مهنة الخياط في طريق الزوال وإستيراد الملابس الجاهزة من الخارج سيد الموقف ..!

خاص – nextlb
كمعظم المهن القديمة التي تعتمد على الدقة واللباقة و”المعلمية” يتراجع الإهتمام بمهنة الخياطة وقد عرفها المجتمع اللبناني منذ القدم ، وكانت تتطلب المهارة اليدوية الى أن دخلت الآلة الى ميدانها لتحيلها شيئاً فشيئاً الى التقاعد .
فقدت مهنة الخياط بريقها في هذه الأيام حتى تكاد تندثر ، وقلما تجد خياطاً لازال يخيط القمصان والبدلات الرسمية وقمصان السبور كأيام زمان ، بل صارت المهنة كما يقول أحد أهم معلميها بلال سرحال في أحد أحياء الطريق الجديدة بأسى :” صرنا نعمل كملحقين بمحلات بيع الملابس الجاهزة لا أكثر ، ويقتصر دورنا اليوم على تقصير وتوسيع البنطلون والقميص وصيانة الملابس وتثبيت الأزرار والسحابات “.
ويضيف: ” راحت أيام زمان ، أيام عز الستينيات السبعينيات عندما كان الشاب الأنيق يفصل القمصان الرسمية والسبور بلونين أو أكثر ، مع طلبات خاصة من الأزرار والتعديلات الشخصية ، اليوم هو عصر الآلة التي تقص القمصان والبنطلونات بالمئات في كل قياس لتقوم أيضاً بجمع القماش المفصل ودرزه وتغليفه بالنايلون “.
ويضيف :” لقد هزمت الآلة الإنسان كما في كل مجال ومهنة ، ومعظم السوق اللبناني يستورد آلاف القمصان من الصين وتايوان وأندونيسيا وبسعر منافس لا يستطيع أي خياط أن يجاريه “.


ذكريات المهنة
وعن بداياته يقول سرحال: ” منذ البداية لم تكن هذه المهنة خياري ، ولكنني عملت في أحد محترفات الخياطة الصغيرة قبل الحرب الأهلية ، وفي مطلع السبعينيات إفتتحت عملي الخاص بهذه الأدوات التي تراها ، وهي ألمانية الصنع ، ولا تزال تعمل منذ أن اشتريتها في ذلك الحين مع المقصات والأدوات الأصلية “ويشير سرحال الى آلة قديمة لفتح العروة ودرز الياقات وتطريز الأكمام و” حبكة القماش” قائلاً بحسرة : ” هذه الآلات تكاد تخرج من الخدمة بعد نصف قرن من العمل لأن المعامل الأجنبية قضت على هذه المهنة للأسف”. ويتابع : “عادة ينشط عملنا في فترة الأعياد ومع بداية العام الدراسي ، ونتعاقد مع محلات البيع لتعديل مقاسات البنطلونات والقمصان ليس أكثر ” . وعلى صوت آلة الخياطة التاريخية ووسط الأكياس المرتبة فوق بعضها تسهيلاً لمعرفة أصحابها ، يقول سرحال بمرارة : “لا أعتقد أن هناك من سيتابع هذه المهنة من بعد جيلنا بعد رحيلنا للأسف ، فقد أصبحت لقمة العيش صعبة في هذا البلد ، لا حماية للمهن الصغيرة ولا للحرف اليدوية من الدولة ، والطمع بالربح السريع يدفع التاجر الى الإستيراد بكميات كبيرة من الخارج بحيث لا يتعدى سعر القطعة بضعة دولارات فقط بصرف النظر عن نوعية القماش وجودة التنفيذ ”
وعن نوعية الزبائن والذوق العام السائد حالياً يضيف سرحان بلهجته البيروتية المحببة : ” الزبون لا يدقق في هذه المسائل ، وهو لم يعد يملك الوقت أصلاً للإنتظار ولا للقياس وإعادة القياس في عصر السرعة ، للأسف لقد تغيرت عادات الناس كلياً في هذا الزمن ، والحال لا يسر كما ترى “.
مهنة أخرى تعنى بالمظهر والأناقة والذوق الفني في طريقها الى الزوال لتزول معها ذكريات حلوة من أيام الزمن الجميل .

[email protected]

لمشاركة الرابط: