحة تبلغ 60 متراً مربعاً تجهز برفوف لترتيب الكتب .


حول فكرة المكتبة يشرح الخطيب فيوضح: ” أحاول جمع أكبر عدد ممكن من الأبحاث والكتب لمختلف الإختصاصات الجامعية لأضعها في متناول طلاب البلدة الذين يجدون صعوبة في الوصول الى المكتبات العامة والقيام بالأبحاث المطلوبة منهم “.
ولا ينسى الخطيب كتب الأطفال كذلك لتشجيعهم على القراءة ، ويسعى الى تزويد محترفه بالكتب والأدوات التراثية والآلات الموسيقية ، عبر قبول التبرعات العينية وكتب المكتبات الخاصة من قضاة وأطباء ومثقفين ، ومن خلال التواصل مع مكتبات الجامعة العربية والجامعة الأميركية بالإضافة الى مشاركة عدد من الفنانين التشكيليين الذي يتبرعون بأعمالهم الفنية وبأدوات الرسم ، ما قد يساعد على تحويل جزء من المشروع الى محترف تنظم فيه الدورات التدريبية ولإقامة معرض فني دائم ومتجدد ويردف : ” كثر من الأصدقاء زاروا البيت ومعظمهم من الفنانين ولكن لا زلنا بعيدين عن الإعلام ، وهناك العديد من المشاريع في بالي وقد ننطلق لترميم بيوت أخرى مجاورة .
لا ينسى الخطيب أن يوجه الشكر الى كل من يدعمه ويخص خاله الفنان نبيه الخطيب الذي يسعى أيضا لأرشفة كل أعمال “فرقته الموسيقية التراثية “وخلق مجتمع ثقافي يجمع كل مثقفي البلدة وشبابها الذين يملكون إرثاً ثقافياُ في ركن خاص للشباب ، فأسامة الشاب الطموح يسعى للتواصل مع معظمهم وهم كثر كالكاتب محمد أبو سمرا مثلا والفنان حسين ماضي وغيرهم .
الهدف الحلم
يهدف هذا المشروع بشكل أساسي للإضاءة على تاريخ بلدة شبعا المنسي من الناحية الثقافية والفنية وتقديم المزيد للبلدة من خلال الخبرة والمعرفة المكتسبة ، والتعريف بتاريخ بلدة شبعا من خلال الزيارت للمنزل والمحترف التراثي ، وعن ذلك يوضح الخطيب ويقول :” أبذل كل جهد لتنمية فكرتي وقد لاقيت الدعم من بيروت وصيدا والتشجيع من بلدتي شبعا وأقوم بالمشروع بشكل شخصي بعيداً عن أي دعم سياسي أو مادي وهدفي تعريف الناس على شبعا التي أحبها ولها في قلبي كل الحنين ، أريد أن أستمع لأحلام أطفال شبعا ومواهبهم ، وقد تواصلت مع إدارة الكونسرفاتوار الوطني الذي وعدني برعاية أية موهبة قد نتعرف عليها. واعتمد على علاقاتي الثقافية كي ادعمه ”
سيوفر هذا البيت التراثي ملتقى لمحبي المطالعة والثقافة والفنون من مختلف الأعمار ضمن بيئة هادئة ومحببة تجمع بين الأصالة والحداثة ، كما سينظم مجموعة من الدورات التدريبية وحصصاً لتعليم الأطفال الموسيقى واللغة وربما الحِرَف ، بالإضافة الى قراءة القصص ومشغل للرسم وأنشطة متنوعة من شأنها تنمية قدرات الإبتكار والإبداع في مختلف المجالات الثقافية والفنية لدى أفراد المجتمع المحلي ، ورفع الوعي بأهمية الثقافة والفنون وتمكين الشباب في شبعا ومختلف البلدات المجاورة من اكتساب الخبرات والمهارات وتطوير مواهبهم الفنية ، والإرتقاء بمستوى الثقافة والفنون في المنطقة ، وتأمين فسحة ثقافية وفنية لأبناء المنطقة لممارسة هواياتهم وتطوير قدراتهم ، والإهتمام بالموهوبين ورفع مستواهم الثقافي والفني والإجتماعي وصقله ومساعدتهم في الإستفادة من طاقاتهم الإبداعية ، وتوطيد العلاقات بين المركز والمراكز الأخرى ذات الأهداف المشتركة ، لأجل زيادة التفاعل الثقافي والفني وتقوية الترابط الإنساني.
وعن موعد افتتاح هذا المحترف الشبعاوي التراثي الثقافي ، يتوقع الخطيب في ختام اللقاء معه أن يكون خلال الربيع المقبل ، فهو يسعى وبجدية ليكون المنزل والبلدة على الخارطة السياحية والتراثية اللبنانية .
بطاقة
أسامة الخطيب مجاز في علم الآثار ، عمل في نادي الموسيقى في جامعة بيروت العربية فرع الدبية و متخصص بموسيقى الأطفال من مسرح وتلفزيون ورسوم متحركة مترجمة ، نال جائزة أفضل عمل درامي للأطفال في مهرجان القاهرة للتلفزيون والإذاعة ، مؤسس فرقة ” المخادعون ” ومدرس موسيقى في المركز الثقافي الروسي وفي العديد من الجمعيات ، له العديد من الأعمال مع كبار الفنانين : فيروز وزياد الرحباني وماجدة الرومي ومارسيل خليفة وأحمد قعبور
[email protected]

لمشاركة الرابط: